سامح الله الزميل محمد صابرين، مدير تحرير «الأهرام» على ما فعله فينا فى هذا الشهر الكريم، فقد أخرج لنا يوم الأحد الماضى ملحقاً مميزاً من الناحية المهنية ولكنه مقلق من الناحية السياسية، موجع لبطون الصائمين المسالمين, الذين يريدون لهذا الوطن الجريح أن يهدأ، وأن يستقر!! خرج ملحق الأهرام كاشفاً للمرحلة القادمة التى يمكن أن تمر بها مصر فى جمهوريتها الثانية، ووصف حالة الأمة التى تريد مستقبلاً ديمقراطياً، واقتصادياً، واجتماعياً مميزاً.. ولكن مفكرى مصر وعقولها أصابونا بالقلق المميت الذى يؤكد أن كل من يقوم بإعمال عقله فى هذا الوطن غير مستريح للفكر الأحادى الاستبدادى الشمولى المرشح للسيطرة على كل شىء فى مصر.. قالوا كلاماً يؤكد أننا مقدمون على صراع كبير بين نموذجين واضحين لشكل الدولة.. الأولى دينية فى صعود، والثانية مدنية تحتاج لمراجعات تجعلها تحصل على فرصة عادلة فى مواجهة التكفير والسب اليومى ممن لا يريدون لهذا الوطن أن يكون له عين ترى وعقل يفهم فى ظل غياب مؤكد ورحيل حتمى لنموذج الدولة العسكرية الصارمة.. الوضع خطير فتعالوا نقرأ ماذا قالوا فى هذا الملحق المهم. قال الفقيه الدستورى الكبير الدكتور ابراهيم درويش: لن تستطيع قوة مهما كانت إقامة دولة دينية فى مصر، ولا أنكر أن الوضع خطير جداً، لكن الدولة الدينية بطبيعتها غريبة عن عقيدتنا، فليس فى الإسلام ما يٌعرف بالدولة الدينية التى كانت فى أوروبا بقيادة الكنيسة وصكوك الغفران، فى العصور الوسطى، ثم قامت ضدها ثورات. عندنا نحو 20 فصيلاً سياسياً كلهم خرجوا من عباءة الإخوان، والحديث عن دولة دينية بمرجعية إسلامية كلام «عبث» يؤدى لحرق البلد . ومن يريدونها كذلك يريدون أمراً كله بغى وعدوان على الوطنية المصرية..ابن خلدون والجبرتى ومحمد عبده أكدوا أنه لم يحدث أن قامت دولة دينية فى تاريخ الإسلام. حتى فكرة الخلافة كانت «اجتهادا» بدأ قوياً وانتهى على ما نعرف، حتى قال الدكتور جمال حمدان: إن المصريين كانوا يٌعاملون معاملة القطيع والكلاب فى ظل الخلافة العثمانية! أما أستاذ الطب النفسى الشهير الدكتور أحمد عكاشة فقد قال: أولويات الرئيس مرسى ستكون محاولة وضع القيادات الإخوانية فى كل المراكز القيادية فى كل المؤسسات سواء الحكومية أو المصرفية أو البنكية أو الاقتصادية أو القضائية، كما سيتسلل تدريجياً فى الشرطة والقوات المسلحة، وسيأتى لها بقيادات إسلامية وهذه هى أجندتهم بالاستيلاء على كل شىء ثم بعد ذلك يتوجهون للبلاد الأخرى لتحقيق الخلافة الإسلامية! وسيتحكم الإخوان فى محمد مرسى لأننى لا أعتقد أن أى إنسان أخذ بالبيعة فى الإخوان من السهولة أن يتخلى عنها سواء إذا استقال أو عٌين فى منصب، وبالتالى فإن ارتباطه وقراراته ستكون مبنية على رأى الجماعة! وقال الكاتب المسرحى لينين الرملى: سوف يستمر حكم «العمامة» فى مصر من 20 إلى 30 سنة، وأعتبر المعركة الحالية هى الأخيرة بين القرون الوسطى والعصور الحديثة، لكن العمامة ستزول بعد خراب.. وأرجو أن أكون مخطئاً، لكن لنرى ماذا فعل الإسلام السياسى فى الدول العربية المحيطة! فى السودان عندما قالوا سنحكم بالشريعة أيقنت أنها ستقسم إلى دولتين! ولذلك نقرأ ما قاله المفكر الاقتصادى الكبير الدكتور حازم الببلاوى الذى قال: هناك أمر أعتبره مكسباً كبيراً، وهو تجربة ما يسمى بالإسلام السياسى، فهو الآن محل اختبار لهم ولنا، فقد كانوا من قبل دائماً قلقين ويتحدثون عن اضطهاد، الآن هم على المحك، وسوف يختبرون كثيراً من أفكارهم ومن ثم يكتشفون انها فى حاجة إلى تعديل وتجربة، فإما أن ينجحوا وبالفعل يكونون قد طوروا من أنفسهم وأنهم يعيشون فى الحاضر والمستقبل، أو يتبين أنهم غير قادرين على التعايش فنكون قد تخلصنا من هذا الفكر! استشارى الطب النفسى المبدعة الدكتورة منال عمر قالت: أتصور الآن فى مصر أربع فرق كبار.. الفرقة الأولى جوهرها سلطة عسكرية، والثانية سلطة جوهرها دينية، والثالثة مباركية، والرابعة مدنية. وفى رأيى أن الفرقة المدنية هى التى سوف تثبت وهى الأقوى من الفرق الثلاث الأخرى، رغم أنها تعرضت للتفرق والتحزب فى الفترة الماضية، لأنه بفوز المرشح غير المحسوب على الدولة المباركية يعتبر هذا تراجعاً للفرقة المباركية للوراء، خسروا جولة ولكنهم لم يهزموا نهائياً.. والفرقة الدينية لم يقو من مركزها ويعضدها إلا مساندة الفرق المدنية لها بالتأييد وبالأصوات فى الانتخابات.. أما الفريق صاحب النسيج العسكرى فهو لا يرغب فى الاحتفاظ بالسلطة.. ولذلك ستبقى الدولة المدنية هى الأقوى! قال الخبير فى مركز الإهرام نبيل عبد الفتاح: بعض القوى الإسلامية السياسية التى عارضت الثورة، وحرمت عملية الخروج على الحاكم ولم تشارك فيها، أصبحت هى «الثورة» ذاتها، أو صانعة أو حامية لها! بعضهم شارك قليلاً فى جزء من الانتفاضة ثم ترك الميدان ليتفاوض على المغانم والحصص السياسية فى تركيبة النظام القديم المستمر ولكن تحت قناع جديد هو الثورة!