اعترف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بفقر الكثير من الاسر المصرية وسقوط معظمها تحت خط الفقر بعد ان اعلن اخر الاسبوع الماضي أن قيمة خط الفقر القومي للفرد تبلغ 3076 جنيهاً سنوياً بما يعادل 256 جنيهاً شهرياً وهذا للفرد الواحد في الاسرة. حيث ان معظم الاسر المصرية يصل عدد افرادها إلي خمسة في المتوسط تجمع الاب والام وثلاثة ابناء فقط، فإنه من المفترض الا يقل دخل هؤلاء عن 1280 جنيهاً شهرياً أو ما يعادل 15 ألفا و360 جنيها سنويا وبالتالي، فإن من يقل عن هذا الرقم سنويا أو شهرياً فهو يكون تحت خط الفقر وفقاً للإحصاءات الرسمية، اما نفس عدد الاسرة التي يقل دخلها الشهري عن 860 جنيها بما يعادل عشرة الاف و320 جنيهاً في السنة فإن هؤلاء يقعون ضمن الفقراء البائسين أو ما يسمون بالفقراء المدقعين. ووفقاً لهذه البيانات فنحن امام حد ادني معلن من جانب الحكومة لا يتجاوز 750 جنيهاً واصبح 800 جنيه بعد ثورة 25 يناير، ومع هذا فإن هذا الحد الادني يظل أقل بكثير من خط الفقر الرسمي المعلن من جانب الحكومة وهو ما يثير الجدل حول خطط وسياسات الحكومة لتحسين دخول المصريين والحد من الفقر المتزايد والذي اظهرته البيانات بزيادة 5٪ عن عام 2008/2009 وهذه قضية كبري تعد أهم اهداف ثورة يناير والتي نادت بالعيش والكرامة الانسانية وحق المواطن في ان يحصل علي عيش يحفظ كرامته من خلال دخل مناسب، وهذه الدخول تضع الكثير من المصريين ضمن الفقراء، كما أن ظاهرة ارتفاع الاسعار في الفترة الاخيرة قد أضرت كثيراً بالمصريين، وادت إلي عدم قدرتهم علي مواجهة اعباء المعيشة واسعار السلع التي ارتفعت إلي مستويات ليس لها مثل في ظل ثبات الدخول وعدم إقدام الحكومة علي تطبيق العدالة الاجتماعية في وضع نظام اجور عادل من خلال الحد الاعلي والحد الادني خاصة في ظل حصول قلة من القيادات المصرفية ومئات من المستشارين علي ملايين الجنيهات رواتب شهرية في مجتمع فقير فقد كان هؤلاء القلة اعوان جمال مبارك والنظام الراعي لعملية التوريث وهؤلاء مازال الكثير منهم يعمل في مؤسسات الدولة ولم تستطع حكومة الثورة علي إزاحتهم من اماكنهم حتي الان ومازالت قضية الرواتب الكبيرة في بعض القطاعات لا يقترب منها احد ولا تحدث قرارات ثورية تطبق العدالة في المجتمع خاصة في قطاع البنوك والبترول غيرهم بل مازالت الرواتب في البنوك تعتبر «فوضي» ولم يتم الاقتراب منها حتي في التعديلات التي اقترحها مؤخراً الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي، وقد طالب خبراء اقتصاديون ومصرفيون مراقبة دخول وليس مرتبات فقط لقيادات البنوك العامة وعدد كبير من المصرفيين وتطبيق حد أقصي للاجور والمرتبات بالبنوك واتهم الخبراء هذه القيادات بأنهم يعارضون فرض الحد الاقصي للدخول والرواتب وانهم يرجعون الرفض إلي عدم قدرة البنوك علي منافسة القطاع الخاص. واكد اقتصاديون أن صرف رواتب كبيرة سواء من الموازنة او من صندوق من خارج الموازنة للقيادات المصرفية يحدث خللا وفوارق اجتماعية كبيرة بين العاملين انفسهم مطالبين حكومة قنديل بالمضي قدما في تطبيق الحد الاقصي للاجور والرواتب واصلاح الوضع الحالي. أكد الدكتور عبد النبي عبد المطلب الخبير الاقتصادي ومدير البحوث بوزارة التجارة ان وضع حد اقصي للاجور سوف يساهم في تقليل السفه الاستهلاكي للطبقة عالية الدخل الذي كان سببا من اسباب اندلاع ثورة 25 يناير وتقليل هذا السفه سيقود بدوره إلي العديد من المكاسب للاقتصاد المصري ككل من اهمها تقليل الاستيراد، فغالبا ما كان استهلاك الطبقة عالية الدخل يذهب إلي السلع المستوردة، وإتاحة كميات أكبر من السلع والخدمات أمام الطبقات الاقل دخلا، نتيجة تقليل الاستهلاك المبالغ فيه كما ان وضع الحد الاقصي للاجور في البنوك المصرية سوف يؤدي إلي الرضا المجتمعي والقضاء علي الفوارق الكبيرة ويحقق العدالة في الدخول. كما أشار إلي أن البنوك من اهم القطاعات الاقتصادية المطلوب فيها وضع نسبة واضحة بين الحد الادني والاقصي للأجور فيها، مؤكداً التفاوت المبالغ فيه في الاجور بين العاملين في القطاع المصرفي كان من اهم اسباب تفشي الفساد في عمليات الاقراض التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية مثل أزمة نواب القروض، والإقراض بدون ضمانات حقيقية، وهروب عدد من المقترضين، وتركز الإقراض في مجموعة صغيرة من رجال الاعمال المحسوبين علي النظام السابق، وتهريب الكثير من الاموال للخارج، ولفت إلي أن المصرفي الصغير كان ينظر إلي ما يحصل عليه رؤساؤه، ويحاول ان يحيا حياتهم،وكان الطريق السهل هو الفساد، وبالتالي فإن القضاء علي التفاوت الرهيب في الدخل بين العاملين في الجهاز المصرفي من خلال وضع حد اقصي للأجور سوف يساهم في برامج مكافحة الفساد في كافة القطاعات. وأكدت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية رئيس مركز مشورة للاستشارات ان الحد الاقصي للاجور في البنوك مازال لغزاً وهناك من يعارضه تطبيقه وطالبت بضرورة الاسراع في تطبيق الحد الاقصي والحد اقصي للدخل المرتبط بالوظيفة. واشارت إلي أن هناك فرقاً كبيراً بين الاجر وما يحصل عليه المصرفيون من اللجان وتمثيل البنك في مئات الشركات ونسب الارباح واللجان الاخري، وغيرها ووصفت هذه الاجور بأنها غير مقبولة ويصل الفارق بين الاجر المعلن والدخل من الوظيفة 1500 ضعف، وقالت ان هذا الامر غير مقبول في دولة فقيرة يحصل فيها قيادات مصرفية علي أجور تفوق أجور رئيس الوزراء او رئيس دولة مطالبة بضرورة تصحيح هذا الوضع.