الإسكندرية - شيرين طاهر: المصيبة فادحة والحمل ثقيل وأفواه جائعة تطلب الأمان لتحتمى من الطوفان الذى لا يبقى ولا يذر، تريد الحنان المفقود، مات الأب الذى كان كل شىء، الحب، الأمان، الأمل، السماحة، إنكار الذات والبسمة الحلوة، مات وأخذ معه كل شىء وأصبحت الدنيا اليوم غيرها بالأمس، انطفأت شعلة الحب والحنان التى أوقدها فى حياة أبنائه وبناته وزوجته. استيقظت الزوجة على هذه الحقيقة المرة هل ستتوقف عجلة الحياة؟ هل تستسلم للمجهول؟ هل ستترك فلذة كبدها يعيشون الحرمان؟ وهل وهل؟ صرخت الزوجة قائلة: لا لن أستسلم، سأكون لأبنائى وبناتى الأم والأب والأخ والصديق، سأكافح حتى أصل بهم إلى شاطئ الأمان، يا إلهى سيكون الحمل ثقيلاً، ستة أفواه فى عمر الزهور، تبكى الزوجة وهى تنظر إلى صورة زوجها قائلة: تركتنى سريعاً يا حبيب العمر ورحلت عنا ونحن فى أمس الحاجة إليك وابنتنا التى كانت تستعد لتزف إلى عريسها، ولكن القدر شاء أن يحرمها من أعز فرحة تنتظرها كل فتاة، تزوجت الابنة فى هدوء وبلا ضجيج ولا أفراح، احتضنت الأم أبناءها أحاطتهم بحنانها ورعايتها وحرمت نفسها من الكثير والكثير لتوفر لأبنائها الأمن والأمان، أخذت تبنى بيتها طوبة طوبة، ارتفع البناء وأصبح لكل ابن من أبنائها مسكنه الخاص، ولكن اكتشفت الزوجة أن هذا البيت لم يكف أبناءها ولابد من بناء منزل جديد آخر لكى يحمى أسرتها من غدر الزمن، بالفعل كافحت وتحملت الكثير من المتاعب والحرمان وعقدت العزم واكتمل البناء للبيت الثانى، عرضت على نجلتها المتزوجة شقة فى البيت الكبير مثل باقى أشقائها ولكن زوج الابنة رفض أن تنتقل إلى مسكن آخر تمسك بالاقامة فى مسكنه، تم تأجير المنزل الجديد إلى سكان جدد، شعرت الأم أنها أكملت رسالتها وهدفها النبيل، واطمأنت على أبنائها وفارقت الحياة بعد صراع مع المرض، هنا بدأت المشكلات الإخوة والأخوات يضمهم بيت جميل ترفرف عليه السعادة والحب كل يقطن شقة جميلة مجهزة، وفجأة يظهر زوج الشقيقة الكبرى ويضعهم أمام خيارين كلاهما مر، نعم إنه اختيار صعب على النفس، قاس على القلب أخذ يوعز صدر زوجته ضد أشقائها وشقيقاتها، وهى الشقيقة الأم لأشقائها بعد رحيل ست الحبايب، حقا إنه اختيار قاس وهى التى نشأت على حب أسرتها، هل يجىء اليوم الذى يخيرها زوجها على ترك بيتها وأولادها أو مناصبة أشقائها العداء، لقد بادرها الزوج قائلا: اسمعى يا أم سامى، انت طلعت من المولد بلا حمص إخواتك يتمتعون بإرثهم فى شققهم أما أنت فلا تتمتعين بأى شىء وأنت الأخت الكبرى، لكن إخوتك لا يشعرون بك، اطلبى حقك منهم وإذا رفضوا فارفعى دعوى قضائية ضدهم لتأخذى حقك وحق أولادنا وحرام التفريط فى حقوقنا. رفضت الابنة الكبرى طلب زوجها قائلة له: أشقائى أهم عندى من أى ميراث، ذهبت إلى أشقائها وهى حزينة باكية وقصت عليهم ما حدث من زوجها تفهم الأشقاء ما تعانيه شقيقتهم فأجزلوا لها العطاء إرضاء لجشع الزوج ولكن الزوج رفض العطاء وحرر المحضر تلو المحضر فى أقسام الشرطة ضد الأشقاء مدعيا كذباً اعتداءهم عليه وعلى أبنائه. بكت قائلة: رباه لست أدرى ماذا أصنع طوال عمرى بعيدة عن أشقائى ماتت أمى، أنا الابنة الكبرى وكان يجب أن أكون أماً لأشقائى قاتل الله المال الذى يفرق بين الإخوة هكذا يدب الخلاف ويحتدم الصراع من أجل إرث زائل. جاء اليوم الموعود جلسة التحقيق بشأن المحضر الذى حرره زوجها ضد أشقائها توجهت الابنة الكبرى على الفور إلى النيابة وقامت بالوقوف أمام القاضى قائلة: أطلب منك سيدى التنازل عن المحضر الذى حرره زوجى ضد إخوتى مطالباً فيه بميراثى فهو ليس من حقه شرعاً أن يطلبه، أتنازل سيدى عن ورثى وعن كنوز الدنيا فى سبيل أن تبقى علاقتى بإخوتى سوية كما هى.. لا أستطيع الحياة بدونهم فهم ذكرى أبى وأمى.. وميراثى من الحياة.. ربما يكون زوجى على حق فهو يريد الحفاظ على حق أولادى فى ميراثى ولكن سأترك هذا للزمن والتراضى من إخوتى.. لقد طلبت منى أمى قبل وفاتها أن أعيش فى شقة فى البيت الكبير من إخوتى ولكن زوجى رفض.. وتغير الحال وماتت أمى ولا توجد شقق فارغة فى البيت الكبير وعرض أشقائى علىَّ مبلغاً من المال تعويضاً لى عن ميراثى.. ولكن زوجى يرفض هذا الحل.. ولكن سيدى أنا أيضاً أرفض أن أقاضى أشقائى ونقف جميعاً فى ساحات المحاكم.. وأثناء ذلك حضر أشقاؤها وأبلغوها أنهم قاموا بتوفير شقة لها فى منزل والدها فما كان منها إلا أن احتضنتهم ونظرت لزوجها دون كلام ولسان حالها يقول: لم يخذلنى إخوتى بل كانوا أكرم منى.