بقلم / شيركو حبيب مسؤول مكتب الحزب الديمقراطى الكردستانى بالقاهرة رحل عنا قبل أربعين سنة؛ في الأول من مارس عام 1979، كنا بأمس الحاجة إليه، غاب عنا جسده ولكن روحه باقية معنا. رجل عاش من أجل الحرية والسلام، كافح من أجل حقوق شعبه، ناضل لأجل المساواة والتعاش السلمي والتآخي والإنسانية، لم يلجأ إلى العنف؛ وفرض عليه القتال. كان رمزا؛ ولا يزال؛ لنضال الشعب الكردي لأنه من علمه النضال، قائدا حكيما وبطلا شجاعا ناضل بتفان وتضحية وإخلاص. وليومنا هذا؛ نستمد العبر والدروس من نضاله وأفكاره القومية الوطنية، ومن تراثه النير، تراث الخالد البارزاني، ليصبح نبراسا وشعلة للجماهير الكردستانية الكادحة في دروب النضال. إنه الزعيم الخالد مصطفى بارزاني؛ الذى ناضل لأكثر من نصف قرن من أجل تحقيق العدالة، حين رفع شعار الديمقراطية للعراق، ونادى بالتآخي والمساواة، ولم يكن نضاله من أجل منصب أو منفعة شخصية، بل لأجل السلام والحرية للجميع والديمقراطية للبلاد. عانى الكثير من المظالم والويلات، كان عمره ثلاث سنوات وهو في السجن مع والدته لكونه من عائلية وطنية عرفت بالنضال والزهد والعدالة، أصبح لاجئا في بلاد الروس؛ رغم بقائه في بلاد لينين لمدة عقد من الزمن إلا أن انتماءه القومي والوطني كان لبلاده. ناضل ضد الاستعمار والطغاة، دافع عن حقوق المظلومين، وقاد ثورة شعبية من أجل العدالة و السلام و التآخي. لم تكن ثورة الشعب الكردي فقط و إنما كانت ثورة العراقيين عامة، وامتزجت دماء العراقيين بمختلف انتماءاتهم القومية و الدينية و المذهبية و السياسية، فكان يرضخ للسلام و الاستقرار. كان يؤكد دوماً على أن "معركتنا ليست مع الشعب العراقي بل نحن جزء منه، ولا مع الشعوب الأخرى، بل مع الأنظمة الدكتاتورية المستبدة"، وكان يدافع عن حقوق كل مكونات العراق بعربه و كرده و تركمانيه، وكان هذا سببا للالتفاف حوله و مساندة الثورة. قال عنه الزعيم الراحل خالد الذكر جمال عبدالناصر : "زعيم اجتمع فيه القديم والحديث، وهو متفان من أجل شعبه" هكذا قال عنه زعيم قاد شعبه إلى الحرية والنصر، و استقبله في بلده كأول زعيم عربي يؤمن بالحقوق القومية للشعب الكردي. واليوم إذ نحن نستذكر رحيل أسطورة الكرد (البارزاني الخالد)؛ لا يسعنا إلا أن ننحني احتراما لمسيرته النضالية ونهجه القومي التحرري، لأكثر من نصف قرن ، وأن نعاهده على المضي قدما ومواصلة النضال على نهجه من أجل الديمقراطية و العدالة والتآخي، التي تربت فيها أجيال من المناضلين. وسيبقى البارزاني الخالد في ذاكرة التاريخ مدى الدهر في ذاكرة الأجيال بكل إجلال و إكبار. واليوم إذ نحن نكمل المسيرة بقيادة الزعيم الكردي مسعود بارزاني لبناء دولة ديمقراطية فيدرالية ينعم فيها الجميع بالمساواة و الاستقرار؛ وأن نكون جميعا شركاء في السراء و الضراء، على أسس الشراكة الحقيقية والتوازن والتكافؤ، وعدم تهميش أي مكون والإلتزام بالدستور، وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي. وكانت الزيارة الأخيرة للرئيس بارزاني إلى بغداد سببا لإذابة الجليد و حلحلة الخلافات بين الحكومة الاتحادية و حكومة الإقليم، ودعم حكومة دولة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، والآن هناك خطوات هامة نحو تطبيع العلاقات نحو الأفضل بين أبناء البلد الواحد، حيث إقرار الميزانية و تخصيص ميزانية قوات بيشمركة كردستان كجزء من المنظومة الدفاعية العراقية، و إجراء الحوار بشأن المناطق المتنازعة عليها، و إدارتها مشتركة بين الحكومتين لحين تنفيذ المادة 140 من الدستور.