الشرطة الأمريكية تعتقل 93 طالبا مؤيدا لفلسطين بجامعة كاليفورنيا    الرئيس الفلسطيني يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة    أخبار الأهلي: كولر يكشف عن الصعوبات التي تواجهة الأهلي أمام مازيمبي    جلسة تحفيزية للاعبي «يد الزمالك» قبل مواجهة سكيكدة الجزائري    تطوير ملاحة «سبيكة» بالعريش ومجمع صناعى للإنتاج    النقل تكشف الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى من الخط الرابع للمترو (صور)    ملحمة مصرية «تحت الأرض»| تنفيذ 19 كيلومترًا بالمرحلة الأولى للخط الرابع للمترو    "فاو" تنظم مائدة مستديرة حول العمل المناخي في قطاعي الثروة الحيوانية والألبان بمصر    ضمن أعمال الموجة 22، إزالة التعديات على 6 أفدنة بواحة الخارجة في الوادي الجديد    أخبار السيارات| مواصفات وسعر أوبل كورسا الفيس ليفت بمصر.. أودي A3 الهاتشباك الجديدة تظهر بهذه الأسعار    تقسيط شقق رفح الجديدة على 30 عاماً تنفيذًا لتوجيهات الرئيس    «الريادة»: ذكرى تحرير سيناء ستظل راسخة في عقول ونفوس المصريين    جيش الاحتلال: 41 عسكري قُتلوا و630 أُصيبوا منذ بدء العملية البرية بغزة    تزامنا مع اقتحامات باحات الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون صلواتهم عند حائط البراق    إيراني: الرأي العام العالمي استيقظ    حزب الله يستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا بالأسلحة الصاروخية    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    غادة شلبي: أعداد السائحين اقتربت من 15 مليون    أول قرار من جوميز بعد وصول الزمالك غانا استعدادا لدريمز    تشافي يكشف أسباب استمراره في القيادة الفنية لبرشلونة بعد قرار الرحيل    الدوري الإسباني، بيلينجهام خارج قائمة ريال مدريد أمام سوسيداد للإصابة    جاريدو عن أزمة مباراة نهضة بركان: قرار كاف ليس عادلا وهدفنا الفوز في الإياب    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. الإفراج بالعفو عن 476 نزيلاً    عقب سيجارة أحرق الهيش.. حريق بجوار مسجد في بني سويف    ضبط 2200 مخالفة مرورية وتنفيذ 300 حكم قضائي خلال 24 ساعة    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    الإفراج عن 476 نزيلا بمناسبة عيد تحرير سيناء    كارول سماحة شاعرة وملحنة في ألبومها الجديد    قومي المرأة ينظم برنامج سينما الطفل بأسوان    «أرض الفيروز» بمستشفى57357    هبة مجدي تحيي ذكرى وفاة والدها بكلمات مؤثرة    بالفيديو.. خالد الجندي: كل حبة رمل في سيناء تحكي قصة شهيد    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    أعظم القربات في الحر الشديد.. الإفتاء تكشف عن صدقة ودعاء مستجاب    قلل الشاي والقهوة.. نصائح مهمة لتجنب ضربات الشمس والإجهاد الحراري    للنساء الحوامل.. 3 وصفات صحية لمقاومة الرغبة الشديدة في الأكل    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    مدرب الترجي: سنعمل على تعطيل القوة لدى صن داونز.. وهدفنا الوصول لنهائي إفريقيا    رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات الأم الشقيانة
فى عيد الأم.. سيدات من ذهب خارج حسابات التضامن

تزامناً مع حلول عيد الأم والموافق غداً 21 مارس الجارى، قامت «الوفد» برصد أحوال الأم المعيلة من الطبقات الكادحة للتعرف عن قرب عن قصص رحلات الكفاح ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة وكيف تغلب كل منهن على مصاعب الحياة وحرصوا على تعليم أولادهن وبناتهن حتى الانتهاء من مراحل التعليم المختلفة وتزويجهن.
