محافظ الغربية يخفض الحد الأدنى للقبول بالثانوية العامة ل223 درجة    فى ذكرى رحيل صاحب نوبل |مدرسة « نجيب محفوظ».. قصة واقعية    محافظ مطروح يمد فترة التحويلات بين المدارس للعام الدراسي 2025/2026    الخبير البيئى د. عبد المسيح سمعان: إجراءات صارمة لحماية «الدلتا» من الغرق    التنمية المحلية: تمويل 23 ألفا و900 مشروعا بسوهاج بقروض 4.6 مليار جنيه    وزير الاتصالات يشهد إطلاق منظومة الكشف المبكر عن سرطان الثدي باستخدام الذكاء الاصطناعي بمستشفى بهية    الشرع: هناك بحث متقدم بشأن اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل    الحوثيون: إسرائيل وأمريكا تتحملان مسؤولية العواقب الوخيمة لقصف صنعاء    المستشار الألماني يدعو إلى انتخاب امرأة لمنصب رئيس الجمهورية    ريال مدريد يتقدم على أوفييدو في الشوط الأول    الزمالك يشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي    بطولة على القضبان.. حكاية عامل أنقذ شابًا من الموت ونال تكريم محافظ بني سويف    خروج جميع مصابي شاطئ أبو تلات من المستشفيات بعد تماثلهم للشفاء (صور)    مروان حامد ضيف شرف مهرجان بردية السينمائي في دورة تحمل اسم والده    د.محمد لطفى رئيس الإذاعة: توجيه الرئيس برقمنة المحتوى جاء فى وقته    أحمد خالد صالح: «ما تراه ليس كما يبدو» يحمل رؤية فلسفية عميقة    "بدأت تأكل وتمشي".. هاني فرحات يكشف تطورات جديدة لحالة أنغام الصحية    وكيل وزارة الأوقاف: المولد النبوي فرصة للاقتداء بأخلاق وتعاليم النبي    هل يجوز نقل الموتى من مدفن لاخر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحرم استخدام ملابس المتوفى أو الاحتفاظ بها للذكرى؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    دراسة: ارتفاع استهلاك الملح يسبب التهاب الدماغ ويزيد ضغط الدم    وزير المالية: مصر تمتلك الأدوات والقدرات الكفيلة لمساندة صادراتها الطبية    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    مؤتمر فيريرا: نتعامل مع ضيق الوقت.. وسأكون قلقا في هذه الحالة    شبانة معاتبا شيكابالا: "الأساطير لا تفشى الأسرار ومكانتك اكبر من ذلك"    «الإقليمي للدراسات»: قوات «اليونيفيل» شاهد دولي ويجب استمرار وجودها في الجنوب اللبناني    «إنكار المجاعة أبشع تعبير عن نزع الإنسانية».. «أونروا»: الوضع في غزة جحيم بكل أشكاله    نجم مارسيليا يعود إلى اهتمامات إيه سي ميلان    هل يحق للمطلقة رجعيًا الميراث من زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    قطع مياه الشرب عن عدة مناطق في أسوان (الموعد والسبب)    الجالية المصرية في فرنسا: المصريون بالخارج متمسكون بهويتهم ويفتخرون بوطنهم    انطلاق مبادرة القضاء على السمنة بعدد من الوحدات الصحية في قنا    جامعة حلوان تكرّم خريجي BIS بتنظيم رفيع المستوى من شركة دعم الخدمات التعليمية    «شلاتين» تستهدف رفع إنتاج الذهب إلى 6 أطنان خلال 5 سنوات    تنظيم الاتصالات: إجراءات صارمة لحظر المكالمات الترويجية المزعجة    «تنظيم الاتصالات» يصدر نتائج استطلاع الرأي لمستخدمي المحمول والإنترنت| تفاصيل    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: محافظات الجنوب غير قادرة على استيعاب 1.3 مليون مُهجر قسريا    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    "أي كلمة عني هتتحاسب عليها".. ماذا حدث بين شيرين عبدالوهاب وياسر قنطوش؟    النادي لم يتمكن من تسجيله.. جوهرة برشلونة يرفض الرحيل في الصيف    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    الاحتلال يستهدف منتظري المساعدات والطواقم الطبية    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    وزير الصحة يبحث خطط شركة "أكديما" للتوسع في الصناعات الدوائية والتصدير    رئيس حزب الإصلاح والنهضة يكشف تفاصيل مخطط الجماعة الإرهابية لاستهداف سفارات مصر    وظائف بنك القاهرة 2025.. اعرف التخصصات المطلوبة وأهم الشروط    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    انتشال جثمان طفلة من تحت أنقاض منزل منهار في سمنود    الخوف من بيع الشقة.. جريمة هزت أبو كبير ضحيتها فنان شعبي على يد نجله    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    "مباراة عادية".. المصري هيثم حسن يتحدث عن مواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى "المسلمون وأوروبا التطور التاريخى لصورة الآخر"..
