لم تشهد مصر نبلا ورقيا فى السلوك كما شهدته ثمانية عشر يوم فى الميدان وكأننا كنا على موعد مع ثورة تعيد إلى المصريين الإنتماء المفقود تعيد الأمجاد والفخار ، إتسع الميدان لكل فئات الشعب دون تمييز بين جنس ودين ، لم تشهد مصر حادث سرقة او تعدى ، لم تشهد أى تحرش بأنثى ، وارتوى التحرير بدم الشهداء معلنا أن للحرية أثمانا غالية دفعها الشباب والشابات ، العيش الكريم ، العدالة الإجتماعية مطالب أساسية رفعها أبناء مصر شعارا ، كانت مدينة السويس الباسلة أولى المدن التى اشعلت جذوة الثورة ، وكان حى الأربعين شاهدا على اول الشهداء الذين سقطوا برصاص الخائنين ، السويس العزيزة على النفس يشهد التاريخ أنها سطرت أروع ملاحم النضال ،كم خاضت من الحروب وانتصرت لتظل نبراسا يقينا الهجير ، هاهى السويس الآن تتبدل كباقى مدن المحروسة ، الجرائم تلقى بظلالها فيندى الجبين ويئن الفؤاد وجعا جريمتان مروعتان فى أقل من شهر الأولى لطالب الهندسة الذى جلس مع خطيبته فى حديقة عامة على مرأى ومسمع من الكافة والساعة تشير إلى السابعة مساء حين هجم عليه ملثمون ليتلقى طعنة أودت بحياته لأنه من وجهة نظرهم إرتكب فعلا لم يعد يليق بالدولة المصرية الآن التى إتخذت منحى دينيا فلا يجوز أن يحادث فتاة بينه وبينها مشروع زواج لم يتم بعد ، وفقدنا شابا طموحا لم يتبق على تخرجه سوى عدة شهور ليكتوى قلب أحبائه بنار فقدانه للأبد دون ذنب ، والكارثة الأخرى هو إغتصاب خمسة ذئاب لفتاة تحت تهديد السلاح حينما كبلوها وتناوبوا الإعتداء عليها فى شقة أحدهم ، لم يأخذهم بها شفقة أو رحمة ، لم يشفع لها الشهر الفضيل ولا أية توسلات تعيدهم إلى صوابهم ويستيقظ الضمير ، على العكس تحولوا فى لحظة إلى وحوش كاسرة فدمروا مستقبلها وتركوا جرحا غائرا لن تضمده السنين ، ثم ألقوا بها فى التوفيقية ، وهاهى ترقد حاليا بأحدى المستشفيات لتلقى العلاج ، ذكرنا هذا الحادث بالفتاة التى تم إغتصابها إبان الثورة تحت تهديد ( كلب ) وكانت تسير فى عز الظهر عائدة إلى منزلها ، من يعيد الحق لهؤلاء الفتيات اللاتى انتهكت آدميتهن ، وغيرهن كثيرات ربما لم يفصحن عما أصابهن خوفا من العار الذى يلازمهن مدى الحياة فآثرن الصمت وإبتلاع الإنكسار ، لو تم تغليظ عقوبة التحرش والإغتصاب من المؤكد سيرتدع باقى الذئاب ، فلنغير القوانين من أجل حماية الأعراض ، وإلا ستتكرر المآسى كل لحظة ، وهل ننسى المجرم الذى إعتدى بوحشية على ذات العامين فأفقدتها براءتها ومزق أوصالها وصراخها إلى عنان السماء تستجير هل من منقذ ؟ ثم نعود ونلوم على الفقر أنه السبب ، نلوم الثورة وذاك التاريخ الذى أنهى حقبة مظلمة ظالمة وكأن الثورة مسئولة عن سوء التقدير وسوء الأخلاق ، الثورة تدفع إلى الأمام تهذب النفس قامت من أجل التغيير ثورة على الإستبداد ، لاننكر أن هناك مطبات ومعوقات كالزلزال وتوابعه ، لكن آفة العصر ( الإغتصاب ) تحتاج إلى وقفة جادة ، خاصة مع الإنفلات الأمنى الرهيب الذى طال كل مناحى الحياة ، لماذا لايتم إعدام المغتصب ألم يقتل نفسا ؟ فالأحكام المخففة تدفع للتكرار ولن تقف حائطا صدا للردع ، والكثير يهرب بفعلته ثم يعاود نشاطه مطمئنا أن السلاح والمخدرات وأصدقاء السوء أدوات جريمته متوفرة متى شاء ، لو أعدم ذئب ستعتبر كل الوحوش ، إن حوادث الإغتصاب التى تكررت بشكل غير مسبوق ألزمت النساء بيوتهن وملأت أفئدتهن بالخوف والرعب من أى رجل يقع ظله عليهن ، وبات فقدان الثقة وفقدان الأمان يهددان الأمهات خوفا على بناتهن فآثرن أن يرافقهن ذهابا وإيابا بعدما أحاطنا الذئاب من كل الجوانب ، فالذئاب لم تعد تفرق بين الرضع والكبار الكل فى الإجرام سواء