محافظ سوهاج ورئيس «النيابة الإدارية» يفتتحان مقر الهيئة بمدينة ناصر    «سويلم»: الحضارة المصرية اعتمدت على حسن إدارة مياه النيل.. و20 مليار متر مكعب حجم عجز المياه    باريس تفتح باب التدخل المباشر في الحرب الأوكرانية    ليفربول يتقدم بالهدف الأول أمام أستون فيلا بالنيران الصديقة    مصرع طالب صدمته سيارة وفرت هاربة بالمنيا    تعرف على شروط التقديم للوظائف في المدارس التكنولوجية    روحانيات مسجد السيدة زينب    أشرف زكي: لم نصور مسرحية احترافية منذ 2011.. مسارح إسكندرية مفيهاش لمبة منورة والقاهرة كحل    اكتشاف سبب جديد لسرطان المعدة    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    لو بتستعد للإجازة.. مواعيد القطارات الصيفية لمرسى مطروح والإسكندرية    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    بعد الإعلان عنها، تعرف على شروط ورابط التقديم لوظائف الجامع الأزهر    ساوثجيت عن تدريب يونايتد: شيء واحد فقط يهمني    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    الصين تدعو إلى دعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    بوتين يعقد أول اجتماع لمجلس الأمن الروسي بعد التغييرات في قيادته    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    مدرب توتنهام: لا أستمتع ببؤس الآخرين.. وأثق في رغبة المشجعين بالفوز على مانشستر سيتي    حالة الطقس ودرجات الحرارة غدا.. ظاهرتان جويتان تضربان البلاد    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    مياه الشرب بالجيزة تستطلع رأى المواطنين بمراكز خدمة العملاء    3 أسماء عالمية مرشحة لدعم حراسة مرمى الاتحاد السعودي    السجن المؤبد للمتهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا لفتح مقبرة أثرية بالفيوم    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق السياحة العلاجية    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    الغموض يحيط بموقف رياض محرز من الانضمام للمنتخب الجزائري    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    هل يحق للمطلقة أكثر من مرة الحصول على معاش والدها؟.. «التأمينات» توضح الشروط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تستطيع اليابان التخلي عن الطاقة النووية؟

إقترحت الحكومة اليابانية منذ عدة أيام إستراتيجية للطاقة والبيئة وذلك مع قرب إنتخابات الرئاسة هذا العام 2012. وترمي هذه الإستراتيجية إلي تخفيض الإعتماد علي الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تدريجيا وصولا بها إلي الصفر بحلول عام 2040 (أي حوالي 28 عاما من الآن). وللعلم فإن اليابان بها حاليا خمسون مفاعلا نوويا شغالا لإنتاج الكهرباء وتغطي حوالي 30% من إحتياجات اليابان الكهربية الحالية بالإضافة إلي مفاعلين إثنين تحت الإنشاء.
ومع إعلان هذه الإستراتيجية تتابعت الأخبار وتوالت العديد من التحليلات والدراسات التي أبدت دهشتها من إمكانية اليابان تحقيق ذلك ومن الدافع وراء ذلك والهدف منه.
وطبقا لهذه الإسترتيجية فإنه علي المدي القصير يسمح للمفاعلات المتوقفة حاليا بإعادة تشغيلها بعد موافقة هيئة التنظيمات النووية اليابانية علي ذلك. ويتم تشغيلها حتي نهاية عمر تشغيلها المقدر بأربعين عاما. وتعتمد هذه الإسترتيجية علي تعويض النقص التدريجي في الإعتماد علي الطاقة النووية بزيادة الإعتماد علي الغاز الطبيعي المسال والفحم واستيراد المزيد منهما وكذلك إدخال مصادر الطاقة المتجددة. ويشير المحللون أن زيادة الإعتماد علي الغاز الطبيعي المسال والفحم واستيراد المزيد منهما سيؤدي حتما إلي زيادة العجز في الميزان التجاري لليابان وإلي التقليل من قدرة اليابان علي الوفاء بالتزاماتها نحو الحد من إنبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون. وهذا يدفع المحللين إلي ألإعتقاد بوجود إحتمالات عالية لإقدام اليابان علي مراجعة هذه الإستراتيجية مستقبلا نظرا لعدم واقعيتها وعدم إمكان تحقيقها من الناحية التكنولوجية. ويشير خبراء الطاقة أنه لابد لليابان أن تحافظ علي سياسة تنويع مصادر الطاقة وعلي إستمرار مساهمة الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء بنسبة تتراوح بين 20% إلي 25% علي الأقل.
