كتب - عبدالرحمن بصلة وياسر مطرى ومحمد طاهر ومحمد عبدالحميد وعبده خليل: كارثة إنسانية وبيئية تخترق أرض القليوبية, متمثلة فى مصرف بحر البقر, أو كما يعرفه أبناء المحافظة بمصرف بحر أبوالأخضر, أو كما يطلق عليه البعض الثعبان الأسود. فكارثة أبوالأخضر أو بحر البقر فى كونه بيئة خصبة لنشر الأمراض ومرتعاً للحشرات والزواحف والقوارض ومصدراً لرى الزراعات وبالتالى فهو سبب رئيسى فى نشر الأمراض التى تفتك بسكان القرى الواقعة عليه ومصدر لصيد وتربية الأسماك الملوثة بما يمثل بؤرة شديدة الخطورة على الصحة العامة فالمصرف المخصص من قبل الدولة للصرف الزراعى منذ عام 1914 م قررت الحكومة أواخر حقبة السبعينات تحويله لاستقبال الصرف الصحى للقاهرة الكبرى, وخلال قرابة النصف قرن والأمراض تنهش وتفتك أكباد وأجساد الأهالى والحكومة ببساطة وطوال وزارات متعاقبة لم تقدم شيئاً سوى دراسات وخطط ووعود لا تعرف طريق التنفيذ.. فالحكومة ببساطة سقطت فى المصرف ولم تعد قادرة على إيجاد الحل. وزيارة واحدة لعدد من القرى, ومنها قرية كفر عطا الله التابعة لمركز بنها التى يمر بها المصرف كفيلة بأن تعرف الحكومة حجم تلك الكارثة. فعند دخولك القرية أو عند اقترابك منها لا بد أن تشم رائحة الصرف الصحى الكريهة التى اعتاد عليها أهالى القرية واعتادوا على الانبعاثات الغازية التى أتلفت الأجهزة الكهربائية فى المنازل حتى الوحدة الصحية لم تسلم من ذلك التلف. وانتشرت أمراض الكبد والفشل الكلوى والفلاريا بسبب لدغات البعوض وبسبب إلقاء مياه الصرف من خلال سيارات الكسح, فأصبح المصرف يمثل كارثة تستوجب التدخل. ويعتبر مصرف بحر البقر من أخطر مصادر التلوث لما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية وصرف صحى غير معالج, ويبلغ طوله نحو 190 كيلومتراً, ويمتد من جنوبالقاهرة ماراً بمحافظاتالقليوبيةوالشرقيةوالإسماعيليةوالدقهلية ويصب فى بحيرة المنزلة, ويستقبل مخلفات الصرف الصحى غير المعالج من التجمعات السكانية على جانبيه أو من شبكات للصرف الصحى مباشرة من المدن المطلة عليه وتكمن خطورة هذا النوع من التلوث فى ظهور الأمراض الطفيلية والمتوطنة بين جموع المواطنين الذين يعيشون حوله, ويصيب المصرف الأسماك الموجودة فيه بالطفيليات ويستقبل المخلفات الصناعية ويمثل ذلك مخاطر صحية للإنسان فى حالة تناول هذه الأسماك, بالإضافة إلى التلوث الزراعى الذى يستقبله مصرف بحر البقر والناتج من مخلفات الرى الزراعى حيث تحمل هذه المياه بقايا مركبات المبيدات والأسمدة والمعادن الثقيلة, حيث أدى التلوث الشديد الناتج من مخلفات مصرف بحر البقر إلى انخفاض الثروة السمكية. وخلال فصل الصيف من كل عام تشهد المحافظة انتشارًا للحشرات الزاحفة والناموس كبير الحجم وخاصة فى المناطق المحيطة بالمصرف. الأمر الذى دعا الأهالى للمطالبة باستغلال مساحة المصرف وتغطيته من خلال مواسير كبيرة واستغلال مسطح الأرض كطريق وتوفير ملايين الجنيهات لعلاج الأهالى من الأمراض التى تحاصرهم بسبب وجود هذا المصرف. وفى الشرقية, أشار عبدالستار عبد الرحمن إلى أن محافظة الشرقية من أكبر المحافظات التى تشكو تلوث مجاريها المائية خاصة المارة بمنطقة بحر البقر, نظرًا لقيام البعض بإلقاء المخلفات الصناعية فى الترع وقيام بعض الأهالى بالتخلص من مياه الصرف الصحى (المجارى) الخاصة بمنازلهم فى المجارى المائية لرى أراضيهم بعد ندرة مياه الرى التى يعانى منها عدد كبير من المزارعين, خاصة