كتبت:لُجين مجدي تتفرد مصر بالعدد من الأحداث التاريخيه المتنوعه و لعل من أهم هذه الأحداث رحلة العائلة المقدسة إلى مصر حيث تباركت مصر في هذه الرحلة بزيارة يسوع المسيح و مريم البتول والبار يوسف النجار خطيب مريم الذي ظل يعاونهم و كان وفيًا لهم و هرب معهم من بني إسرائيل و الطغاه الذين حاولوا قتل المسيح الصغير, و شاركهم تنقالتهم خلال هذه الرحلة فى أرض مصر شمالًا و جنوبًا شرقًا و غربًا,وفى العديد من الأماكن التي خلدت في التاريخ و أصبحت تعرف بمسارات العائلة المقدسة في مصر. ونظرًا لأهمية هذه الرحلة و القيمة التي تعود لمصر ببركات قدوم العائلة و الثروة الاثارية الناتجه عن هذه الرحلة قد قامت وزارة الأثار بتشكيل لجنة لدراسة مسارات العائلة المقدسة وضعها على قائمة التراث العالمى و اللامادي لمنظمة اليونسكو و من المقرر ان تنتهى هذه الدراسة في نهاية العام الجاري2018م. وجدت العائلة المقدسة الامان و الحماية على أراضي مصر و خلد الإنجيل كل أحداث العائلة على الاراضي المصرية لذالك منحت العائلة البركة لشعب مصر كما ذكر في الكتاب المقدس (مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ. إشعياء 19). إستمرت رحله العائلة المقدسة في مصر عامين و ستة أشهر و عشرة أيام كما تضمنت 25 مسارًا تمتد لمسافة 2000 كيلومتر من سيناء حتي الصعيد, فلم تستقر العائلة في مكان واحدًا لذا يوجد العديد من الاديرة و الكنائس , كما هو موثق في المخطوطات و المصادر الدينية , و تراوحت الرحلة من أسبوع أو بضعة أيام في بعض المدن وفى أخرى إستقرت شهرًا و اطول مدة كانت في جبل قسقام و إمتدت نحو 186 يومًا. دخلت العائلة المقدسة مصر هربًا من فلسطين وبني إسرائيل الذين حاولوا قتل الطفل يسوع إبن مريم, و كانت هناك ثلاث طرق معروفة آنذاك يمكن أن يسلكها المسافر من فلسطين إلى مصر و ذلك حسبما موضح بالمصارد التاريخيه القبطية ولكن العائلة عند مجيئها لم تسلك أى منهم و لكنها سكلت طريق اخر خاص بها و هذا خوفًا من أن يمسك بهم أحد أنباء بنى إسرائيل, فبدأت الرحلة عبر طريق العريش و الفرما و تل بسطا و مسطرد ,وصلوا إلى بابليون أو مصر القديمة كما يعرف حاليًا ,ثم إنتقلوا إلى الصعيد و إختبأول فترة ثم عادوا نحو الشمال مرورًا بوادي النطرون وبلبيسن و سمنود بالدلتا ثم طريق العودة عبر سيناء إلى فلسطين مره أخرى. و يُعتر أول الاراضي التى إستقبلت العائلة الهاربة هى أراضي رفح وهى المدينة الحدودية بين مصر و فلسطين و تبعد عن مدينة العريش للشرق نحو 45 كم, و قد تم العثور على آثار تابعة لهذه الرحلة و آثار العائلة المقدسة بها ,ثم إنتقلت العائلة إلى العريش ثم الفرما التي كانت المحطه الاخيره لهم بسيناء , ثم إنتقلت إلى القنطرة و كان يحكم مصر آنذاك جانيس توانيوس الحاكم الروماني, ثم وصلت قرب الإسماعيلية حيث تفجر نبع ماء و أصبح من الرموز الاثارية بعد ذلك ,ثم إتجهوا غربًا لوادي الطميلات ووصلوا إلى مدينة هيرون بوليس قرب أبو قصير. امضوا العائلة المقدسة ثلاث أيام في بر رمسيس القديمة و غادروها لصفط الحنا لليلة واحدة في ضيافة أحد المواطنين , ثم إتجهوا إلى تل بسطا و تحكى المخطوطات القبطية أن تمثيل هذه المدينة و بئر الماء الموجود بها قد تدمر حين رفض أهلها إعطاء الماء لمريم البتول,ورسم المسيح على الأرض نبع البئر و بنيت الكنيسة على هذا الرسم بعد ذلك, إتجهوا بعد ذلك نحو بلبيس و استراحوا تحت ظلال الاشجار الجميز و لذلك يأتون الناس إلى هذه الاشجار