ويتعجب خبير البيئة والطاقة العالمي مارك ليناكس Mark Lynas الإنجليزي الجنسية من هذه الإستراتيجية اليابانية حيث يقول :" أعجب أن السياسيين حول العالم وتحت ضغط مايسمون أنفسهم بالخضر يتخذون قرارات ترفع من مخاطر التغييرات البيئية وذلك بالتخلي عن أكثر المصادر أمانا لإنتاج الكهرباء "
ويتلخص تعليقي علي استراتيجية الطاقة التي تقترحها اليابان وذلك من موقعي كخبير للشئون النووية والطاقة فيما يلي:
1. أن هذه الإستراتيجية هي مجرد مناورة سياسية لكسب أصوات حزب الخضر في الإنتخابات القادمة هذا العام 2012 ثم يتم الرجوع عنها عندما يثبت عدم إمكانية وفاعلية تطبيقها. تماما مثلما حدث في السويد التي أعلنت في أوائل الثمانينات قرارها بتخليها عن الطاقة النووية كمناورة سياسية ثم تخليها عن هذا القرار بعد ذلك ولاتزال المحطات النووية تعمل حتي الآن في السويد.
2. أن الإقتصاد الياباني وإن كان يمكنه تحمل إستيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط إلا أن ذلك يؤثر سلبا علي الإستقلال السياسي لليابان وعلي أمان توفير الطاقة.
3. إن هذه الإستراتيجية ستؤثر سلبا علي العديد من الصناعات النووية باليابان والتي يعمل بها عشرات الآلاف من العاملين اليابانيين والتي تشمل صناعات إثراء وتصنيع الوقود النووي ومعالجة الوقود النووي والعديد من الصناعات الأخري والأبحاث المرتبطة بالمحطات النووية.
4. إن هذه الإستراتيجية ستحد من قدرة اليابان علي الوفاء بالتزاماتها نحو الحد من إنبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون والمحافظة علي نظافة البيئة.
والآن ما انعكاس ذلك علي متخذي القرار بخصوص المشروع النووي المصري؟
نقول بهذا الخصوص أن اقتراح اليابان تخفيض الإعتماد علي الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تدريجيا وصولا بها إلي الصفر بحلول عام 2040 (أي حوالي 28 عاما من الآن) حتي لو لم يتم الرجوع عنه, كما تم الرجوع عنه في السويد وربما أيضا ترجع عنه ألمانيا وسويسرا, فبجانب هذه الدول عشرات الدول الأخري التي تبني المزيد من المحطات النووية طبقا لخططها الإستراتيجية واحتياجاتها من الطاقة الكهربية. فلماذا لا نأخذ الصين مثالا وهي تبني 26 محطة نووية في آن واحد، أوروسيا الإتحادية وبها 11 محطة نووية تحت الإنشاء في آن واحد ، أو الهند وبها 7 محطات نووية تحت الإنشاء في آن واحد ، أوكوريا الجنوبية التي تبني حاليا ثلاث محطات نووية في آن واحد. أما اليابان وسلوفاكيا وأوكرانيا وباكستان فلدي كل منهم محطتين نوويتين تحت الإنشاء, كما أن الأرجنتين والبرازيل وفنلندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بكل منهم