قصص وأسرار مدفونة داخل كل منهن ترويها ل«الوفد» لأول مرة نساء عرفهن البعض من العامة داخل المجتمع ست بمائة راجل، وألقاب كثيرة لُقبن بها نظراً لقيامهن بأدوار الست والرجل معاً والحفاظ على الأسرة من التفكك والحرص على تعليم أبنائهن، حتى التعليم الجامعى وليس الاكتفاء بالتعليم المتوسط، وتكملة رسالتهن على أكمل وجه.
رصد مراسلو «الوفد» داخل المحافظات عن قرب قصة رحلة كفاح كل منهن وتحملها فى السطور القليلة القادمة.
«أم نوال» تتحدى الزمن ببيع أسطوانات الغاز
قصتنا اليوم والتى تحمل معانى الكفاح والصبر والقوة والإرادة والإيمان صفات تجمعت لهذه الأم بطلة القصة الحاجة «نجاح محمد خضر السيد» أو الملقبة بأم نوال، التى بلغت من العمر 62 سنة، وتعمل فى مهنة توزيع أنابيب الغاز بقريتها كفر الصلاحات ببنى عبيد بمحافظة الدقهلية، حيث كانت تعول أسرة مكونة خمس فتيات «نوال وماجدة وفاطمة ونورا وسمر» جميعهن حصلن على دبلومات فوق المتوسطة ونجحت فى تزويجهن جميعاً فى رحلة شقاء ومسيرة عطاء.
تروى الأم الحاجة «نجاح» أو أم نوال، ذلك الاسم والذى عرفت به منذ خروجها للعمل مضطرة بعد وفاة زوجها عن عمر 39 عاماً، تاركاً لها خمس بنات أكبرهن وقتها نوال 12 سنة، وأصغرهن سمر وتبلغ من العمر عامين فقط.
حيث بدأت كلامها كأنها تتذكر هذا الحلم والذى وصفته بالحمل الثقيل والتى نجحت فى أن ينزل من على ظهرها، مرددة لم أكن أشعر يوماً بماذا أريد ولكنى انظر لأطفالى ماذا يريدون وألبى احتياجاتهم دون تقصير.. مستطردة مشوار حياتها، والتى بدأت بزواج تقليدى فى قرية تحمل الطابع الريفى البسيط «كفر الصلاحات» من زوجى «حافظ العدل حافظ» وكان يعمل فى توزيع الأنابيب، وعشنا فى منزل بسيط من الطين النى «اللبن» مكون من 3 حجرات، وسقفه بالسدة والغاب والقش أعلاه، ولا نمتلك سوى هذا المنزل، وعربة كارو وحمار، و15 أنبوبة كان زوجى يسرح بهم لكسب قوت يومنا، حيث كنت ملتزمة بمتطلبات زوجى كربة منزل أقوم بتربية الطيور، وخبز العيش الفلاحى، وطهى الطعام ورزقنا الله بخمس بنات، وكانت الحياة تسير برضاء وحمد لما نعيش فيه، ولم يشعر زوجى بأى مرض إلى أن جاء اليوم الذى شعر فيه وهو عائد من عمله باختناق فى التنفس ليرحل فى هدوء عام 1997 وعمره 39 عاماً، ومن هنا بدأت رحلة الشقاء والتفكير فى كيفية تسيير العيشة ومصاريف تربية الأولاد وليس لدينا مورد ولا أملاك ولا شيء نصرف منه، أو أحد يساعدنا فى المعيشة وهذا الأمر كان يحتاج للحكمة، والتضحية، ولهذا كان القرار فى خروجى ولأول مرة للعمل مكان زوجى كموزعة للأنابيب، وده كان غريب على قريتنا ولكن الحاجة، والضرورة تطلبت هذا وساعدنى على ذلك أهل القرية رغم أنها مهنة مشقة وتعب ولا يمتهنها سوى الرجال.