المفكرون المسيحيون ساهموا فى بناء الحضارة الإسلامية
نشر في الوفد يوم 26 - 05 - 2012

أكد د. عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء أن الجهل بالآخر سمة غالبة على شعوبنا العربية ومصر خاصة؛ ونجم ذلك عن الفقر الذى فُرض على شعب مصر فى عهد النظام السابق فانشغل الشعب فى رحلة البحث عن لقمة العيش بدلا من البحث فى أصول التاريخ العريق لتسامح الأديان على أرض مصر.
ومن هذا المنطلق يقدم ريحان عرضاً لكتاب المؤرخ والمفكر الكبير د. قاسم عبده قاسم أستاذ التاريخ والحاصل على جائزة الدولة للتفوق والتقديرية فى العلوم الاجتماعية ووسام العلوم والفنون ؛ وعنوانه "المسلمون وأوربا التطور التاريخى لصورة الآخر" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012 .
يؤكد فيه قاسم أن العلاقة بين الأنا والآخر فى الحضارة الإسلامية قامت على أساس أخوة الجنس البشرى كله على أساس حق الآخر فى الوجود والاختلاف.
ومن خلال العرض للكتاب أكدت الحقائق التاريخية نورانية الفكر الإسلامى كما جاء فى كتاب د. قاسم عبده قاسم, وأن المسلمين لم ينبذوا التراث الثقافى للمناطق التى فتحوها وإنما أقبلوا على ترجمة آثار هذا التراث مستعينين فى الترجمة ببعض العلماء المسيحيين وعندما انتقلت عاصمة المسلمين من المدينة المنورة إلى دمشق كان ذلك يعنى الانتقال إلى وسط أكثر تأثراً بالتراث الهيللينستى ؛ الذى يجمع بين الثقافة الإغريقية القديمة وثقافات مصر وبلاد الشام والعراق.
وكانت البقعة التى فتحها المسلمون منذ الربع الثانى من القرن الأول الهجرى (السابع الميلادى) تزخر بالتراث الفلسفى بفضل المترجمين السريان المسيحيين على وجه الخصوص, وكانت مدرسة الإسكندرية حتى أوائل القرن السابع الميلادى تزدهر بعلوم الأوائل ولا سيما الطب وفى شرق العالم الإسلامى ازدهرت العلوم اليونانية فى البلدان التى كان أهلها يتكلمون السريانية والفارسية مثل الرها ونصيبين والمدائن وغيرها.
وكانت هذه المؤسسات العلمية والفكرية قبل ظهور الإسلام هى الأساس الذى قامت عليه حركة الترجمة إلى العربية فيما بعد وكان من أبرز رجالها عدد من العلماء والمفكرين المسيحيين؛ وكان هذا هو الأساس الذى قامت عليه البنية المعرفية للمسلمين بالمسيحية والمسيحيين فى عالمهم وفى خارج هذا العالم وكان المسيحيون المحليون من السريان وغيرهم حلقة الوصل بين المسلمين والتراث اليونانى القديم .
ويشير المؤلف إلى أن الخليفة المأمون أنشأ مؤسسة خاصة وهى التى عرفت باسم "بيت الحكمة" لترجمة علوم الأوائل من اليونانية والسريانية إلى العربية؛ ويعتبر خالد بن يزيد بن معاوية " توفى 85ه ، 704م" الرائد الأول فى نقل العلوم إلى اللغة العربية مما وفر أداة معرفية قوية لم تكن متاحة فى أوروبا المسيحية على الجانب الآخر.
وقد لعب بيت الحكمة دوراً هاماً فى معرفة المسلمين بالآخر المسيحى وكانت عملية الترجمة عملاً منظماً ترعاه الدولة فقد أرسل الخليفة المأمون بعثة إلى الدولة البيزنطية بحثاً عن المخطوطات اليونانية؛ وكان من أعضائها الحجاج بن مطر ويوحنا بن البطريق.
كما أرسل حنين بن إسحاق للحصول على المخطوطات من بلاد الروم وكان تراث شعوب المنطقة العربية قبل الإسلام تراثاً إنسانياً وجد فيه المسلمون ما يفيدهم فى بناء حضارتهم, ولم يوجد أى تعصب فى التراث الإسلامى ولم يكن هناك صدام بين الحضارة البيزنطية المسيحية والحضارة الإسلامية وكان التعايش السلمى هو السمة المشتركة بين الطرفين.
ويضيف د. ريحان من خلال عرض الكتاب أن الحروب الصليبية لم تنتج أى تأثير سلبى من جانب المسلمين تجاه المسيحيين من أبناء البلاد العربية آنذاك واستمر المسيحيون فى حياتهم الطبيعية يتمتعون بكل الحقوق المتساوية وتولى عدد منهم مناصب مرموقة فى الدولة الإسلامية وساعد على ذلك قوة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين التى ترسخت عبر أربعة قرون قبل قدوم الصليبيين .