محطة نووية تحت الإنشاء. بل هناك دول تعداد سكانها في حدود العشرة ملايين ومع ذلك بها العديد من المحطات النووية الشغالة مثل السويد (حوالي 9 مليون نسمة) وبها 10 مفاعلات نووية شغالة لتوليد الكهرباء, وفنلندا (حوالي 5 مليون نسمة) وبها 4 مفاعلات نووية شغالة وواحدة أخري تحت الإنشاء, وجمهورية التشيك (حوالي 10 مليون نسمة) وبها 6 مفاعلات نووية شغالة, وبلجيكا (حوالي 11 مليون نسمة) وبها 7 مفاعلات نووية شغالة. وهاهي أوكرانيا (التي وقع بها حادث مفاعل تشيرنوبيل عام 1986) يوجد بها 15 محطة نووية شغالة وتبني حاليا محطتين إضافيتين. وهذه البيانات طبقا لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتي أول أغسطس من العام الحالي (2012). كما أن إيران بدأت العام الماضي تشغيل أول محطة نووية بها والإمارات بدأت في إنشاء أربع محطات نووية بها وستدخل التشغيل تباعا بدءا من عام 2017, وستتعاقد علي أربع أخري تالية. وهاهي السعودية تعلن عزمها إنشاء 16 محطة نووية علي أراضيها ورصدت لها 100 ألف مليون دولار وعلي ان يبدأ تشغيل أول محطتين في خلال عشر سنوات ويستكمل تشغيل جميع المحطات بحلول عام .2030 وتركيا أعلنت عزمها إنشاء 23 محطة نووية بحلول عام 2023 لتغطية إحتياجاتها المتزايدة من الطاقة الكهربية.والأردن تلقت عطاءات لمحطتها النووية الأولي مع كونسرتيوم فرنسي ياباني ومن شركة روسية وذلك لبناء مفاعلين نوويتين قدرة كل منهما 1100 ميجاوات علي أن يبدأ تشغيلها عام 2020 . والمغرب أعلنت عزمها إقامة محطات نووية عدة بدءأ من عام 2022 . والجزائز تعلن في مطلع عام 2011 عن نيتها بناء عدة محطات نووية لتوليد الكهرباء علي أن يبدأ أنشاء أول محطة عام 2020 وغيرها الكثير من الدول .
إن قرار اليابان له دوافعه وأسبابه التي تخصها وحدها ولاينبغي أن ننساق وراءه بلا فهم منا وتعقل. وترجع أهم أسباب هذا القرار إلي الآتي:
أولا: أليابان من الدول التي ليس لديها تزايد حقيقي في عدد السكان بل يتناقص عدد سكانها وبالتالي فهي ليست في حاجة إلي زيادة معدلات إنتاج الكهرباء بأراضيها. وهذا لاينطبق علي الدول العربية, فمثلا معدل تزايد السكان في مصر وحدها يزيد عن المليون نسمة سنويا ومعدل تزايد استهلاك الكهرباء بها يزيد بحوالي 7% سنويا وعلي أقل تقدير وتحتاج سنويا إلي حوالي 3000 ميجاوات كهرباء إضافية.
ثانيا: ليس لدي اليابان مشكلة في إستيراد المزيد من الغاز الطبيعي والفحم حتي وإن أثر ذلك علي ميزانها التجاري حيث أن اقتصادها قوي مافيه الكفاية ولا توجد لديها مشاكل حالية أو محتملة من حيث منع الغاز أو الفحم عنها لظروف سياسية أو عسكرية, وهو مالاينطبق علي الدول العربية عامة.