خرجت لليوم الأول أسرح بالأنابيب وكانت المشكلة فى أولادى ما زالوا فى سن صغيرة أكبرهم كانت نوال 12 سنة، وهى التى تحملت معى جزءاً من المسئولية، فكانت تذهب للمدرسة مع باقى أخوتها، وعند عودتها للبيت، وفى طريقها تأتى بشقيقتها الصغرى «سمر» من عند أختى فى أول الشارع، لتجمع أخواتها، وتراعيهم بتحضير وجبة الغداء، والتى أكون قد أعددتها لهم قبل خروجى للعمل، فليس لى وقت للرجوع لأنه رزق مكتوب، ووقت ما أخلص بيع الأنابيب أعود بفوارغ أنابيب الغاز للبيت، وأطمئن على البنات، ومذاكرتهن، ثم أتناول معهن طعام العشاء، وطبعاً حسبما تعودنا بيكون عبارة عن وجبة سخنة أرز و«زفر» فراخ وبط أى طيور من البيت فأنا أقوم بتربية تلك الطيور لأنها بتوفر بيض ونأكل منها، ونشترى ما نحتاجه من لحم أو سمك من الخارج فليس لدينا حيوانات نربيها، وحسب الموجود واللى ربنا يقدرنى عليه نعيش، والحمد لله لم أحرمهن من شيء وكل طلباتهم مجابة، مصاريف مدرسة ولبس مدارس، وفى العيد ملابس وعيدية، وطبعاً بالنسبة لأكلى طوال اليوم فمع عمل سندويتشات المدارس معى منديلى الكبير آخذ فيه كام رغيف وقطعة جبن وبقضيها حتى العودة لآكل مع بناتى.
عشت طول حياتى هدفى هو تربية بناتى، وتستيرهن بالزواج لأزواج يصونوهن ويتقون الله فيهن، ولم يساعدنى أحد ولا أحد يعرف عنى شيئاً.
وتضيف «الحاجة نجاح» بالفعل بعد أن توالى نجاح بناتى
بحصولهن على الدبلومات الفنية وهذا بفضل بركة ربنا، لم تنته القصة بل بدأت فى مرحلة طالما كانت تشغل تفكيرى وهى تجهيز البنات للزواج، والذى أتى بسرعة لم أتوقعها ودعوت الله أن يعيننى على تكملة المشوار.
وجاءت العرسان الواحد وراء الآخر تطرق الباب للزواج من بناتى، وستر ربنا معى فكنت أدخر مبلغاً من خلال عملى ودخولى فى جمعيات مع الجيران، وبعد تحويشة مبلغ معين يتراوح من 20 إلى 30 ألف جنيه، أذهب لتجار الأدوات المنزلية أو الأثاثات ويقسطون الباقى بشيكات بفائدة أقل من آخرين وتصل لنصف الفائدة، وكان ربنا يساعدنى فى جوازاتهن.
وانكسر ضهرى معهم، أخلص زواج الواحدة منهم، وتروح بيت جوزها، وبعدها تتخطب الأخرى، وكان كل سنتين أزوج بنت إلى أن أتممت زواج الصغرى، والحمد لله أديت رسالتى، وقمت ببناء المنزل ببلوكات الطوب الأبيض وتسقيفه بالمسلح، فقد كنا نعانى من هطول الأمطار والتى كانت تغرق المنزل، كما أننى أدخرت جزءاً من المبلغ لشراء أنابيب غاز وصلت اليوم إلى 40 أنبوبة لتساعدنى فى زيادة الدخل لأن بناتى كن قد كبرن وزادت معهن مطالبهن، وسترت البنات مع أزواج محترمين، والحمد لله أنجبن وكل واحدة عنده من الأولاد اثنان وثلاث بنات وصبيان، وأحفادى 12 ولد وبنت، وربنا يخليهم ويسعدهم، وأصبحت جدة وأحمد الله على أننى ما زلت قادرة على العمل وكرامتى وعزة نفسى لا تسمح لى بأن أعيش عالة على أحد رغم أنهن يضغطن على ولكنى أعرف ظروفهن وربنا يعينهن على تربية أولادهن.
