"أنا موظفة باخد مرتبي قصاد عملي مش متسولة عشان آخد بقشيش".. هكذا بدأت هبة مجدي بائعة الملابس في أحد محلات وسط البلد حديثها مع الوفد. هبة، حاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، دفعة 2004، ورغم ذلك لم تجد إلا أن تزاحم أصحاب المؤهلات المتوسطة في عملهن من اجل لقمة العيش!. مفيش فايدة تحكي هبة تجربتها في هذه المهنة قائلة: "منذ تخرجي وأنا أبحث عن عمل في مجال تخصصي لمدة تصل إلى العام ولم أجد عملا مناسبا، ولجأت لبعض معارفي ليساعدونني في أن أجد عملا يتناسب مع مؤهلي ولم أجد، وأغلب الأماكن التي كانت تطلب مؤهلي كانت تشترط الخبرة، أو أن راتبها لايتعدى 150جنيها شهريا". وتكمل بأسى: "هل أنا درست وتعبت لأحصل على مؤهل عال يجعل لي شأناً كبيراً، لأجد في النهاية هذا الراتب الضعيف، الذي لا يغطي حتى مصاريف المواصلات، فأنا يجب أعمل لأنفق على نفسي، وأساهم في مصاريف جهازي، وأريح والدي من همي ليس لأكون عبأ إضافيا عليه حتى بعد عملي". وافقت مجبرة تكمل هبة: "خلال هذه الفترة كنت بالصدفة في وسط البلد وعندي حالة من الإحباط الشديد، فوجدت إعلانا على فاترينة أحد محلات الملابس "مطلوب بائعة مؤهل عالي بمرتب مغري"، فدخلت وقابلت مدير المحل وتكلمت معه، ووافق على الفور على تعييني بمرتب أرضاني، فعدت إلى المنزل وأنا في قمة سعادتي، لكني لم أستطع أن أقول لوالدي على طبيعة عملي فأخبرته أنني أعمل في قسم الحسابات بالمحل".
وتضيف هبة: "في البداية كنت حاسة إن الموضوع غريب عليّ، لكن مع الوقت تعودت على طبيعة العمل، والمشكلة الحقيقية في شغلانتي هي نظرة الزبون لي، فالبعض يتعامل معي بتعالٍ وتكبر شديد، وفي أوقات كثيرة أتعمد أن أتكلم مع الزبائن حتى أذكر لهم إنني حاصلة على مؤهل عالٍ ولست أقل منهم، فكرت كثيرا أن أترك هذه المهنة، لكن مع تخيلي لوالدي وأنا بلا عمل، أتراجع عن الفكرة وأواصل عملي". "عزة نفسي منعاني" وتواصل هبة حديثها: "أحصل على راتب لن أحصل على ربعه لو عملت في أي مكان آخر بمؤهلي، وهذا سبب استمراري فيه، لكن المأساة الحقيقية في زميلاتي في العمل، فجميعهن حاصلات على مؤهلات متوسطة، وعندما علموا بأنني مؤهل عال عاملوني بطريقة سيئة للغاية، لذا أحاول تجنبهم، خاصة أن كثيرا من سلوكياتهن أو تصرفاتهن لا تعجبني كالبقشيش مثلا، فعزة نفسي تمنعني من أخذه وأشعر بالإهانة عندما أتعرض لموقف كهذا، فأنا أحصل على راتب مقابل عملي ولست متسولة".