تعد قنا المحافظة الأولى من بين محافظات الجمهورية التي اشتهرت بإنتاج العسل الأسود، او ما يعرف بعسل قصب السكر، نظراً لوجود مساحات كبيرة منزرعة بنبات قصب السكر بتلك المحافظة. تتركز تلك الصناعة بالجزء الشمالي من المحافظة وبالتحديد، مركز نجع حمادي الذى يتصدر الترتيب في الانتاج، يليه مركزي فرشوط وابو تشت، نتيجة لتوافر المكون الأساسي لتك الصناعة وهو قصب السكر، الذى يعد المحصول الرئيسي السائد في تلك المناطق، وعلى الرغم من ان تلك الصناعة من الصناعات القديمة جداً التي وجدت بالمحافظة، الا ان تلك الصناعة باتت مهدده بالانقراض نتيجة لعدم اهتمام الدولة بها، والتي تعتبر مصدر دخل لشريحة كبيره من أهالي تلك المراكز، حيث لم تعمل الدولة على تطويرها من نشأتها لتواكب التطورات التكنلوجية الحديثة، وما زالت تلك العصارات تعمل بطرق بدائية، ما انعكس بالسلب على اصحاب هذه الصناعة، فخلال السنوات الاخيرة الماضية تعرض اصحاب تلك العصارات لازمات كبيرة متتالية، جعلت تلك الصناعة على حافة التوقف والانهيار. تمر عملية انتاج العسل الاسود بعدة مراحل، ففي البداية يقوم اصحاب العصارات بشراء المادة الخام، وهى نبات قصب السكر من المزارعين، عن طريق وسيط يسمى ب التاجر ليتم بعدها كسر القصب وتجهيزه وشحنة بواسطة قاطرات الجرارات الزراعية ونقله لعصارات القصب، بعد ذلك يتم وضع القصب مكشوفاً لإشاعة الشمس لعدة ايام ليسهل عملية عصرة داخل التروس العاصرة. بعدها يتم عصرة ليتحول الى سائل خام ينقل مباشرة عن طريق مواسير متصلة من تلك التروس الى الحلل النحاسية، التي تقوم بدورها بتسخين العصير الخام على درجة حرارة تقارب على الالف درجة مئوية، تستمر عملية التسخين للكمية الموضوعة ما بين الاربعة الى الست ساعات، في تلك الحلل والتي تقدر بثلاثة أواني نحاسية ضخمة سعة كل واحدة منها عشرة قناطير من سائل العسل، في تلك المرحلة يتحول فيها عصير القصب الى العسل الاسود، يتم التسخين اسفل تلك الأواني الضخمة باستخدام بقايا نبات القصب المسمى "بالمساس"، ينقل بعدها العسل الساخن لأحواض صغيرة متصلة ببعضها، ليترك العسل في تلك الاحواض لعدة ايام ليعود لدرجة حرارته الطبيعية، ليتم تعبئته فيما بعد سواء في الأواني الفخارية المسمى( بالبلاس) او صفائح معدنية، او من خلال فناطيس عملاقة محملة على عربات النقل . يقول حسام احمد العمدة واحداً من اصحاب عصارات قصب السكر المنتجة للعسل، بداء حديثة بالقول: ان صناعة العسل بمحافظة قنا من اهم واقدم الصناعات التي تميزت بها المحافظة من بين محافظات مصر كلها، كما ان عسل محافظة قنا مشهود له بمزاقة المتميز وكفاءته العالية، الا ان تلك الصناعة لم تعطيها الدولة أي اهتمام، وتركت اصحاب تلك العصارات يواجهون التغيرات وحدهم دون ادنى دعم او مساندة . موضحاً ان صناعة عسل القصب تواجه حالياً العديد من المشكلات التي توجب على الدولة التدخل لحلها قبل انهيار تلك الصناعة، من اهمها تسويق المنتج في الخارج، وذلك من خلال تسهيل اجراءات التصدير للخارج، والقضاء على البيروقراطية التي نعلمها جميعاً في اغلب الهيئات والمصالح الحكومية، ذاكراً ان كيلوا العسل في الخارج يتراوح ثمنه ما بين المائة والمائة والعشرين جنيهاً، في حين ان سعرة في السوق المصري لا يتجاوز الخمسة عشر جنيهاً، من شأن تلك الصناعة ان تدير دخلاً لا بئس به من العملة الصعبة داخل الدولة، وتحسن وضع شريحة كبيرة من العاملين في ذلك المجال . كما ذكر العمدة حسام ان ارتفاع اسعار الوقود قد القى بظلاله على تلك المهنة، فكل شى مرتبط بالوقود، مبيناً ان اصحاب العصارات يعانون من صعوبة الترخيص حالياً، نتيجة لشروط التعجيزية التي تضعها الجهات والهيئات المعنية جعلت جميع العصارات تعمل بالمخالفة، ما ينتج عنه عمل محاضر تغريميه كل عام لتلك العصارات. كما اوضح احمد العمدة ان ارتفاع تكلفة الانتاج تعتبر من اهم المشاكل التي يعانى منها اصحاب عصارات القصب حالياً، فلم يعد هناك شى كما كان في السابق من وقود وأيدي عاملة والمكون الرئيسي طن قصب السكر الذى ارتفع هو الاخر، موضحاً ان اسعار العسل غير مستقرة فيها كالبورصة كل يوم بسعر . وطالب حسام الدولة بضرورة الاعتناء بتلك الصناعة الحيوية قبل انهيارها والعزوف عنها، من خلال تسهيل اجراءات التصدير والترخيص للعصارات، والعمل على دعم اصحاب تلك المهنة من خلال منح قروض ميسرة بفائدة منخفضة نستطيعوا من خلالها تطوير المعدات والآلات ومواكبة التطور في تلك الصناعة الحيوية، وتعويض النقص الهائل في الأيدي العاملة التي نعانى منها حالياً ، بجانب المقدرة على منافسة الاسواق الخارجية وفتح اسواق للمنتج في الخارج.