أشعر بالخوف على الوطن أكثر من أى وقت مضى.. وأكاد أجزم بأن اللحظة الفارقة لم تأت بعد وأن إدراكها يحتاج إلى رجال يُصدِقون الله ويحبون هذا البلد.. أشعر بالقلق على مستقبل مصر.. ساعات وتتحدد قبلة الوطن وهوية الدولة ومعالم الطريق.. أيام قليلة ويتحدد المصير.. إما الابحار إلى شط الأمان.. وإما الترنح وسط الأمواج المتلاطمة. لم أفقد الأمل فى النصر ولم يفارقنى التفاؤل منذ قيام الثورة وحتى وقت قريب.. مازلت أذكر أياما عصيبة وأحداثا جسامًا عشناها على أرض ميدان التحرير طوال أيام الثورة.. أيام سيطر فيها الخوف والقلق على الميدان.. خاصة بعد خطاب مبارك الشهير الذى حاول فيه خداع الشعب والمعروف باسم خطاب الثلاثاء.. وكذلك أحداث موقعة الجمل.. ولكنى كنت على ثقة من النصر.. أما اليوم فإن المشهد يختلف كثيرا. فى الثورة.. كنا جميعا فى معسكر واحد هو معسكر الثورة ضد العصابة التى حكمت البلاد أكثر من 30 عاما.. أما اليوم فقد أصبحنا فى معسكرين.. معسكر الخير ومعسكر الشر.. معسكر الثورة.. ومعسكر الدولة العميقة.. معسكر المناضلين من أجل الحق والحرية.. ومعسكر المنافقين ولاعقى أحذية الحكام. أصبحنا فى معسكرين.. الأول معسكر الشعب الذى استيقظ من حلم جميل على كابوس مرعب.. شعب لم تكتمل فرصته بالانتخابات البرلمانية النزيهة التى أبهرت العالم، حتى فوجئ بحل البرلمان وكأن ما حدث كان تمثيلية من مخرج محترف.. وفى المعسكر الثانى يستعد القائمون عليه لتكرار نفس السيناريو فى الانتخابات الرئاسية ولكن بطريقة مختلفة وبذلك يتحقق لهم ما أرادوا.. القضاء على مبارك وأسرته، واجهاض الثورة.. والاستيلاء على حكم البلاد.. وكله بالقانون والدستور. فى المعسكر الأول يحمل دعاة الحق والعدل مشاعل الحرية.. وفى المعسكر الثانى يحمل المتربعون على عرش المؤسسات المهمة معاول الهدم وتحولوا إلى قضاة وجلادين.. وكشفوا عن وجوههم الحقيقية ومارسوا دورهم القديم الذى اعتادوا عليه أيام الرئيس المخلوع.. فهم سدنة الظالم وأدواته وطريقه إلى تحقيق أهدافه. فى المعسكر الأول نجد وجوها وأيادى متوضئة تسعى إلى خدمة وطنها.. وفى المعسكر الثانى نجد مرشحا للرئاسة كان ينتمى للثوار.. وبعد خسارته انتقل إلى المعسكر الثانى وأعلن تأييده للفريق شفيق ولا يمانع أن يعود العسكر إلى سدة الحكم.. كل ذلك حتى يكيد للإخوان.. تبدلت مواقف هذا المرشح الذى تنطبق عليه عبارة «واحد خمنا» ولم نسمع له صوتا ولم ينطق بكلمة يدين فيها استيلاء العسكرى على السلطة التشريعية ومحاولاتهم المستميتة للاستيلاء على التأسيسية.. الغريب أن هذا المرشح «صدق نفسه» وتجاهل أن ال20٪ التى حصل عليها كانت تصويتًا عقابيًا ضد الإخوان والفلول وعلى نسبة ليست كبيرة.. ونسى هذا المرشح أن الشعب لا يمكن أن يختار شخصًا فشل فى جميع المواقع التى تقلدها بدءًا من عضوية مجلس نقابة الصحفيين انتهاء بحزب وجريدة الكرامة التى لا يسمع عنها أحد. فى المعسكر الأول لا نجد مكانا للمنافقين.. وفى المعسكر الثانى نجد أغلبهم من الذين لعقوا أحذية النظام البائد وأولهم صاحب الوجه الكريه الذى سئمناه طويلا.. خدع أبناء دائرته بعد أن ارتدى ثياب الثورة ولكن على يقين أن مصيره سيكون مصير رفيقته التى يتم طردها من كل مؤتمر تذهب إليه ولعل ما حدث فى مؤتمر العمال ليس ببعيد.. ولا أشك فى أن الفشل سيكون حليف هذا المنافق، خاصة أن الصحيفة التى أسسها نزلت إلى الحضيض بعد أن اكتشف الشعب خداعه. فى المعسكر الأول لا نجد مكانًا للإعلاميين المتلونين.. وفى المعسكر الثانى نجد أصحاب الأقلام المسمومة والإعلاميين الذين تربوا فى أحضان النظام وعلى رأسهم ذلك الأبله الذى يتطاول على الشرفاء ويسبهم بألفاظ بذئية، وشعبولا الذى فشل فى صحيفته الجديدة وعاد ليخدم فى بلاط رجال الأعمال، وكذلك الإعلامية التى دخلت المهنة على كبر وكانت ضمن الحملة الإعلامية للرئيس المخلوع فى آخر انتخابات رئاسية. أخذت هذه الإعلامية تلطم الخدود وتولول لأن المصريين اختاروا رئيسًا إسلاميًا ولن يكون هناك مكان للنفاق والرياء الذى اعتادوا عليه. فى المعسكر الأول يقف الرئيس ومن خلفه الشعب لتحقيق أهداف الثورة، وتحقيق الحق والعدل.. وفى المعسكر الثانى يقف العسكر ومن خلفهم مؤسسات الدولة العميقة والوجوه الكريهة التى طالما خدمت فى بلاط مبارك سنوات طويلة. فى المعسكر الأول يقف رئيس ومن خلفه الشعب ليدافعوا عن خيار المصريين فى رئيس أبهر الخارج قبل الداخل وفى دستور حضارى أوشك الشرفاء على انجازه.. وفى المعسكر الثانى يقف العسكر ومن خلفهم بقايا النظام القديم ليحلوا التأسيسية ويفصلوا دستورًا «ملاكى» ويطيحوا بالرئيس المنتخب كما فعلوا مع البرلمان الذى اختاره الشعب. وإذا كانت المخاوف كبيرة والمخاطر شديدة.. إلا أننى على يقين من النصر الذى لن يتحقق إلا بدماء الشهداء وثبات أهل الحق.