ترددت فى مختلف وسائل الإعلام تحذيرات من أن مصر ستتعرض إلى إعصار شديد، مما أثار الفزع والتخوف لدى قطاع كبير من المصريين وتساءل الكثيرون عن خطورة هذا الإعصار وكيفية مواجهته، وأعلنت تقارير إعلامية العام الماضى عن تعرض مصر لعواصف ثلجية ولكن ثبت عدم صحة هذه التقارير. وما بين تعرض مصر إلى إعصار هذا العام وعاصفة ثلجية العام الماضى، فضلا عن ثقب الأوزون وتأثير التغير المناخى على مصر، حاولت «الوفد» الوصول إلى الإجابة عن هذه القضايا ومدى صدقها وهل من الممكن أن تتعرض مصر إلى أعاصير فى المستقبل، وما هى الشائعات والحقيقة فى مسألة التغير المناخي. خبراء الأرصاد أكدوا أن بعض المؤسسات الدولية تخرج علينا بين الحين والآخر لتعلن أن مصر سوف تتعرض إلى ظاهرة جوية ما ثم نكتشف عدم حقيقة هذا الأمر، وآخرها كان نبأ تعرض مصر لإعصار قوى قبل أيام، مشيرين إلى أن مصر لن تتعرض فى الوقت الحالى أو فى المستقبل لأى أعاصير، بسبب طبيعتها وموقعها الجغرافي. وأوضح الخبراء، أن الأعاصير تظهر فى المناطق التى تطل على المحيطات مثل أمريكا وشرق آسيا، لافتين إلى أن المنطقة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى قد تتعرض لأعاصير هى سواحل دولتى عمان والإمارات لأنها تطل على المحيط الهندي. فى هذا السياق، قال الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية السابق، إن أسباب التغير المناخى تتمثل فى أنه مع بداية الثورة الصناعية بدأ الإنسان فى استخدامه المفرط للفحم ومشتقاته والبترول ومشتقاته، ما أدى إلى وجود غطاء من الملوثات حول الكرة الأرضية أبرزها ثانى أكسيد الكربون. وأضاف عبدالعال، أن الأرض تمتص أشعة الشمس فى النهار وفى الليل تتسرب هذه الأشعة إلى الفضاء، ولكن بعد الثورة الصناعية أصبحت تقابلها الملوثات وتؤدى إلى ارتدادها مرة أخرى إلى الأرض ولذلك تسمى غازات الاحتباس الحرارى، وهذا ما أدى إلى تغير المناخ على مستوى العالم. وعن أكثر الدول تأثرا بالتغير المناخى، أوضح «عبدالعال»، أنها الدول الصناعية المتقدمة فى أوروبا والصين واليابان وأمريكا الشمالية، أما الدول الإفريقية فهى أقل تأثرا ولا يزيد ارتفاع الحرارة بها عن 0.5%، ولكنها فى الوقت نفسه أكثر الدول تضررا منه لأنها لا تمتلك الامكانيات التكنولوجيا لمواجهته. وحول تأثير التغير المناخى على الدول، قال رئيس هيئة الأرصاد السابق، إن التأثير يختلف من دولة لأخرى ومن قارة لأخرى وفقا للمناخ الطبيعى لهذه المنطقة أو الدولة، فمثلا أوروبا ضربتها أقوى موجة حارة فى تاريخها العام الماضى، ومصر تتأثر بالتغير من خلال نسبة الرطوبة العالية جدا فى الصيف وطول فصل الصيف الذى يطغى على الخريف. وتابع: «وفقا لأحدث الدراسات فإن الظواهر الجوية ستقل فى الفترات المقبلة ولكنها ستكون أكثر عنفا، وخير مثال على ذلك كميات الأمطار الكبيرة التى سقطت فى مصر مؤخرا والتى كانت عنيفة جدا». ولكيفية مواجهة التغير المناخى، أوضح عبدالعال، أن هذه المواجهة تتطلب اشتراك العالم كله فى استخدام الطاقة المتجددة «الشمس والمياه والرياح»، بدلا من البترول والفحم والغاز وغيرها من مصادر الطاقة غير المتجددة، لأنها صديقة للبيئة وتعطى الكهرباء التى نريدها، رغم ارتفاع أسعارها حاليا ولكن مع زيادة استخدامها ستنخفض أسعارها. وتابع «مصر بالفعل بدأت التوسع فى استخدام الطاقات المتجددة من خلال إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية ومحطات الطاقة الشمسية ومحطات الرياح». وعن التأثير السلبى للتغير المناخى على مصر، أشار عبدالعال إلى أنه يتمثل فى ارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع نسبة الرطوبة فى الصيف بشكل كبير وبعض الظواهر الجوية التى تؤثر على الزراعة. أما عن التوصيف الدقيق