مع إشراقة يوم جديد يستقبل موقف سيارات نجع حمادي بمحافظة قنا. امرأة قوية البنيان تحمل ملامح صعيدية قوية تنم عن بنت البلد المعيلة الكادحة. لم تكسرها الظروف. فانضمت لقائمة السيدات اللائي أجبرتهن الظروف علي العمل بمهنة الرجال وهي تسبح في بحر الشقاء اليومي الذي تقوده عجلة الأيام بحثاً عن الكسب الحلال فعملت "سائقة ميكروباص" في رحلة كفاح شاقة من أجل إعادة بناء حياتها وحياة أسرتها عقب وفاة زوجها لتستحق بجدارة لقب "الأم المثالية" وإن لم تمنحها الدولة هذا اللقب بعد. إنها الحاجة سناء غريب محمود. التي دارت بها عجلة العمر حتي تخطت الخمسين بثلاث سنوات. ورغم تقدم سنها إلا انها لاتزال تحافظ علي رباطة جأشها بفضل قوتها وصلابتها.. ولما لا وصعيدنا يزخر بمثل هذه النماذج التي شرفت الصعيد؟ وليست قصة "صيصة أبو دوح" ابنة الأقصر ببعيدة. فهي مثال آخر للسيدة المكافحة المناضلة التي تنكرت في زي الرجال لأكثر من 43 عاماً وعاشت بينهم "ماسحة أحذية" لتقوم علي تربية ابنتها حتي تم اختيارها مؤخراً أماً مثالية لمحافظة الأقصر وحظيت بتكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لها. وعودة للحاجة سناء غريب التي رفضت أن تجلس في منزلها وتترك أولادها في صراع مع الأيام التي لا ترحم. بعد أن وجدت نفسها مضطرة للقيام بدور الأب والأم معاً. فقبلت هذا التحدي وعملت سائق ميكروباص. هذه المرأة المكافحة قالت ل "المساء": انها كانت تمتلك سيارة ملاكي "بيجو إلا انها عقب وفاة زوجها لجأت لبيعها وشراء ميكروباص ليكون مصدراً لكسب لقمة العيش بالحلال من أجل تربية أولادها الخمسة. فاتجهت للعمل علي خط "قنا إسنا" في رحلة شاقة تستغرق ساعات طويلة في الاتجاه نحو الجنوب تتخطي ال 100 كيلو متر. إلا أن محافظ قنا اللواء عبدالحميد الهجان بادر بالاتصال بها بعدما تنامي إلي سمعه قصة كفاحها. وفي اللقاء الذي جمعها مع "الهجان" طلبت الحاجة سناء أن يتم تغيير خط سيرها ليصبح "قنا نجع حمادي". لأن عينيها لم تعد تتحمل أضواء السيارت في الاتجاه المقابل لفترة طويلة وكانت الاستجابة فورية إلا انها لاتزال تحلم أن يفي محافظ قنا بوعده الآخر بتعيين ابنها الحاصل علي مؤهل متوسط وابنتها التي كافحت من أجلها أيضاً حتي حصلت علي بكالوريوس تجارة. أكدت انها لا تستغرب العمل وسط جمع من الرجال إذ انهم جميعا يتعاملون معها بكل تقدير واحترام. وربما هي التي أجبرتهم علي هذه المعاملة بطيبتها وحسن معاملتها.. فمن يحترم يُحترم. وقالت: انها تقرأ يومياً في أعين الركاب حالة الاندهاش التي تنتابهم حينما يشاهدون امرأة تقود السيارة والبعض يخشي ذلك. إلا ان حالة الاندهاش سرعان ما تتبدل إلي طمأنينة بمجرد تحركها وقيادتها بشيء من الهدوء بعيداً عن رعونة السائقين التي يعاني ويلاتها الجميع. كما انها أصبحت معروفة لدي الزبائن الذين يبادرون بطلبها لتوصيلهم إلي حيث يريدون.