أن عدداً من القرى لم يصل اليهم شبكة الصرف الصحى, وهو الأمر الذى يمثل خطورة بالغة على الصحة العامة لقاطنيها وخسائر اقتصادية. وألمح إسماعيل مصطفى إلى أن خطورة المصرف خاصة المار بمنطقة بحر البقر بمراكز شمال الشرقية, يروى قرابة 1500 فدان, و28 ألف فدان مخصصة ل مزرعة سمكية تعتمد على مياه المصرف الملوثة والتى تسبب تسمم الأسماك, وبالتالى تؤثر على صحة المواطنين وتصيبه بالأمراض السرطانية المميتة. وشعر سعيد عبدالمجيد مهندس كيميائى بحالة من الغثيان عندما شاهد عدداً من المزارعين يقومون بتشغيل طلمبات المياه لسحب المياه من المصرف لرى أراضيهم, خاصة أن هذه المياه ملونة بأجزاء من الرغاوى البيضاء الدالة على تلوثها من هذه المخلفات, مناشدًا المسئولين ضرورة إيجاد حلول جوهرية لوقف استخدام هذه المياه الملوثة فى رى الأراضى. وأشار المهندس إيهاب قورة إلى أن المصرف يمر فى مناطق شاسعة من محافظة الشرقية, بدأ من مركز مشتول المجاور لمحافظة القليوبية مرورًا بمراكز منيا القمح وبلبيس بجنوبالشرقية وانتهاء بمركزى فاقوس والحسينية بشمال الشرقية, ولفت إلى أن مياه المصرف تتسبب فى انبعاث الروائح الكريهة نتيجة انبعاثات غازات كبريتيد الهيدروجين وأكاسيد الكبريت «ثانٍى أكسيد الكربون» والميثان والإيثان الذين يتفاعلون مع بخار الماء مكونين حمض الكبريتيك أو ما يعرف ب«ماء النار» الذى يصيب الأجهزة الكهربائية المنزلية بالعطب, والمبانى بالتآكل والصدأ, غير ما يتسبب فى تأثيرات خطرة على صحة الأهالى من الأمراض الصدرية «التهابات رئوية», وأمراض العيون والكبد والكُلى, ومتبقيات عناصر ثقيلة كالرصاص فى المزروعات التى تروى بمياهه الضارة الملوثة. ويذكر أن الدكتورة سحر نصر, وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى, وعبدالوهاب البدر مدير عام الصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية, قد وقعا اتفاقية بين وزارة الاستثمار والتعاون الدولى, والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية, لدعم مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر بقيمة 50 مليون دينار كويتى. وفى الدقهلية تعد بحيرة المنزلة إحدى أكبر وأهم البحيرات الطبيعية الداخلية فى مصر وأخصبها, وتطل عليها مدينة المطرية وعلى ضفافها أربع محافظات هى «محافظة بورسعيد فى الشرق والشمال الشرقى, محافظة دمياط فى الشمال والشمال الغربى, ومحافظة الشرقية فى الجنوب, ومحافظة الدقهلية فى الغرب والجنوب الغربى من البحيرة. وتتصل بحيرة المنزلة بقناة السويس من خلال بوغاز يحد بورسعيد من الجنوب ويسمى «قناة الاتصال» ويصلها بالبحر الأبيض المتوسط بوغازا الجميل «القديم والجديد», والقابوطى ببورسعيد أو فتحتا الشيخ على والعلامة بالساحل الشمالى بدمياط, وتنتج ما يقرب من 48% من إنتاج البحيرات الطبيعية. وتتعرض بحيرة المنزلة للعديد من مصادر التلوث, ومنها «التلوث الناجم عن مياه الصرف الصحى غير المعالج», حيث يعتبر مصرف بحر البقر أخطر هذه المصادر ويبلغ طوله 190 كم ويمتد من جنوبالقاهرة ماراً بمحافظات«القليوبية, والشرقية, الإسماعيلية, والدقهلية» ويصب فى بحيرة المنزلة وتقدر كميات مياه الصرف الصحى غير المعالج التى يلقيها هذا المصرف نحو 1.5 مليون مكعب يومياً (منها نحو 1.25 مليون متر مكعب من القاهرة الكبرى وحدها), علاوة على التلوث نتيجة الصرف الصحى الناجم عن مخلفات مساكن المجتمعات السكانية التى تلقى مخلفاتها على