لم يعد من المستغرب أن يتنامى إلى سمع المصريين ألفاظ كانت بالأمس القريب تدخل تحت بند السباب والتنابذ بالألقاب ، على الأقل مايذاع فى وسائل الإعلام المختلفة ، لم نعد ندهش عندما يخرج علينا أحدهم فى برنامج جماهيرى لينعت خصمه بالحيوان ، وأحيانا يحدد نوع الحيوان فيقول له ( أنت حمار ) ، وغيرها ( غبى ، جاهل ، كافر ) والتلويح بالضرب ( بالجزمة ) و( التركيع ) و( تقبيل الأيادى) ، ومفردات تبعث على الغثيان ( لسنا بريالة ) ، والكلمات التى إستاء منها الجميع عند تقييم الأعمال الفنية لبعض الفنانات ، يعف القلم عن ذكرها من جديد ، وكأن الثورة التى قامت من أجل إستعادت الكرامة ، جاءت لتمحو كرامة البعض الآخر ، وجعلت البعض يستبيح التجريح والتطاول على الرموز بألفاظ مسفّة ، تخرج عن حدود اللياقة والأدب اللذين نشأ عليهما المصريون ، اللغة العربية مليئة بالمرادفات التى تمكننا من التعبير عن الآراء دون إهانات ، فالدين مكوّن أصيل يستقون من معينه الأخلاق والقيم السمحاء ، ضاع التوقير والتبجيل للأكبر سنا ومقاما ، فهمت الثورة أنها بلا ضوابط ، بالأمس رفع أحد المواطنين يده ليصفع شرطى على وجهه بعدما نبهه ألّا يقف فى الممنوع ، الآن لم يعد هناك من يمتعض أو يثور للبذاءات ، الشارع يعج بالموبقات ، لا وقت للعتاب ، إختفى من قاموسنا الإعتذار ، من يعتذر يحسب على الجبناء والضعفاء ، بعض ممن يحسبون على النخبة يصدمون المجتمع عندما تظهر الحقائق وتتبدل الصورة الذهنية التى رسمناها لهم ونكتشف أننا كنا مخطئين أحسنا الظن ومنحنا الثقة وكانت فى غير محلها ، والإعلام يقف عاجزا عن كبح جماح هؤلاء الذين يجدون ضالتهم عندما ينفثون عن مكنونات نفوسهم بغضب جم واستهتار بمشاعر المشاهدين ، غابت القدوة بعدما أصبحت صروح العلم ساحات للضرب والركل والبعض حولها إلى أوكار تتفشى فيها الرزيلة ، فعودة إلى ضبط النفس واختيار الألفاظ والمعانى التى لايعاقب عليها القانون ، خاصة مايصل الى أسماع الناس فى البيوت ، عودة إلى جوهر الأديان التى تجرم الكذب والغش والتعدى على الأبرياء قولا وفعلا ، حتى تستقيم أحوالنا التى تردّت بشكل ينذر بالخطر ، على كل الأصعدة خاصة الصعيد الأخلاقى .