واختتمت الحاجة «نجاح» كلماتها قائلة: اليوم أشعر بأننى قدمت رسالتى على أكمل وجه، ولكننى اليوم أصبحت غير قادرة على حمل الأنبوبة، وأطلع على العربية مما يضطرنى الوقوف بجانب العربية، وأجر الأنبوبة، وأحملها على رأسى وأقوم بتوصيلها للأهالى بمنازلهم، وهذا الأمر ليس لكسب قوت يومى فقط وتدبير مصاريف معيشتى فقط، ولكن لأنه لدينا عادات وتقاليد وهو زيارات «المواسم» أو المناسبات المتعددة، والتى أحمل الهم مع قدومها، لأن تقاليدنا بضرورة ذهاب الموسم لكل بنت من الخمس بنات بما يوازى 300 جنيه أقل شىء، للبنت الواحدة يعنى أحتاج أقل شىء 1500 جنيه فى كل موسم.
فيما عبرت أسرة الحاجة «نجاح» أم نوال عن أمنياتها بأن تتحقق ما تتمناه من الذهاب للحج أو العمرة على الأقل، تكريماً لها بعد رحلة الشقاء التى عاشتها فى تربيتهن، ولم تفكر فى نفسها، إلا أنهن طلبن من أى مسئول أو أهل خير أن يحقق طموحها اللاتى تمنين أن يكن هن سبباً فيها، إلا أن ظروفهن المادية تعوق تنفيذ أمنية ست الحبايب.
«نجاة»: علمت أولادى وزوجاتهم من ماكينة الخياطة
«الحمد لله على كل حال، ربنا كرمنى، وعوض صبرى كل خير، عشت طوال عقود ماضية أم وأب فى نفس الوقت لبناتى الخمس، فهن زهرة عمرى وفؤادى فى الحياة كلها، وربنا يوفقهن دائماً، كن خير سند لى فى الحياة»، بتلك الكلمات بدأت «نجاة» التى تركها زوجها بسبب عدم إنجاب الذكور.
حملت «الحاجة نجاة» كما يلقبها البعض من أهالى قرية سنهور القبلية مركز سنورس محافظة الفيوم، المسئولية كاملة على عاتقها لتصبح هى المسئول الأول عن رعاية بناتها الخمس، ورغم قسوة الأيام وصعوبة الحياة المعيشية قامت بتعلم مهنة الخياطة لتنفق من خلالها على تربية بناتها.
التقت «الوفد» الحاجة نجاة، الأم المكافحة التى حملت على عاتقها مسئولية رعاية الأبناء بمفردها دون سند لها فى الحياة، وفى البداية قالت: بعد أن أنجبت خمس فتيات فقط تركنى زوجى وانفصل عنى بحجة رغبته فى إنجاب الذكور واعتقاده بأن الابن فقط هو السند فى الحياة، ولم أسع يومًا إلى المحاكم أو اللجوء إلى القضاء لطلب نفقة كونى حاضنة نظرًا لصلة القرابة بيننا، فهو فى النهاية ابن خالتى وفوضت أمرى إلى الله، واعتمدت على نفسى فى تكفل نفقات البنات الخمس.
اعتمدت على ماكينة خياطة اشتريتها ووضعتها داخل المنزل وكانت هى الدخل الرئيسى لى أنا وبناتى ورغم كل ما عانيته
من قسوة الأيام إلا أننى أصررت على تعليمهم حتى التعليم الجامعى، وحصلت الابنة الكبرى على بكالوريوس اللغة العربية والثانية على بكالوريوس التجارة والثالثة خريجة كلية الحاسبات ونظم المعلومات والرابعة والخامسة حصلن على مؤهلات متوسطة ثم قمت بتجهيزهن وتزويجهن.