جانبى مصرف بحر البقر وشواطئ البحيرة أو التى تلقيها شبكات الصرف الصحى مباشرة من المدن والقرى المطلة على بحيرة المنزلة مباشرة, وأقربها مصرف محب والسيالة بدمياط, وكذا الصرف الصحى بمنطقة الهبشة الخياطة بدمياط رغم وجود محطة تنقية إلا أنها معطلة منذ عامين وتلقى بمخلفات الصرف الصحى مباشرة دون أدنى معالجة. وقال حمدى الحسينى, مدير معهد بحوث الأرض والمياه فى دراسة أعدها عن خطورة مصرف بحر البقر وأثره على البحيرة, فالمصرف يصب فى بحيرة المنزلة نحو 845 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحى القادمة من القليوبيةوالشرقيةوالإسماعيليةوالدقهلية, فضلاً عن مخلفات 80 مصنعاً فى القاهرة الكبرى». وأكد تقرير تقييم الوضع البيئى, لزمام بحيرة المنزلة, ومصرف بحر البقر ارتفاع المعادن الثقيلة, مثل الرصاص والزنك والنحاس, فى تربة قاع البحيرة, والتى وجدت فى موقع مصرف بحر البقر, نتيجة للصرف الصناعى, مشيرًا إلى تسجيل أعلى معدلات للكالسيوم, بالقرب من المنطقة الصناعية الجنوبية, كدليل واضح, على صرف المصانع المباشر, وغير المعالج, فى البحيرة وخصوصًا, مصانع البويات. كما سجل التقرير ارتفاع معدن الرصاص, فى مياه البحيرة, بالقرب من بوغاز الجميل, وكشف علامات استفهام كبيرة, على صرف مصانع الغاز ومشتقاته, التى تصب فى جزء خطير من البحيرة, الذى أعتقد أنه أنقى البحيرات. كما كشف التقرير النقاب, أثناء زياراته الحقلية للبحيرة, عن قواقع للبلهارسيا التى شوهدت بالعين المجردة, ما يهدد حياة الصيادين, الذين يستخدمون الغطس, بالإضافة إلى استخدام مياه الصرف الصحى, فى احتياجات سكان ضفتى مصرف بحر البقر اليومية, فى الاستحمام واللهو. وأوضح التقرير إصابة الإنسان بالأمراض الخطيرة عند تناوله الألبان ولحوم الماشية التى تتغذى على النباتات الملوثة بشكل مباشر بسبب تراكم العناصر الثقيلة فى لحومها وألبانها. كما أكد التقرير أن جميع عينات الأسماك, احتوت خياشيمها وبطونها, على أعداد كبيرة, فاقت المسموح بها, من بكتيريا القولون البرازية, واحتوت على تركيزات عالية من مادة الرصاص, وسجلت نسبًا عالية من التركيزات, لعناصر الزنك والكالسيوم والنحاس والمنجنيز. ويعتبر مصرف بحر البقر هو أخطر مصادر التلوث فى البحيرة على الإطلاق, وعجزت كافة أجهزة الدولة ومنظماتها ومؤسساتها فى وقف أو الحد مما يلقيه المصرف داخل مياه بحيرة المنزلة والتى كانت أهم مصادر الثروة السمكية والحيوانية فى مصر على الإطلاق, ومصرف بحر البقر من أخطر مصادر التلوث حيث كان مخصصاً عام 1914 للصرف الزراعى فقط ولكن فى أوائل السبعينيات استقبل الصرف الصحى للقاهرة الكبرى ثم باقى المحافظات الأخرى, وكانت بحيرة المنزلة تنتج ثلث الثروة السمكية بمصر وكانت مساحتها قبل التجفيف 750 ألف فدان وتناقصت إلى 190 ألف فدان عام 1990 حتى وصلت إلى 125 ألف فدان نتيجة التعديات وأعمال الردم والتجفيف والتجريف من المحافظات المطلة عليها, وتحولت البحيرة لأكبر بؤرة ملوثات وضاعت مساحتها وترسبت بقاعها كميات كبيرة من الملوثات التى دمرت الحياة البيئية فى المنطقة, حيث يوزع المصرف سمومه على القاطنين على ضفاف البحيرة, حيث يخترق المصرف المدمر جنوب بورسعيد ليلقى بأضراره على البيئة المحيطة به وأيضاً يدمر الثروة السمكية التى تعتبر المصدر الرئيسى للغذاء بالمنطقة, وللإنسان الذى يقيم بجواره نصيب آخر من الدمار الشامل حيث تصيبه الأمراض السرطانية والمتوطنة التى تودى