إلى أن تم قطعها بعد ذلك. واصلت الرحلة حتى وصلت إلى الغربية حيث مدينة سمنود و إستراحوا تحت شجرة بنى مكانها كنيسة العذراء و الشهيد أبانوب في القرن الرابع الميلادي, و بها بئر ماء بجوارة ماجور قيل في كتب التاريخ الكنسي أن العذراء أعدت به الخبز, ثم بنيت كنيسة القديس ابنوب البهنسي و لايزال يحج إليها الشعب القبطي في يوم 31 من يوليو إحتفالًا بمولده, ذهبت الرحله بعد ذلك إلى قرية سخا و بنى على آثار العائلة كنيسة و يحج لها سنويا في 22 مايو . عبرت العائلة المقدسة النيل غربًا فيما بعد وصولًا إلى دسوق و إتجهوا جنوبًا لمحافظة البحيرة , حتي وصلوا طرانة قرب الخطاطبة ثم وادي النطرون في منطقة برية شهيت و التي تعتبر مكانًا ذو خصوصية و بني بيه الكنائس و نحو 500 دير تبقي منهم الان اربعة هى القديس ابو مقار أو ما يعرف بمقاريوس و ديرالانبا بيشوى و السريان و البراموس,و عبروا النيل مره أخرى جنوبًا حتى وصلوا القناطر الخيرية وصولًا إلىى هليوبوليس و المطرية و عين شمس و كان يسكنها اعداد من اليهود و لكن ذكرت المخطوطات القبطية ان هذا المكان قد شهد معجزة المسيح الطفل حين امسك العصا من يوسف النجار و كسرها قطعًا و غرسها ووضع يده عى الارض فنبع الماء و خرج نبات البلسان الذي يستخرج منه زيت ذو رائحه طيبة و مازالت بقايا البئر في متحف يُدعي متحف شجرة مريم نسبةً إلى الشجره التي إستراحت تحت ظلالها العذراء مريم . و يُحكى أن مع مرور الاحداث التاريخيه قد مره على البئر بعض جنود الحملة الفرنسية و كان يعانى اغلبهم من الرمد و حين إستخدموا هذه المياه إستعادت لهم اعيونهم , توجد داخل المتحف المذكور سابقا اسماء هؤلاء الجنود الذين وثقوا على وجود معجزه اليسوع,و إتجهوا بعد ذلك إلى أبواب مصر القديمة و التي تعرف قديما ببابليون و بني على آثارهم كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخيس ثم عبروا نحو ما يعرف الان بالمعادي حيث كنيسة العذراء الموجوده حاليًا بها. توجهت العائلة المقدسة بعد ذلك إلىالوجة القبلي حيث مدينة منف ثم البهنسا ووضع لآثار تواجدهم دير الجرنوس وبئر و كنيسة مريم , ثم إلى جبل الطير وهو من اهم محطات العائلة المقدسة بعج ابى سرجة و المحرق حيث أسس دير العذراء بجوار جبل الكف وهى كنيسة نحتت على الصخر و لا تزال الاحتفالات تقام في هذا المكان إلى الان و يأتون آلاف الوافدين لمشاهدة معجزة المسيح فقد قالت المخطوطات القبطية أن هناك معجزه قد صارت حين منع يسوع الطفل الصخره من السقوط , و إتجهوا نحو الاشمونن و أسيوط فالقوصية و قضوا العائلة ستة أشهر و عشرة أيام وضع البئر في منطقة جبل قسقام و أسسوا أول كنيسة في صر و العالم و الآن بها دير لعذراء مريم و بقايا الكنيسة الاثرية ثم أنتهت الرحلة في جبل درنكة و به مغارة منحوته و كان هذه المحطه الاخيره للعائلة في مصر حيث ورد في كتب التاريخ الكنيسي أن الملاك قد ظهر ليوسف النجار و إمرهم بالعودة إلى ديارهم في فلسطين. عادت العائلة من القرصية إلى المعادي مره أخرى ثم بابليون حيث كهف الموجود أسفل أبو سرجة ثم عادو شمالًا لمسطرد و إتبعوا الطريق نفسه الذي عبرت منه الرحله , و دخلوا إلى فلسطين و أتجوا غلى عزة وصولًا لبلدة الناصرة. إحتضنت مصر العائلة المقدسة و التي منحت أرضها و نيلها و أشجارها لإحتواء العائلة المقدسة التي باركتها و باركت شعبها في الكتاب المقدس و ساهم قدوم العائلة المقدسة في ثراء مصر ثقافيًا و سياحيًا و آثاريًا يجذب العالم نحو مصر.