ثالثا: أن قرار أليابان له أسباب سياسية وقتية والراجح فإنه سيتم الرجوع عنه بعد الإنتخابات الرئاسية أو خلال الثلاثين عاما القادمة, مثلما حدث في السويد
رابعا: إذا قررت اليابان التخلي عن الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء بحلول عام 2040 فإنه مازالت هناك ثلاثون دولة عند قرارها في الإستمرار في خطتها الحالية والمستقبلية في إنشاء وتشغيل المفاعلات النووية بل وفي إنشاء المزيد منها مثل كوريا الجنوبية والصين والهند وروسيا بل واليابان ذاتها التي قررت مؤخرا الإستمرار في إنشاء مفاعلين نووين بها لإنتاج الكهرباء, بالإضافة إلي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وكندا وأسبانيا والأرجنتين وليتوانيا وبلاروسيا وباكستان وكازاخستان وسلوفاكيا وهولندا وأوكرانيا وبنجلاديش وغيرها. وهناك دول مثل فرنسا تساهم الطاقة النووية بها بحوالي 80% من إجمالي إنتاج الكهرباء بأراضيها. وبهذا الشأن نحي الإمارات علي إستمرارها الجاد وبغير تردد في البدء في إنشاء أربع محطات نووية بها كما نحي المملكة العربية السعودية علي إعلان عزمها إنشاء 16 محطة نووية علي أراضيها, وعلي رصدها 100 ألف مليون دولار لهذا الغرض, وعلي ان يبدأ تشغيل أول محطتين في خلال عشر سنوات ويستكمل تشغيل جميع المحطات بحلول عام 2030
خامسا: كل دولة تأخذ قرارها طبقا لمعطياتها المحلية وليس طبقا لمعطيات أي دولة أو دول أخري فلكل دولة ظروفها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ,والتي ليس بالضرورة أن تتشابه مع غيرها من الدول, والتي بناءا عليها تضع إستراتيجية وخطط إنتاج الطاقة الكهربية بها وتخطط لمصادر إنتاج هذه الطاقة وطبقا لمصادر الطاقة المتوفرة بها. فألمانيا علي سبيل المثال يساهم الفحم في إنتاج حوالي نصف إجمالي الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها في حين أن السويد تساهم المساقط المائية في إنتاج حوالي نصف إجمالي الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها وفي فرنسا تساهم الطاقة النووية في إنتاج حوالي 80% من إجمالي الطاقة الكهربية المنتجة بأراضيها.
سادسا: اليابان لن تلجأ إلي الطاقة الشمسية لتعوض نقص الطاقة الكهربية التي ستنتج عن إيقاف المحطات النووية بها لعلمها ان الطاقة الشمسية لايمكن أن تكون مصدرا أساسيا لتوليد الكهرباء ولكن تكون فقط مصدرا مكملا لاغير لمصدر الطاقة الأساسي سواء نووي أو أحفوري (غاز أو بترول أو فحم) أو مساقط مياه. بل ستلجأ اليابان إلي إستيراد المزيد من الغاز الطبيعي والفحم لتعويض النقص المتوقع في الطاقة الكهربية عند إغلاق مفاعلاتها النووية.
فلماذا نأخذ اليابان, أو ألمانيا وسويسرا, مثالا يحتذي به في استرتيجيتنا للطاقة النووية ,وهي دول وصلت إلى درجة الكفاية والرفاهية التى لا يستلزم معها مزيد من الطاقة الكهربية ولا تحتاج إلى خطط تنمية وخاصة مع تناقص عدد سكانها. لماذا لا نأخذ الصين مثالا وهي تبني 26 محطة نووية في آن واحد أوروسيا الإتحادية وبها 11 محطة نووية تحت الإنشاء في آن واحد أو الهند وبها 7 محطات نووية تحت الإنشاء في آن واحد أو كوريا الجنوبية التي تبني حاليا ثلاث محطات نووية في آن واحد. وقد أعلن في 24 فبراير من العام الحالي (2012) صب خرسانات الأساسات لمحطة البلطيق النووية والمكونة من وحدتتين نوويتين وذلك فى كليننجراد. والمفاعلان النوويان من النوع الروسي المعروف بإسم VVER-1200 . وسيبدأ التشغيل التجارى للمفاعل الأول فى 2017، يليه الثانى بعد عام. ويوجد حاليا تحت الإنشاء تسع محطات نووية لتوليد الكهرباء في دول الإتحاد الأوروبي ، منها واحدة في فنلندا (وبها حاليا أربع محطات نووية شغالة ) وواحدة في فرنسا (وبها حاليا 58 محطة نووية شغالة) واثنين في سلوفينيا واثنين في أوكرانيا (حيث وقع حادث مفاعل تشرنوبيل ) واثنين في بلغاريا بالإضافة إلي عشرة محطات نووية تحت الإنشاء في روسيا. هذا ويوجد علي مستوي العالم حاليا 62 مفاعلا نوويا لإنتاج الكهرباء بإجمالي قدرة كهربية حوالي 60000 ميجاوات كهرباء وذلك طبقا لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتي أول أغسطس من العام الحالي (2012).
