عزيزي القارئ.. حقولك حدوتة بعد العيد.. حقولها لك بالبلدي.. اسمعها والنبي لكي تزداد قرف أكتر ما أنت قرفان وزهقان فكلنا عايشين وأقدامنا تايهة وفاتحين بُقنا مش فاهمين إحنا رايحين علي فين! مراتي الله يرحمها طلعت عليه بفتوي زوجية ملغمة بتكشيرة تقطع الخميرة م البيت.. أصلها شكاكة والوسواس راكبها من يوم ما عرفتها، ربنا يسامحها.. داؤها النظافة وتكره الميكروبات اللي معتقدة أنها موجودة حتي في قلب زجاجة الكلور. قالت.. خلاص مش حنشرب م الحنفية تاني.. ليه يا ستي أنا مركب فلتر ألماني مش صيني؟.. قالت ولو ولادي مش ممكن يشربوا مية المجاري ويموتوا مني!.. وقعدت تولول وتعيط وخلت حياتي نكد في نكد. أمري لله.. قللت المصاريف وأصبحت كراتين المية المعدنية داخلة مليانة وخارجة فاضية وأنا عمال أحسبها وألعن اللي كان السبب. كل شوية العيال تعيط من وجع بطنها.. أجري وأروح للحكيم اللي يقول ما تخافش ده تلوث بسيط.. يكتب دوا والعيال تخف وبعد شوية ترجع ريما لعادتها القديمة. سألت الدكتور التلوث ده منين؟.. دا العيال بتشرب مية معدنية وحتي بطبخ بيها.. وأكلي كله معقم وآخر نظافة!.. أعمل إيه؟.. الحكيم بص لها بنظرة فاحصة واكتفي بابتسامة ربنا حيشفيهم ويبقوا عال العال. مخبيش عليكم أنا كنت بشرب م الحنفية وطول النهار والليل بتتخانق معايا.. قال إيه خايفة عليا.. قلتلها مالكيش دعوة والله والله الميه المعدنية دي ملوثة زي ميه الحنفية دا إحنا عايشين في بلد ليس فيها قانون ولا رقابة وكلها فساد ورشوة. يعني أعمل إيه؟.. أنا طول النهار والليل عمالة أبلع في أنتوسيد وفلاجيل ومش عايزة أتكلم. وفي يوم لقيت وشها أصفر وعينها داخلة لجوه.. إيه مالك؟.. مش عارفة يا خويا جسمي مهدود ودايخة وعايزة أرجع علي طول.. قلتلها أوعي تكوني حامل وتخربي بيتي.. حجيب فلوس منين؟ خدتها جري للحكيم.. طلب تحاليل وإشاعات وقال ما خبيش عليك دي عندها قصور في الكلي وحالتها متأخرة. قعدت أجري في المستشفيات زي المجنون.. ناس ليس عندها رحمة قبل ما أحط رجلي لازم أدفع الشيء الفلاني.. يا عالم يبقي موت وخراب ديار.. المهم البولينا سممت دمها وراحت في الغيبوبة وطلع السر الإلهي بعد كام شهر وراحت أم العيال. فوجئنا بتسمم الآلاف من مياه الحنفية في بعض المحافظات وأصبحت مياه الحنفية مصيبة، الولاد قالوا لي ماما كان عندها حق الميه المعدنية أضمن والنبي يا بابا ما تشرب م الحنفية وقعدوا يعيطوا. طلع علينا رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات بتصريح ضرب بيه الكرسي في الكلوب قال: إن الآبار المستخدمة في تعبئة الزجاجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي وأنه أبلغ المسئولين في الصحة والحكومة والتموين وبتوع الزبالة.. ولم يستجب أحد. لا حول ولا قوة إلا بالله.. طب اعلنوا عن أسماء الشركات حتي نقاطعها طب أنا حشتري أي نوع.. بقيت محتار بين الزجاجات الملوثة وميه الحنفية الملوثة أيضاً والعيال بتعيط عايزة تشرب.. والنبي دي عيشة.. آه يا بلد. قال الراجل المحترم اللي برفع له القبعة إن مياه الزجاجات مش معدنية ولا يحزنون.. إنها مياه عادية ولابد من معالجة مياه الآبار زي ما بنعالج مياه نهر النيل معالجة صحية.. يا دي المصيبة.. لقد سقطت الدولة! يا عالم يا هو.. خلاص وصلت إلي ميه الشرب مش كفاية الأكل مسرطن، الفراخ والعجول والفاكهة والخضار، كله مسرطن من الهرمونات المستخدمة وباستخدام مياه المجاري غير المعالجة في الزراعة.. وكل المسئولين نايمين في العسل.. وشغالين علي ودنه اجتماعات.. طبعاً بلد ما فيهاش قانون.. بل واقعة وسايبة. يا عالم يا هو الفساد مسيطر علي كل المصريين في كل القطاعات، ناس لابسة بدل وعمالة تعقد في لجان في غرف مغلقة ومكيفة ونازلة قرارات وراكبة سيارات فارهة وسايبة الشعب يطحن في بعضه بعد أن فقد الضمير والانتماء. وصل العدد السنوي للإصابة بالسرطان والفشل الكلوي إلي 40 ألف مواطن وهناك قري بالآلاف في بحري والصعيد مياهها ملوثة ومحرومة من المعالجة الصحية يعني بيشربوا من الترع والمجاري. أنا مش لاقي حد مسئول أشتكي له كله لابس طاقية الإخفا فينك يا ريس؟.. فينك يا وزارة؟.. فينك يا ثورة؟ أين قرارات التطهير في كل المناصب.. رجال الفساد مازالوا مسيطرين علي مصر والقانون غائب.. السرقة علي ودنه والإهمال علي ودنه.. الكل فقط بيطالب بزيادة الأجور.. وليس هناك عمل. أسأل مين؟.. أشرب من الحنفية ولا من الزجاجة.. احتار خيالي وغلب حماري.. الكل بيتجمل والكل كرامته بتنقح عليه.. الكل بيشتم في الكل والشعب كالقطيع مش عارف يعمل إيه؟ كلما أنظر حولي أجد أنني أعيش في منطقة عشوائية كبيرة ممتلئة ببشر يتسمون بانفلات أخلاقي وأمني منطقة عشوائية مترامية الأطراف من مرسي مطروح حتي حدود رفح اسمها مصر. دي لم تعد بلد.. إيه رأيكم ما تيجوا نبطل نشرب ميه.. ونشرب شامبانيا.. لأ لأ.. الشامبانيا حرام وغالية.. تعالوا نشرب عصير قصب ولا عرقسوس ولا أقولكم تعالوا نشرب كركديه عشان ينزل ضغطنا ونروح في غيبوبة ونموت في ستين داهية ونرتاح. أقولكم أسهل حاجة نشرب من البحر. عزيزي القارئ.. أنا عارف ركبتك هم فوق همومك بس أنا مشكلتي لساني لا يكف عن كشف الحقيقة ومواجهة الفاسدين.. حسبي الله ونعم الوكيل. --- المنسق العام لحزب الوفد