صابر: الشتاء لم يبدأ بعد، نحن الآن ما زلنا في فصل الخريف.. ونعلم تمامًا أن ما حدث خلال الأيام الماضية هو منخفض جوي وليس إعصار كما رددته بعض الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حالة من الارتباك الشديد شهدتها محافظات مصر على مدار الأيام القليلة الماضية، نتيجة سقوط أمطار كثيفة، نتج عنها وفاة عدد من المواطنين، بسبب الصعق الكهربائى، من أعمدة الإنارة الموجودة في الشوارع وتراكم مياه الأمطار، بالإضافة لغلق بعض الأنفاق والطرق الرئيسية بالقاهرة، وكذلك سقوط الأشجار على الطرق، وتأجيل الدراسة بعدة محافظات، خوفًا على التلاميذ من الطقس السيء قبل بداية فصل الشتاء. «التحرير» التقت الدكتور أشرف صابر زكي، القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية، لتوضيح حقيقة ما تداولته بعض الصحف ووسائل الإعلام عن إعصار شديد يضرب بعض محافظات مصر ويدمرها، وإليكم نص الحوار: - القاهرةوالمحافظات غرقت في «شبر ميه».. ماذا يحدث في مصر؟ هناك حالة تهويل حدثت من بعض وسائل الإعلام، بأن هناك إعصارا شديدا يضرب بعض المحافظات، لذلك خرجت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، بتحذير تهيب فيه بالمواطنين عدم التعرض للأماكن التي تشهد هطول أمطار غزيرة، حفاظًا على سلامتهم، وتم توقف رحلات - القاهرةوالمحافظات غرقت في «شبر ميه».. ماذا يحدث في مصر؟ هناك حالة تهويل حدثت من بعض وسائل الإعلام، بأن هناك إعصارا شديدا يضرب بعض المحافظات، لذلك خرجت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، بتحذير تهيب فيه بالمواطنين عدم التعرض للأماكن التي تشهد هطول أمطار غزيرة، حفاظًا على سلامتهم، وتم توقف رحلات السفاري بين المحافظات، نتيجة الحالة الجوية السيئة التي شهدتها بعض المحافظات بكل أنحاء الجمهورية، بسبب الأحداث العنيفة التي حدثت في الطقس، خصوصًا مع المنخفض الجوي الذي اقترب من مصر، وأثر أيضًا على محافظات كثيرة منها الدلتا والقاهرة، وعند تحرك المنخفض اتجاه الشمال الشرقي، بدأ يؤثر على القناة وشمال سيناء، بسقوط أمطار غزيرة تسببت في سيول بشمال سيناء. - ما المنخفض الجوي؟ المنخفض الجوي هو عبارة عن ضغط جوي في نظام الأرصاد الجوية، هذا الضغط يُكون منخفضا، ينتج عنه خلخلة في المكان، تؤدي إلى عدم الاستقرار في الطقس مثلما حدث في الأيام الماضية. - الشتاء بدأ مبكرًا وعلى عكس كل التوقعات.. ما سبب هذه التغيرات المفاجئة؟ الشتاء لم يبدأ بعد، نحن الآن ما زلنا في فصل الخريف، ومع التغيرات المناخية التي أثرت على العالم أجمع -ومصر جزء من هذا العالم- بدأت الأحداث العنيفة في الطقس والمناخ تحدث، "لو بصينا للصيف كانت فترات السخونة طويلة نتيجة لزيادة طول الموجات الحارة، وكذلك الخريف أصبحت العواصف الرعدية فتراتها أطول زي ما شوفنا في المنخفض اللي شهدته الدولة خلال الأيام الماضية، لكن للأسف كان هناك نوع من الترهيب للمواطنين بحجة أن هناك إعصارا يضرب بعض المحافظات". - من وراء ترهيب المواطنين؟ الترهيب يرجع سببه للميديا وبعض الصحف والمواقع الأجنبية، ووسائل الإعلام التي تناولت خبر الإعصار الشديد الذي سيدمر مصر ويؤثر على المنطقة بكاملها، منها الأردن وفلسطين، وأطلقوا عليه إعصار «ميديكل»، ولكن كل هذه المسميات غير صحيحة وليس لها أي أساس من الصحة، وفي الحقيقة هو منخفض جوي، وله فترة معينة ينتهي مثل ما حدث. - ما حقيقة الإعصار الذي ذكرته وكالة «ناسا»؟ في الحقيقة نحن كأرصاد جوية نعلم تمامًا أن ما حدث خلال الأيام الماضية هو منخفض جوي، يتولد هذا المنخفض جنوبقبرص كل عام في هذا الموسم، ثم يبدأ بالتحرك سريًعا وينتهي خلال أيام قصيرة: "أحد الإعلاميين سألني أثناء حديثي معه عن تصريح وكالة ناسا بأن هناك إعصارا اسمه (ميديكل)، يضرب مصر ويؤثر على المنطقة، فكان ردي عليه لا توجد أسماء بهذا الاسم، ولو ناسا هتسمي على مزاجها الأعاصير فاحنا هنسميه "حمادة" وهو نوع من أنواع السخرية". هيئة الأرصاد الجوية من اللحظة الأولى أصدرت تحذيراتها للمواطنين بعدم التعرض للأماكن التي تشهد أمطارا عنيفة، حرصًا على سلامتهم، وهذا هو الدور المنوط بها. - تصريحات المسؤولين أكدت أنهم تفاجأوا بكمية الأمطار.. ألا يوجد تنسيق بين الأرصاد الجوية والحكومة؟ التنسيق بين الهيئة العامة للأرصاد الجوية وجميع قطاعات الدولة على قدم وساق، لأن الهيئة لديها أعضاء متواجدين بغرفة الطوارئ في مجلس الوزراء لإبلاغ المعلومات أولا بأول، لكن الناس عايزة تعرف كمية المطر وهو لسه في الهواء، طب أنا أعرفه إزاي؟، هناك نماذج عددية تعمل تنبؤ لقياس الأمطار، لكن الهيئة لا تستطيع أن تعطي معلومة عن كمية المطر تعتمد على تنبؤ، أريد أن أصدر معلومة تعتمد على قياس. الهيئة العامة للأرصاد الجوية لديها شبكة قياس كبيرة جدًا ومتخصصين على أعلى مستوى لعملية الرصد، لكننا ننتظر سقوط الأمطار لنقوم بعملية الرصد وإبلاغها للقطاعات الحكومية. وهناك أجهزة حديثة تعمل على تحديد كمية شدة المطر وتحديد أماكن نزوله، والهيئة العامة حاليًا في صدد شراء هذه الأجهزة بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي لشراء منظومة لتطوير الأرصاد الجوية بقيمة 100 مليون جنيه، لتدخل هذه الأجهزة العمل بداية العام القادم. - طالما التنسيق موجود.. لماذا غرقت القاهرةوالمحافظات؟ هناك عوامل أخرى تسببت في غرق القاهرةوالمحافظات، لأن الأمطار لها عوامل استباقية، ولكن الأرصاد أصدرت بيانا قبل سقوط الأمطار ب5 أيام، حذرت فيه المواطنين من سقوط أمطار عنيفة، وهناك أمور أخرى ليست مسؤولية الأرصاد، لأن مسؤوليتنا إصدار بيان تحذير من الأمطار فقط ونخطر به القطاعات الحكومية، ولها حق التصرف، ولا يجوز لنا كأرصاد أن نصرح باسم قطاعات أو وزارات أخرى، لأن كل قطاع لديه خصوصيته، ولكننا قمنا بدورنا على أكمل وجه خلال الفترة الماضية. - احترنا في اختيار الملابس ثقيلة ولا خفيفة.. بماذا تنصح المواطنين؟ أنصح المواطنين أثناء الخروج في الصباح بارتداء ملابس ثقيلة، وأثناء العودة يجب أيضًا ارتداء ملابس ثقيلة، وعلى المواطنين أن يحاولوا في فترة الخريف تحديدًا، انتقاء قطع ملابس ثقيلة أثناء فترتي الصباح والمساء لأن الجو أحيانًا يكون مائلا للبرودة. - وكالة ناسا قالت إنها رصدت إعصارا نادرًا في طريقه لمصر عبر البحر المتوسط.. ما الحقيقة؟ للأسف الإعلام تناول القضية إعلاميا دون الرجوع للمؤسسة الوطنية المنوطة بهذا الشأن، وهي الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وأصبحوا يرددون معلومات خاطئة وعارية تمامًا من الصحة، ولو تم الرجوع للهيئة لتبين حقيقة هذا الأمر، خاصة أن علماء الأرصاد يتابعون هذا الحدث لحظة بلحظة، منذ بداية ولادة وتكوين هذا المنخفض الذي أطلق عليه إعصارا، لذا أصدرنا بيانًا حذرنا فيه من منخفض جوي يضرب بعض المناطق والمحافظات، قد يؤدي للسيول لو تم وصوله للمناطق الجبلية، ولم نحذر من إعصار، لأنه من الصعب أن يتكون إعصار بالبحر الأبيض المتوسط. - ببساطة.. ما الفرق بين الإعصار والمنخفض؟ الإعصار هو شيء مدمر، يبدأ من اختلاف في درجات الحرارة بين المياه والجو، ويتعمق مع حركة المنخفض والسرعات العالية له في الرياح بتأثيرات مدمرة، على عكس المنخفض، الذي يمر مصحوبًا بسحب كثيرة، ومع بداية تحركه ينتهي تأثيره، وليس له آثار مدمرة. - حار جاف صيفًا، دافئ ممطر شتاء.. هل هذا الوصف أصبح دقيقا لمناخ مصر حاليا؟ أم أننا أمام تغيرات مؤقتة؟ حاليا هيئة الأرصاد، تعكف على عمل دراسات متخصصة جدا في هذا المجال، لكشف مدى تأثير التغيرات المناخية على مصر، وذلك من خلال تعاونها مع عدة وزارات منها: «البيئة، والري، وهيئة المساحة، والقوات المسلحة»، لعمل دراسة حتى عام 2100، لكشف ماذا يحدث في مناخ مصر خلال الفترة المقبلة، وتقريبًا انتهت الهيئة من المرحلة الأولى لهذا المشروع، وهناك تقرير يعد عن هذه المرحلة بالإضافة للخريطة التفاعلية، وهي تعد مصدر المعلومة لصانعي القرار، وتوضح تأثير زيادة درجات الحرارة على الزراعة، والصحة والبيئة، والموارد المائية. - بعد طول الصيف وتقلص الخريف.. هل تصبح فصول السنة اثنين فقط؟ لا أعتقد أن تكون فصول السنة اثنين، لأن هناك مواسم مختلفة، وآثارا مختلفة، قد يكون عمر الفصل قصيرا، لكن انتهاء الفصل تمامًا أمر غير منطقي، لأن الفصول نعمة أنعم الله سبحانه وتعالى بها على مصر، لوقوعها في هذا الموقع الجعرافي المتميز المتنوع في الفصول. - ما خطورة التغير المناخي على مصر؟ التغير المناخي يختلف تأثيره من مكان لآخر، إذ يؤثر على عدة قطاعات منها الزراعة، وقطاع الطيران، والصحة، ومصادر المياه، والبيئة. - كيف نتجنب هذه المخاطر؟ الدولة نفذت عدة مشروعات مهمة لتجنب مخاطر التغيير المناخي، وقامت حماية الشواطئ التابعة لوزارة الري والموارد المائية، بتنفيذ عدد من المصدات للأمواج لتلاشي زيادة منسوب سطح البحر، وكذلك وزارة الزراعة، والتي قامت بتنفيذ عدة مشروعات أيضًا في المزارع السمكية للحفاظ على الثروة السمكية. - تتعرض الإسكندرية منذ سنوات لظروف مناخية قاسية.. هل أصبح بقاؤها مهددا؟ غرق محافظة الإسكندرية، كلام عار تماما من الصحة، لأن هناك اتفاقيات عالمية ودولية بين دول العالم، للحد من عملية الانبعاثات، مثل اتفاقية باريس التي وقعتها مصر عام 2015. - ما الانبعاثات؟ الانبعاثات هي غازات الاحتباس الحراري، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، غاز الميثان، وهي تظل في الغلاف الجوي لملايين السنوات، وتعمل على احتباس الحرارة، وتسبب ارتفاعها على السطح بطريقة غير متوقعة. - هل تمتلك الأرصاد الجوية تقنيات عالية للتنبؤ بمستقبل المناخ في مصر؟ الهيئة يوجد بها تقنيات عالية لدراسة المناخ، والمناخ ليس بالتنبؤ، وإنما هو مجموعة من السيناريوهات يتم عمل إسقاطات لها على الواقع لمعرفة مدى تأثيره على الواقع. - كم عدد محطات الرصد في القاهرةوالمحافظات؟ هناك عدد من المحطات بالقاهرة لرصد عناصر الأرصاد الجوية المختلفة، ولكن هناك جهات أخرى لديها محطات للرصد، مثل الري، ومعهد البحوث الفلكية، والبيئة، ندعو كل هذه الجهات لتوحيد الرصد وعمل الشبكة القومية لرصد عناصر الرصد الجوية، وحتى الآن لا توجد معلومة واحدة تؤكد أرقام محطات الرصد الموجودة بالجهات الأخرى، لذلك لم يتم تحديد محطات الرصد في مصر. - هل يقتصر دور الأرصاد الجوية على نشرات الطقس اليومية؟ الأرصاد لم تقتصر دورها على نشرات الطقس فقط، ولكنها عضوا في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وتتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية في تبادل المعلومات والبيانات والتدريب، لأنها تمتلك المركز الإقليمى للتدريب، والذي يتم من خلاله تدريب عدد كبير من الأفارقة كل عام، على أمور رصد وقياس وبحوث الأرصاد الجوية. - رغم الاهتمام الكبير بمتابعة النشرات الجوية فإن هناك انتقادات دائمة للتوقعات المعلنة.. ما تعليقك؟ السجلات هي الفيصل الوحيد في دور الأرصاد الجوية، ومع تطور علوم الرصد الجوي والأجهزة والتقنيات المستخدمة، أصبحت تنبؤات الأرصاد بنسبة 100%، بسبب التقنيات المختلفة، وكذلك الرادرات، والأقمار الصناعية، وأجهزة رصد مختلفة، وحواسب بدقة عالية، تساعده على تنبؤات عالية الدقة. - كيف ترى انتشار ظاهرة نشطاء الأرصاد الجوية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هي ظاهرة ليست ضارة، ولكن نتمنى عدم التدخل في الاختصاصات، لأن رواد تلك المواقع أصبحوا الآن يصدرون تنبؤات بناءً على مقياس درجات الحرارة بالهواتف الخاصة بهم، لذلك ننصح إذا لم يتوفر لديهم معلومة، فلابد من اللجوء للمتخصصين لمناقشة هذا الأمر، وإصدار بيانات صحيحة وسليمة للمواطنين، وعدم إحداث بلبلة في هذا الأمر. - لماذا لم يتم ملاحقتهم؟ نحن في هيئة الأرصاد، لم نمتلك سلطة ملاحقة هؤلاء، لأن معظهم يرددون أن الغرض من الرصد خدمة العمل، وبالتالي لم ينص القانون على معاقبتهم. - أعلنت ناسا مؤخرًا عن وصول ثقب الأوزون لأصغر حجم منذ اكتشافه.. ماذا يعني ذلك؟ الأوزون هو كمية تزيد وتقل كل عام، وخلال فصل الصيف يبدأ الأوزون يتولد بحجم أكبر أمام خط الاستواء، وتبدأ هذه الكميات بالصعود إلى الأعلى، ومع قدوم شهور الربيع تبدأ هذه الكميات بالهبوط مرة أخرى، وهي دورة طبيعية للأوزون، وماقدرش أقول إن تصريح ناسا صحيح أو خطأ. - كيف تتنبأ الأرصاد الجوية بالطقس اليومي؟ لدينا عدد من النماذج التي يتم متابعتها كل يوم، وهو عبارة عن نموذج رياضي معقد جدا يعمل محاكاة للغلاف الجوي، نحدد من خلاله درجات الحرارة، وهذه المحاكاة تعتمد على معلومات علمية دقيقة وأمور فيزيائية معقدة، لا يجوز شرحها. - ما الأجهزة التي تستخدم في التنبؤ؟ نستعين بعدة أجهزة، منها الأقمار الصناعية، والرادارات بشبكات الرصد الخاصة بالهيئة، بالحواسب والكمبيوتر العالية مثل جهاز «htc»، وفوق كل ذلك نحتاج إلى المتخصص الدارس الواعي الذي يعي كل هذه الأمور، ويتمكن من التعامل مع هذه الأجهزة.