وبهذه المناسبة, أكرر دعوتي إلي سرعة إتخاذ القرار في تنفيذ المشروع النووي المصري علي كامل مساحته المخصصة له بالضبعة مع إنصاف أهل الضبعة في صرف التعويضات المستحقة لهم بلا إفراط ولا تفريط ، مع التحقيق في المتسببين في حاث إقتحام الموقع وتدمير وسلب محتوياته والمروجين للإشاعات المغرضة والمغلوطة والتي تسببت في إثارة أهل الضبعة ومعارضتهم للمشروع رغم أنهم أول المستفيدين منه ماديا واقتصاديا واجتماعيا كما أنهم كانوا أول المؤيدين له ...
إن كل شهر تأخير في تنفيذ المشروع النووي بالضبعة والمتمثل في إنشاء حتي ثماني محطات نووية, يتسبب في خسارة شهرية أكثر من 800 مليون دولار, فقط بسبب فرق تكلفة الوقود النووي عن تكلفة الوقود البديل من الغاز أو البترول, مما يعني خسارة تأخير سنوية حوالي 10 مليار دولار وهو ما يعادل تقريبا تكلفة محطتين نوويتين. أما كفانا خسارة تزيد عن 200 مليار دولار بسبب تأخير برنامج القوي النووي بأكمله لثلاثين عاما مضت ؟
خلاصة القول: إن إسترتيجية انتاج الكهرباء في مصر وخاصة أنه ليس لديها وفرة من الغاز الطبيعي أو البترول، تستلزم الإعتماد المتزايد علي الطاقة النووية, مدعومة بالتوسع في إستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وعلي رأسها طاقة المساقط المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك تستلزم هذه الإستراتجية الحد التدريجي من الإعتماد علي البترول والغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء وفي تحلية المياه. وهذه الإسترتيجية لايمكن أن تكون ألعوبة في إيدي مرتعشة تغيرها وتبدل فيها تأثرا بأحداث محلية أو إنقيادا لسياسات دول خارجية أو طبقا لأهواء أشخاص هنا أو هناك ليسوا متخصصين في الطاقة النووية أو إستراتيجيات إنتاج الطاقة.
وأختم قولي أننا لسنا مروجين للمحطات النووية كما يدعي البعض فأنا شخصيا لست ، ولن اكون ، مستفيدا منها بصفتي الشخصية وليس لي مطمعا خاصا , وقد بلغت من العمر أرذله, ولم يعد لي من أحتاجه ولامن يحتاجني في مليم واحد, وإنما هذا مشروع الأجيال القادمة ولصالحها ، تماما كما كان مشروع السد العالي ... وكما حمي السد العالي ( رغم المعارضين له في ذلك الوقت ) من فيضانات وسنوات قحط مياه كارثية سيحمي مشروع الطاقة النووية من نقص طاقة كارثي في المستقبل لايمكن تعويضه بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح وحدهما .... ولو لم يتم تنفيذ المشروع النووي في مصر قد نضطر إلي استيراد الكهرباء من الإمارات أوأسبانيا تماما كما نستورد القمح من الخارج مع الفارق فالقمح يمكن الاحتفاظ بمخزون استراتيجي منه لعدة أشهر ولكن كيف يمكن ذلك مع استيراد الكهرباء !! ؟
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
----------
كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا) وخبيرالشئون النووية و الطاقة

كاتب المقال حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.