ظل الثائر الأشهر »ارنستو تشي جيفارا« يجوب كل أنحاء أمريكا اللاتينية ويشعل الثورات في بلدانها الواحدة تلو الأخري.. يحارب الامبريالية العالمية من الغابات.. ويرفض أي منصب رسمي أو سياسي بعد نجاح ثوراته.. حتي استجاب ذات يوم في أعقاب نجاح الثورة الكوبية وتولي منصب وزير الصناعة، ولكن جيفارا »الأرجنتيني المولد« لم تستهويه السلطة ولا المنصب فتقدم باستقالته بعد شهور قليلة وعاد الي الغابات في بلدان أمريكا اللاتينية لاستكمال الثورات في بلدانها. الاسبوع الماضي.. فعلها الدكتور محمد البرادعي. هذا الرجل المحترم الذي كان سبباً رئيسياً في اشعال ثورة الشباب في 25 يناير من العام الماضي وإسقاط نظام الفرعون الأخير مبارك وعصابته. أعلن البرادعي انسحابه من سباق الرئاسة عبر بيان مؤثر ألقاه علي أبناء الشعب وكأنها استقالة مسببة للأوضاع المتردية التي وصلت اليها مصر نتيجة استمرار نظام مبارك الفاسد الذي لم يسقط بعد هكذا قال. رفض البرادعي رئاسة الجمهورية في ظل غياب الديمقراطية والحرية.. رفض أن يكون مجرد »أراجوز« تحركه قوي الثورة المضادة التي مازالت تقاتل لإجهاض ثورة الشعب المصري التي أبهرت الدنيا.
وغير صحيح أن البرادعي أعلن انسحابه من سباق الرئاسة لأنه اكتشف أن فرصته في النجاح قليلة.. هذه مقولة خاطئة يرددها فلول نظام مبارك كارهو الحرية وحلقة من حلقات تشويه سمعة الرجل المحترم والتي بدأت بكذبة موافقته علي احتلال العراق رغم أن الرجل نال جائزة نوبل للسلام لانه رفض التدخل الأمريكي في العراق وأعلن أمام الكون ان العراق ليس لديه أسلحة نووية. ولكن نظام مبارك الفاسد الذي كان يستشعر الخطر من هذا المصري المحترم أدار المعركة الاعلامية الفاسدة لتشويه سمعة وصورة الرجل الذي يعتبره العالم أجمع أحد أهم مائة مفكر في الدنيا.. ومازالت حملة التشويه مستمرة من قبل أقزام الاعلام ومقبِّلي أيادي وأقدام رموز النظام الفاسد السابق.
ان انسحاب البرادعي من سباق الرئاسة يعد خسارة كبيرة للسياسة المصرية.. ولكنه في نفس الوقت مكسب كبير للثوار الذين بالقطع سيلتفون حول الرجل لاستكمال واستعادة الثورة المسروقة. بيان البرادعي جاء واضعا يده علي بيت الداء. انتقد المسئول والخبير العالمي البرادعي الاعلام والقضاء وقيادة المرحلة الانتقالية وشبه مصر بسفينة ضالة تاهت في بحر تتلاطمه أمواج عاتية.
هنيئاً للثوار عودة البرادعي الي صفوف الجماهير. والعار كل العار لهؤلاء الذين يحاربون نجاح الثورة وأولهم الأحزاب التي خرجت من الجحور بعد سقوط مبارك وكانت تري أن الثورة حرام لأنها خروج علي الحاكم وعندما سقط الحاكم الطاغية.. انقلبوا وامتطوا جياد الشجاعة وركبوا الثورة وسرقوها في عز الظهر. وليعلم الجميع أن التاريخ سيدون كل ذلك. واذا كان الغش والخداع عمره ساعة.. فإن الحق والعدل الي قيام الساعة. ومهما حاول هؤلاء المنافقون خداع الشعب سيأتي اليوم ويسقط القناع من فوق وجوههم الكريهة وسيكتشف الشعب حقيقتهم.. وسيشرفون مع كبيرهم خلف القضبان بملابس السجن.
ان انسحاب الرجل المحترم د.محمد البرادعي من سباق الرئاسة سيكون له مفعول السحر علي الثوار.. سوف يتناسون خلافاتهم ويتجمعون حول الرجل ليواصلوا جهادهم من جديد حتي تتحقق الأمنية الكبري ونري مصر حرة كما حلمنا جميعا بها يوم 25 يناير 2011