بحياته, ولم تسلم الحيوانات التى تعيش داخل المناطق المجاورة للمصرف من مخاطره, فهى أيضًا تصاب بالأمراض التى تقتلها. وتحظى بورسعيد بنصيب الأسد من بحيرة المنزلة, حيث تبلغ المساحة الحالية للبحيرة 125 ألف فدان, منها 80 ألف فدان فى زمام محافظة بورسعيد وقد بلغت نسبة التعديات على البحيرة نحو 70% من مساحتها, ويقع المصرف الخطير داخل زمامها, والذى يعد أهم مصادر للتلوث بالبحيرة حيث يصب يوميا أكثر من 12 مليون م3 من مياه الصرف منها أكثر من 10 ملايين م3 م من القاهرة الكبرى, سواء كان صرفاً صناعياً أو صحياً أو زراعياً, ورغم مجهودات جهاز شئون البيئة بتنفيذ مشروعات المعالجة البيولوجية لمياه بحر البقر, فإن مسطح البحيرة الكبير كان عائقاً للتطهير وما تم فعله هو تنقية كمية صغيرة من مياه مصرف بحر البقر والتى لا تسمن ولا تغنى من جوع, ويتحمل سكان البحيرة, خاصة طبقة الصيادين أعباء كثيرة بسبب ما يخلفه مصرف بحر البقر من ملوثات خاصة للثروة السمكية ويتكبدون خسائر ضخمة بسبب نفوق الأسماك نتيجة التلوث الحاد فى مياه وتربة البحيرة وارتفاع نسبة الأمونيا والرصاص والزرنيخ والنيكل والمنجنيز والكروم والكادميوم والزنك والنحاس والحديد, بالإضافة للزئبق وغيرها من المعادن المدمرة للبيئة والحياة. من جانبه, أكد اللواء عادل الغضبان, محافظ بورسعيد, أن أعمال التطهير التى تجرى حالياً على مسطح البحيرة تستهدف أيضًا استغلال نصف مياه مصرف «بحر البقر» والتى تقدر بنحو 6 ملايين متر مكعب يوميًا لرى أراضى شرق بورسعيد بعد تطهيرها عن طريق محطات معالجة ثلاثية, حيث يضخ المصرف يوميًا 12 مليون متر مكعب من المياه ويتم تطهير النصف الآخر بمحطات معالجة ومحطات بيولوجية لإعادة ضخ هذه المياه مرة أخرى ببحيرة المنزلة, ولن يسمح باستغلال المياه المخصصة للشرب فى رى الأراضى الزراعية أو المزارع السمكية. وفى دمياط, يعد مصرف بحر البقر الواصل لبحيرة المنزلة, بمثابة فيروس خطير يهدد حياة الملايين من المواطنين بالإصابة بالأمراض المتوطنة بعدما تحول إلى مرتع للحشرات والقوارض وأصبح مصدراً من مصادر رى الأراضى, منتهياً بالبحيرة التى تعد من أهم مصادر الثروة السمكية بدمياط وبورسعيد والشرقية, ويعتبر مصرف بحر البقر من أخطر مصادر التلوث لما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية وصرف صحى غير معالج, ويبلغ طوله نحو 190 كيلومتراً, ويمتد من جنوبالقاهرة ماراً بمحافظاتالقليوبيةوالشرقيةوالإسماعيليةوالدقهلية ويصب فى بحيرة المنزلة بمحافظة دمياط, ويستقبل مخلفات الصرف الصحى غير المعالج من التجمعات السكانية على جانبيه أو من شبكات للصرف الصحى مباشرة من المدن المطلة عليه وتكمن خطورة هذا النوع من التلوث فى ظهور الأمراض الطفيلية والمتوطنة بين جموع المواطنين الذين يعيشون حوله, ويصيب المصرف الأسماك الموجودة فيه بالطفيليات ويمثل ذلك مخاطر صحية للإنسان فى حالة تناول هذه الأسماك, وقد أدى التلوث الشديد الناتج من مخلفات مصرف فى بحر البقر إلى انخفاض الثروة السمكية فى بحيرة المنزلة بصورة واضحة وهروب الاسماك مثل البورى والدنيس والقاروص وموسى وغيرها ولم يتبق بالبحيرة سوى أسماك البلطى, ومن جهة أخرى جارى إنشاء طريق دائرى حول البحيرة لحمايتها, كما سيتم نقل مصرف بحر البقر وإنشاء أكبر محطة للصرف الصحى على مستوى الجمهورية بطاقة 500 مليون متر مكعب فى اليوم وذلك لمعالجة الصرف الصحى قبل إلقائه بالبحيرة, خاصة مياه مصرف بحر البقر.