أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصا صامتة.. وأحداثا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم الزمان: 2007م المكان: مركز المنشأة الجريمة: سرقة وقتل القاتل الصغير العقيد ثاقب مدنى، رئيس مباحث الجوازات بميناء الغردقة يروى لنا جريمة فى ذاكرته وقعت أحداثها منذ اثنى عشر عاماً، وما زالت عالقة فى ذهنه، لأنها راح ضحيتها طفلة صغيرة دون ذنب اقترفته يداها البريئتان، على يد ابن عمها، ليستولى على قرطها الذهبى، وهذه الواقعة أكدت المقولة الشهيرة بأن الجريمة لا تفيد، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل «إن ربك لبالمرصاد». يقول العقيد ثاقب مدنى: فى شهر سبتمبر من عام 2007 م، عندما كنت رئيساً لوحدة مباحث المنشأة بمحافظة سوهاج، ورد لنا بلاغ من أهالى قرية الرويهب التابعة لمركز المنشأة بعثورهم على جثة «أمل محمد» 6 سنوات بالزراعات، فتوجهنا إلى مكان البلاغ وأثناء المعاينة شاهدنا دماء على أذنيها وغياب قرطها الذهبى، وعندما قام مفتش الصحة بالكشف عليها أكد وجود شبهة جنائية فى الوفاة، ما جعل النيابة العامة تأمر بتشريحها لبيان سبب الوفاة فقمنا بنقل الجثة إلى المستشفى المركزى. بدأنا فى رحلة البحث عن الجانى، وكانت صعبة للغاية لأن أسرة القتيلة لم تتهم أحداً ولم يكن بينها وبين أهالى القرية أية مشاحنات، وقمنا باستدعاء كل المسجلين جنائياً ومن لهم سوابق مشابهة بالقرية والقرى المجاورة ولكن دون جدوى، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا إرادة الله التى شاءت ألا تضيع دماء تلك الطفلة البريئة هدراً وأن ينال الجانى عقابه على أيدى العدالة. فقد أفادنى أحد المصادر بمعلومة، مفادها أن «حسن» 16 سنة ابن عم القتيلة تمت رؤيته مع الطفلة بجوار الزراعات فى يوم الحادث، فقمنا باستئذان النيابة العامة للقبض عليه وتفتيش منزله، وبمجرد تفتيشه عثرت على القرط الذهبى بمحفظته، وبتضييق الخناق عليه ومواجهته بما أسفرت عنه التحريات وشهادة الشهود اعترف بجريمته تفصيلياً وأنه استدرج الطفلة طمعاً فى قرطها الذهبى لمروره بضائقة مالية وأن الطفلة صرخت أثناء استيلائه على القرط الذهبى فقام بكتم أنفاسها ولم يتركها إلا جثة هامدة، وعندما توجه لبيعه لأحد أصحاب محلات الذهب طلب منه فاتورة شراء، فقام بوضعه داخل محفظته الخاصة لحين بيعه فى مكان آخر بعيداً عن مدينة المنشأة. تمت إحالته إلى النيابة العامة فأمرت بحبسه على ذمة التحقيقات وإحالته محبوساً إلى محكمة جنايات سوهاج فقضت عليه بالسجن عشر سنوات بعد أن استعملت معه الرأفة لعدم بلوغه 18 عاما.