الاعتداء علي الاراضي الزراعية جريمة، ومخالفة واضحة للقانون، وتهديد خطير للامن الغذائي المصري، واذا كنا نندهش لقيام بعض المزارعين بتبوير اراض زراعية لانشاء منازل سكنية لاولادهم فإن الدهشة تكون أعظم عندما نكتشف قيام مسئولين بالدولة بتبويرالاراضي الزراعية لانشاء "مولات" تجارية وتوزيعها علي كبار رجال الاعمال. هذه جريمة جديدة من جرائم رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق لم تعرض بعد ضمن ملف الاتهامات الموجهة له، وتتلخص ببساطة في قيامه بتكليف الجهاز التنفيذي للمشروعات الصناعية بالوزارة بتبوير آلاف الافدنة من الاراضي الزراعية لاقامة "مولات" تجارية في مدن طنطا، طلخا، بني سويف، دمنهور، بورسعيد، الاقصر وكفر الدوار. فضلا عن تحميل وزارة التجارة والصناعة مبلغ 150 مليون جنيه قيمة ترفيق تلك "المولات" بالتعاقد بالامر المباشر مع شركة المقاولين العرب. تكشف المستندات التي حصلت "الوفد" عليها اتفاق الوزير الأسبق مع مجلس الوزراء في يوليو 2008 ضرورة توفير اراض جديدة لاقامة مراكز للتجارة الداخلية في المحافظات وطرحها للمستثمرين ورجال الاعمال الكبار لاقامة "مولات" تجارية عليها وكافتيريات وأماكن ترفيهية. وتم بالفعل تنفيذ الاتفاق حيث جري سحب اراض زراعية في عدة مدن ومحافظات بغرض تبويرها وتحويلها الي مراكز للتجارة الداخلية بالمخالفة للقانون. يكشف خطاب مرسل من اللواء عبد الحميد الشناوي محافظ الغربية الي المهندس رشيد محمد رشيد في يوليو 2008 قيام المحافظة بتوفير قطع اراض لاقامة اربع مناطق صناعية مطلوبة وبيانها كالتالي: 255 فدان أرض زراعية مملوكة لهيئة الاوقاف في قرية تلبنت قيصر بطنطا، 262 فدان ارض زراعية مملوكة للاوقاف بقرية المحروق بكفر الزيات، 300 فدان ارض زراعية مملوكة لهيئة الاوقاف بقرية المعتمدية بالقرب من المحلة ، 388 فدان أرض زراعية مملوكة للأوقاف غرب قرية شندلات بالقرب من مدينة السنطة. وفي محافظات اخري مثل الاقصر تم تبوير أراضٍ زراعية ينتفع بها مزارعون لتنفيذ ذلك المخطط حيث يكشف خطاب معاينة للجهاز التنفيذي للمشروعات الصناعية والتعدينية بخصوص الارض المخصصة للمنطقة التجارية بالاقصر قيام المزارعين باستعادة الارض بالقوة بعد قيام ثورة 25 يناير، حيث تم اقتلاع لافتات الشركة المنفذة "المقاولون العرب" واعادة تسوية الارض مرة اخري وإعادة تشغيل "المسقي" بعد أن كانت الشركة المنفذة قد ردمته. لقد أثار ملف الاعتداء علي الاراضي الزراعية من قبل وزارة التجارة والصناعة وتبويرها لانشاء "مولات" تجارية غضب بعض العاملين في الجهاز التنفيذي للمشروعات الصناعية فتقدموا بملف بمخالفات الجهاز الي الدكتور سمير الصياد وزير التجارة والصناعة الجديد. الغريب في الامر أن الملف تمت احالته الي المستشار اشرف مصطفي عمران المستشار القانوني للوزير والمنتدب من قبل الوزير السابق في 24 يوليو الماضي. وتكشف المستندات أن ذلك المستشار يحصل علي راتب شهري 11 الفًا و487 جنيها من جهاز تنمية التجارة الداخلية والمرتكب الفعلي للمخالفات.