كما رأى مسيحيو الشرق فى الحروب الصليبية من خلال الواقع العملى هى حركة عدوان خارجى ضد أوطانهم خصوصاً مع مهاجمة الصليبيين لممتلكات المسيحيين والتعدى على كنائسهم والمذابح التى ارتكبوها فى البلاد الإسلامية مثل مذابح أنطاكية عام 1098م ومذبحة بيت المقدس 1099م والمذبحة التى ارتكبها ريتشارد قلب الأسد ضد أهالى عكا على الرغم من الأمان الذى بذله لهم عام 587ه /1191م ورغم ذلك فإن المسلمين لم ينسبوا هذه الوحشية والدموية من الصليبيين للديانة المسيحية لأنهم يعرفون المسيحية عن قرب ويحترمون السيد المسيح عليه السلام باعتباره نبياً رسولا ويعترفون بمعجزاته كما جاءت بالقرآن الكريم ويبجلون السيدة مريم أفضل نساء العالمين .
ويختم المؤلف كتابه بالإشارة إلى النموذج المصرى كنموذج مشرف لتسامح الأديان اعتمد على التناغم والانسجام والتوافق بين السكان فرضته ظروف جغرافية وطبيعية من عصر مصر القديمة من اعتماد المصريين على نهر النيل الذى فرض الصيغة المثلى للحياة على أساس التعاون والوحدة وشبه نهر النيل بشارع ممتد من الجنوب للشمال؛ واستحالة أن ينفصل سكان هذا الشارع عن بعضهما الذين ارتبطوا برباط اجتماعى ثقافى لا يتكرر فى أى بقعة على وجه الأرض؛ وبهذا كان قبول الآخر أول درس تعلمه المصريون عبر تاريخهم وساهمت الديكتاتورية وأعوانها فى تسطيح الفكر المصرى لمحو هذا التاريخ المشرف رغم أنه استحال على أى قوى خارجية عبر تاريخها الطويل أن تسيطر على الفكر المصرى أو تخترق النسيج الاجتماعى والثقافى المصرى فالهكسوس والبطالمة والرومان ظلوا يعيشون بعيداً عن الحياة المصرية بمستوياتها المختلفة واستوعبت الثقافة المصرية كل العناصر الثقافية الصالحة الوافدة إليها من المنطقة العربية ومن أفريقيا ومن البحر المتوسط ومزجتها فى بوتقة الثقافة المصرية وتيارها العام .
وبعد الفتح الإسلامى لمصر تجلى هذا التسامح بصورة واضحة وبشكل مطرد ولما عرف بنيامين بطريرك الأقباط آنذاك بقدوم المسلمين استبشر بزوال الحكم البيزنطى ونهاية الاضطهاد المذهبى ضدهم وطلب من الأقباط أن يساعدوا المسلمين وبالفعل أسهم الأقباط فى بناء الجسور والطرق وإقامة الأسواق لجيش الفتح الإسلامى بل أن بعضهم قاتل فى صفوف المسلمين ضد البيزنطيين .
واتسمت الثقافة العربية الإسلامية بقبول الآخر على أساس حقه فى الوجود والتعبير الفكرى والإسهام الثقافى وساهم هذا فى نمو الحضارة الإسلامية وازدهارها ولمعت أسماء كثيرة من اليهود والمسيحيين الذين كرسوا مواهبهم وعبقريتهم فى خدمة الحضارة الإسلامية؛ التى لم تنبذهم وتتبرأ منهم وتعاملت الجماعة العربية المسلمة مع الآخر المختلف دينياً على أنه جزء من الذات الثقافية وكان اليهود والمسيحيون ممن عاشوا فى كنف الحضارة الإسلامية يعتبرون "هم" من الناحية الدينية فقط ولكنهم كانوا "نحن" من حيث انتمائهم إلى الحضارة العربية الإسلامية .
وكان هذا الموقف مؤسساً على الحقوق والواجبات التى حددها الفقهاء المسلمون فحظى المسيحيون واليهود فى مصر بضمان حرية العقيدة والعمل وكسب العيش وتأمين الأرواح واتسمت علاقاتهم بالمسلمين نتيجة ذلك بالود والمحبة وترك المسيحيون واليهود بصماتهم فى المجتمع المصرى ومارسوا كافة أنواع النشاط الاقتصادى وتملكوا العقارات فى سائر البلاد ومارسوا كافة الحرف والمهن وأسسوا الشركات وبرزوا فى ميادين العلم والثقافة وكان منهم الأطباء والأدباء والعلماء فى شتى العلوم ولو أنهم اعتبروا آخر على نحو ما حدث فى أوربا فى العصور الوسطى لما أمكن لهم أن يسهموا فى خدمة بلادهم ومجتمعاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.