وقالت الابنة الوسطى: «أمى علمتنا وجهزتنا أفضل جهاز بمفردها وبمساعدة جدتى والدة أمى».
وقالت الجدة أم نجاة: «ربيت البنات معاها ورفضنا نرفع قضية على ابن أختى الذى تزوج وأنجب فى منطقة أخرى» وعند السؤال كيف تعامل الأم أزواج بناتها قالت: «عوضنى بيهم ربنا خير والبنت أما تزعل أخدها من إيدها وأرجعها بيت زوجها».
وأضافت: «لقد عوضنى الله عن تعبى طوال السنوات الماضية وأصبح لى خمس بنات وخمسة أولاد لأن أزواج بناتى أصبحوا أولادى».
فيما حرصت لجنة المرأة بحزب الوفد بالفيوم على زيارة وتكريم الحاجة نجاة داخل منزلها بناء على طلب من شباب قرية سنهور القبلية الذين عاصروا قصة كفاحها.
الحاجة سناء ست ب100 راجل
سناء غريب واحدة من سيدات محافظة قنا اللاتى عندما تستمع لقصة كفاحها من أجل تربية وتعليم أبنائها ترفع القبعة لها بشكل عفوى وتلقائى عرفاناً منك لما بذلته وعانته تلك المرأة، فى فترة حياتها من أجل كسب قوت يومها، هى ومن فى رقبتها من خلال العمل الشريف والجهد الشاق الذى لا يقدر عليه سوى الرجال.
قصتها بدأت مع «الوفد» عندما استقل محمد عبدالصبور مراسل الجريدة بقنا، إحدى سيارات الأجرة التى حان عليها الدور بموقف نجع حمادى فى اتجاهه إلى عمله لجريدة بمدينة قنا، مستقلاً المقعد الأمامى المجاور لمقعد سائق السيارة، وفور أن اكتمل عدد أفراد السيارة ليفاجأ بعدها بسيدة فى العقد السادس من العمر تفتح باب السيارة وتهم فى تشغيلها مردده عدة جمل وكلامات «بسم الله توكلنا على الله»، حالة انبهار وإعجاب تنتاب صحفى الجريدة فى تلك الأثناء، فليس من المألوف بصعيد مصر وخاصة محافظة قنا أن تعمل سيدة كسائقة على سيارة أجرة، الفضول يزداد شيئاً فشيئاً، خاصة بعدما أصبحت تأخذ السيدة وضعها الطبيعى وبدأت تقود على الطريق السريع، ليبادلها صحفى الوفد ببعض الكلمات، ويبدأ فى الحديث معها عن تفاصيل حياتها، وأسباب اختيارها لتلك المهنة.
الحاجة سناء غريب، هى من مواليد 1961 ولدت بقرية الصهريج التابعة لمدينة قنا، فى عام 1986 حصلت غريب على معهد التعاون الزراعى من جامعة أسيوط لتلتحق بعدها بوظيفة حكومية بهيئة التعاون الزراعى بقنا، بعدها بأعوام قليلة تزوجت سناء وأنجبت خمسة أطفال، ثلاث بنات وولدين، إلا أن الفرحة والأيام السعيدة لم تدم طويلاً، وجاءها القدر ليفرق بينها وبين زوجها، مات زوجها العائل الوحيد لها ولأطفالها، لتبدأ قصة كفاح الحاجة سناء فى تربية وتعليم أطفالها الخمسة، وبطبيعة الحال لم تغن وظيفتها، فى سد احتياجات ومتطلبات الحياة اليومية لها ولأسرتها، فلجأت لتجارة فى الأشياء البسيطة كالملابس النسائية ومفروشات العرائس وغيرها من المنتجات البسيطة، المتطلبات تزداد يوماً بعد يوم والأطفال الصغار أصبحوا شباباً منهم من هو فى مرحلة الثانوية العامة ومنهم من فى الجامعة، ومنهم من أصبح فى سن الزواج ويحتاج لتجهيز والإعداد، والدخل كما هو، بل لم يعد يكفى مصاريف الأسرة اليومية.