للمناخ المصرى حاليا، فقال إنه تغير ولم يعد حار جاف صيفا ودفئ ممطر شتاء، وأن هناك لجنة تشكلت من خبراء وعلماء الأرصاد والمناخ تعمل الآن لدراسة الأمر والخروج بالتوصيف الدقيق لمناخ مصر وسوف تعلن نتائجها مع بداية العام الجديد. ولفت رئيس هيئة الأرصاد السابق، إلى أن ثقب الأوزون كذبة كبيرة روجت لها أمريكا وتبنت فكرته، قائلا،«زى ما أساتذتنا علمونا زمان .. لو قدرت تخرم البحر يبقى تقدر تخرم السما.. ولذلك مفيش حاجة اسمها ثقب أوزون»، كما أن الأخبار التى تصدر بين الحين والآخر عن تعرض مصر لعواصف ثلجية مثل العام الماضى غير صحيحة. وأضاف أن آخر شائعة وهى تعرض مصر لإعصار، وأعلنت الهيئة وقتها أن هذا الكلام عار تماما عن الصحة وبالفعل لم نتعرض لإعصار لأننا نعلم جيدا مناخ دولتنا ومنطقتنا العربية، قائلا «ده كان مجرد منخفض قبرصى يحدث كل عام ويشبه الإعصار ولكنه ليس كذلك». وقال وحيد سعودى، المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية سابقا، إن شعور المواطنين حاليا بتغيرات فى الجو يعد أحد سمات فصل الخريف، مشيرا إلى أننا تحت تأثير رياح قادمة من شبه الجزيرة العربية أدت إلى ارتفاع مؤقت فى درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، وهو ما أعطى إحساسًا بأننا فى فصل الصيف. وأضاف «سعودى»، أن الأجواء الطبيعية لفصل الخريف ستعود مجددا خلال الأيام القليلة المقبلة، موضحا الفارق بين البداية الجغرافية والمناخية لفصول السنة، حيث إن البداية الجغرافية تكون محددة التاريخ بينما المناخية قد تكون قبلها بعشرة أيام أو أسبوعين أو بعدها بنفس المدة. وكشف المتحدث باسم هيئة الأرصاد السابق، أن المناخ المصرى لم يعد حار جاف صيفا دفئ ممطر شتاء كما تعلمنا منذ سنوات طويلة فى المدارس، بل أصبح حار جاف صيفا بارد مصحوب بالرطوبة شتاء، مشيرا إلى أن سقوط الأمطار يتوقف على خرائط توزيعات الضغط، ولذلك فإن بلدان العالم المتقدمة تعلن نشرة كل ساعة تقريبا عن التوزيعات الضغطية والأمطار. وتابع «ما أشيع مؤخرا عن تعرض مصر لإعصار غير صحيح، وما كان موجودا هو منخفض قبرصى فى البحر المتوسط تزامن معه منخفض جوى آخر فى طبقات الجو العليا أدى إلى عدم استقرار فى الأحوال الجوية، ولذلك لا يوجد شئ اسمه اعصار فى الشرق الأوسط، وإنما موجود فى المناطق التى تطل على محيطات، ولذلك السواحل الشرقية لسلطنة عمان والإمارات هي فقط المعرضة لظاهرة الأعاصير، لأنهما تطلان على المحيط الهندى ولكن مصر وشمال إفريقيا بعيدتان عنها تماما». ولمواجهة التغيرات المناخية، قال سعودى إن مصر التزمت بكل التوصيات التى تم الاتفاق عليها فى منظمة الأرصاد الجوية العالمية فى جنيف، وبدأت فى تقليل نسبة الملوثات الموجودة فى الهواء، من خلال التوسع فى المساحات الزراعية وإنشاء المدن الجديدة من خلال التوسع الأفقى المليئة بالمساحات الخضراء، حتى نمتص غاز ثانى أكسيد الكربون ونحصل بدلا منه على الأكسجين». من جانبه قال الدكتور عصام الحناوى، أستاذ متفرغ بالمركز القومى للبحوث وخبير البيئة، إن التغير المناخى يستغرق سنوات طويلة ولن يحدث فى يوم وليلة، مشيرا إلى أن آثاره قد تظهر بعد 100 عام. وأضاف الحناوى، أن ما نراه حاليا هو بوادر لهذا التغير على مستوى العالم كله وليس مصر فقط، موضحا أن أبرز مظاهر تأثر مصر بهذا التغير تتمثل فى ارتفاع سطح البحر نصف متر أو مترا، وغرق مناطق شمال الدلتا المنخفضة، فضلا عن موجات جفاف تصيب بعض الأراضى الزراعية. وأشار الأستاذ المتفرغ بالمركز القومى للبحوث، إلى أن مصر يجب أن تتعامل مع هذا التغير من خلال إبعاد المبانى عن ساحل البحر وعدم التوسع فى زراعة الأراضى بالقرب من الساحل، فضلا عن ضرورة إصدار قانون بمنع بناء المنتجعات السياحية بالقرب من الشواطئ.