بقلم - سمية عبدالمنعم: في ظل وضع عالمي يشوبه كثير من التعقيد ، وبينما تتسارع وتيرة التطورات ، تبرز أهمية استطلاع الرأي كأحد أهم المؤشرات التي تمكن من تحديد درجة تطور المجتمعات،عبر استشراف آراء المواطنين تجاه القضايا الهامة ،أو الأحداث المطروحة على الساحة، وهو ما تفيد نتائجه كل المهتمين من إعلاميين وباحثين ومسئولين، فتساعدهم في اتخاذ القرارات وصياغة البرامج وتحديد الأهداف ،إضافة إلى أن عمليات استطلاع الرأي توفر كمًّا هائلا من المعلومات في مختلف المجالات. ولأنها ظهرت وانطلقت في المجتمعات الغربية ومرت بعدة مراحل وتطورات ، فقد يظن البعض أن دراسات وبحوث استطلاعات الرأي لا تثمر النجاح المأمول في غير تلك المجتمعات كدول العالم الثالث مثلا ، الا أن هناك الكثير من البحوث التي حققت نتائج مبهرة في المجتمعات العربية والإفريقية ، وقد لفت نظري ما أجرته "أصداء بي سي دبليو " من أبحاث، تضمنت استطلاعا لآراء الشباب العربي، ومواقفهم في 15بلدا بالشرق الاوسط وشمال افريقيا ، وذلك في الفترة بين 6 و29 يناير 2019، مع شباب وشابات عرب بين سن 18و 24عاما. وربما يرجع اختيار تلك السن موضعا للبحث نظرا لتمتع منطقة الشرق الاوسط بنسبة 65% تقريباً من الشباب دون سن الثلاثين، وهي الفئة الأكثر تضررا وتأثرا بكل ما يموج به المجتمع حولها من تغييرات سياسية واقتصادية؛ فعلى سبيل المثال فإن 30٪ من تلك الفئة قد انضمت لطابور الشباب العاطل عن العمل. ومن هنا تنبع أهمية استطلاع رأي الشباب العربي ، الذي صار جزءاً لا يتجزأ من الحوار الدائر حول آمالهم ومخاوفهم في منطقة الشرق الأوسط ومقياساً مهماً لنظرتهم إلى ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. وهو ما يمكنه العمل على توفير رؤى قائمة على الأدلة حول مواقف الشباب العربي وتزويد مؤسسات القطاعين العام والخاص ببيانات مهمة وتحليلات تساعدهم في اتخاذ القرارات الصائبة ووضع السياسات السديدة. وقد غطى استطلاع "أصداء" خمسا من دول مجلس التعاون الخليجي: البحرين، عمان، الكويت، السعودية الامارات ، وشمال افريقيا: الجزائر، مصر، ليبيا، المغرب تونس ،وشرق المتوسط:العراق، الأردن، ولبنان وفلسطين واليمن. ولم يتم ادراج سوريا وقطر في استطلاع هذا العام. أما فيما يخص مصر ، فقد أجري الاستطلاع على 300 شاب وشابة من الفئة العمرية المستهدفة ، حيث شمل البحث محافظاتالقاهرة، الاسكندرية ،المنصورة. وما يعنيني هنا في المقام الاول ما توصل اليه الاستطلاع من نتائج في الدول محل البحث ، والتي جاءت كالتالي: - فيما يخص نظرة الشباب لما يمثله الدين من دور في حياتهم ، يرى الشباب العربي أن للدين دوراً كبيراً في الشرق الأوسط ، إلا أن المؤسسات الدينية بحاجة إلى إصلاح. - وعن دور الحكومات ، وبينما تواجه المنطقة العديد من التحديات الاقتصادية، فإن الشباب العربي يرون أنهم يستحقون الدعم من حكوماتهم واهتماما أكبر. - أما رأي الشباب عن التعليم ، فإن ثلاثة من أصل كل أربعة شباب عرب غير راضين عن جودة التعليم في بلدانهم، وأكثر من نصفهم يرغبون باستكمال تعليمهم في الغرب. -ينظر الشباب العربي إلى المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة على أنهما الدولتان الأكثر تأثيراً في العالم العربي، بينما يرى الشباب للعام الثامن على التوالي، أن الإمارات العربية المتحدة هي البلد المفضل الذي يرنو الشباب العربي للعيش فيه، ويريدون لبلدانهم أن تقتدي به. - وفيما يخص الصراعات بين الدول ،يرى الشباب العربي أن الوقت قد حان لوضع حد للصراعات الإقليمية. - غالبية الشباب العربي يقولون إن الحصول على المخدرات أسهل في بلدانهم، وإن معدلات تعاطي المخدرات آخذة في الارتفاع. - تبدو مشاكل الصحة النفسية مألوفة لكثير من الشباب العربي، ولكن الصعوبة تكمن في الحصول على رعاية صحية جيدة. - أما التجارة الالكترونية ، فإن الشباب العربي يحفز ازدهار التجارة الإلكترونية في المنطقة. - يفضل الشباب العربي الحصول على الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي ويعتبرها أكثر مصداقية من وسائل الإعلام التقليدية. هكذا صار استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي لرأي الشباب العربي،على مدار أحد عشر عاما، مصنفا من بين أهم استطلاعات الرأي عالميا ، و منصة لإيصال صوت الشباب العربي إلى العالم، وملتقى للحوار حول مستقبل الشرق الأوسط،وسلسلة من الرؤى التحليلية المتتابعة على مدى أكثر من عقد كامل لتؤرخ مسار منطقة مضطربة من منظور شبابها.