قررت سناء غريب ألا تستسلم للحياة، وتقوم بتوسيع نشاطها، من خلال شراء سيارة أجرة، بعدما حصلت على قرض بضمان عملها، لتعطيها لأحد السائقين ليعمل عليها نظير اتفاق محدد تم التوافق عليه فى تحصيل قيمة إيرادات السيارة، ولكن هذا الاتفاق لم يدم طويلاً لتجد نفسها أمام أقساط شهرية ثابتة يجب سدادها فى أوقات محددة، وإلا تعرضت للغرامة أو للحبس، إضافة لمصاريف أسرتها ومن فى رقبتها، لتقرر سناء مرة أخرى أن تتحدى الحياة وبل تقاليد وأعراف مجتمعها بأسره، وكأنها تقول للحياة لن أستسلم لكى، وتقرر سناء تعلم قيادة السيارة وتستخرج بعدها رخصة قيادة، وتعمل سائق أجرة على خط قنا نجع حمادى، لتقود سيارتها الأجرة بنفسها، قاطعة ما يقرب من أكثر من 120 كيلو ذهاباً وإياباً من نجع حمادى وإلى قنا والعكس، متحدية الزمن ذاته الذى حرمها من أشياء عدة يتمتع بها أقرانها من السيدات.
تقول سناء غريب: عملى يبدأ عقب صلاة الفجر مباشرة، بعدما أكون قد أنهيت بعض أعمالى المنزلية، وأقوم بتحضير الإفطار لأبنائى لأشرع بعدها بتشغيل سيارتى وتسخينها لأتوجه بعدها لموقف قنا وأحجز دور سيارتى لنجع حمادى، ويتكرر المشهد مرة أخرى بعدما أصل لموقف نجع حمادى لأحجز دور تحميل سيارتى للعودة بها مرة أخرى لموقف قنا.
وعن معاناتها، أوضحت الحاجة سناء غريب، أن الانتظار لحين مجىء موعد دور تحميل سيارتها بموقف سيارات الأجرة، هو من أصعب ما يواجهها، فالانتظار يكون بالساعات حينها، لدرجة أنها لا تستطيع أن تقوم بعمل حمام، طيلة فترة انتظارها، نظراً لعدم وجود دورات مياه خاصة بالسيدات، المعاناة تشتد أكثر وأكثر مع مرضى السكر من أمثالى، الحياة صعبة ومهمة القيادة ليست سهلة، فأنت تقود وفى رقبتك أرواح من خلفك بمختلف الأعمار، مجرد أى خطأ كفيل بقلب الأمور لا قدر الله.
الحاجة سناء أبت أن تستسلم لضربات الحياة المتعاقبة، واستطاعت أن تحافظ على أسرتها وتخرج أبناء حاصلين على أعلى المؤهلات العلمية، فقد أصبح معها الآن منى حاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس، وهى متزوجة الآن، ومها الحاصلة على المعهد العالى فى الحاسب الآلى من أكاديمية السادات بالقاهرة، وتعكف حالياً على تجهيزها بما يلزمها من أدوات وأجهزة العرائس، وهبة الحاصلة على دبلوم تجارة لم تتزوج هى الأخرى بعد، كما لديها عبدالرحمن صاحب ال25 عاماً وحاصل على دبلوم صنايع ولم يعمل إلى الآن، ومحمد ابن ال17 عاماً طالب بالثانوية العامة.
نماذج نفخر بها جميعاً، ونتمنى أن يتعامل معها المجتمع والدولة ومع أمثالها بواقع أن الأيام والظروف هى التى أجبرتهم على تلك الأعمال، فليس بإمكان أحد اختيار نصيبه فى تلك الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.