أسعار الذهب اليوم في مصر بيع وشراء.. تحديث لحظي    أسعار الفراخ والبيض اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 بأسواق الأقصر    عاجل- استقرار أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    طوارئ الأقصر: إخطار المقيمين بأراضى طرح النهر بالحذر من ارتفاع منسوب النيل    ما هي البنود التي لم توافق عليها حماس في خطة ترامب؟    8 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي على مدينة غزة وخان يونس    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    تصويت مجلس الشيوخ يفشل في إنهاء شلل الحكومة الأمريكية ويعطل مقترح الجمهوريون للميزانية    بسبب إنذارين.. تشيلي تحسم المركز الثاني على حساب مصر في مجموعة كأس العالم للشباب    الأهلي يواجه كهرباء الإسماعيلية في الدوري    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. هل يعود الفراعنة لمعشوق الجماهير؟    رئيس الاتحاد يتكفل بإيواء وتعويض المتضررين من سقوط عقار غيط العنب بالإسكندرية    طقس الإسكندرية اليوم: انخفاض في درجات الحرارة وفرص لأمطار خفيفة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الدائري بالفيوم    التحقيق مع شخصين وراء تسميم الكلاب والتخلص منها فى الهرم    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الأفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بمستشفى النصر التخصصي في بورسعيد    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    إعلان موعد تلقي أوراق الترشح للانتخابات مجلس النواب اليوم    جهود أمنية لكشف لغز وفاة طالبة بشكل غامض أثناء تواجدها في حفل زفاف بالفيوم    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    موعد تغيير الساعة في مصر 2025.. بداية التوقيت الشتوي رسميا    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    انطلاق مباراة مصر وتشيلي في كأس العالم للشباب    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    تردد قناة الفجر الجزائرية 2025 على النايل سات وعرب سات.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 7    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    سعر الجنيه الذهب في السوق المصري اليوم يسجل 41720 جنيها    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه : احمد البرى
شركاء فى الجريمة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2016

اعذرنى إذا وجدتنى مشتتة فى عرض قصتى لأننى أعيش حالة من الضغط النفسى الرهيب تفوق قدرتى على التحمل ومواجهة الأعاصير المتتالية التى تكاد تفتك بي، فأنا سيدة فى سن الثلاثين. ولى أختان وقد نشأنا فى أسرة متوسطة لأب وأم يعملان فى الحكومة بإحدى محافظات الدلتا،
والحقيقة أننا لم نعش المعنى الحقيقى للأخوة، وكنا نتشاجر كثيرا أمام والدينا، لكنهما لم يهتما بتوعيتنا ولا إسداء النصائح إلينا، ولم نكن نرى أبانا فى معظم الأوقات لسفره يوميا إلى القاهرة بحكم عمله، أما أمنا فلم نشعر بعطفها ولا حنانها، ولا أتذكر أنها قبلتنى أبدا أو احتضنتنى كما تفعل كل الأمهات، واقتصر دورها معنا على إعداد الطعام والقيام بأعمال المنزل، وأخذت أختاى جانبا، وصارتا تقضيان معظم الوقت معا، وتركتانى وحيدة، لا أجد من أتحدث معه أو ينصحنى ويعطينى الفرصة للتنفيس عن نفسي، ويربت على كتفى كما يفعل آباء وأمهات وأخوات زميلاتى فى المدرسة، فتعبت وساءت حالتي، وفى السنة الثانية الثانوية أصبت بصداع نصفى عنقودى لم يفارقنى ليلاً ولا نهارا، واضطررت إلى تناول كمية كبيرة من المسكنات لكى أرتاح من الألم، ولو بضع ساعات، ولم تعبأ أمى بحالتى بل إنها اتهمتنى بأننى أتهرب من المذاكرة وأسمعتنى الكثير من الشتائم الموجعة، فكنت أبكى بكاء صامتا على حالي، وخرجت ذات يوم الى المدرسة كعادتى كل صباح، فصدمتنى سيارة مسرعة، وأصبت بشرخ فى الجمجمة، وتحسنت حالتى الظاهرية، فاطمأن أبواى وتصورا أن الحادث لم يترك أثرا علىّ ورفضا إجراء أشعة لى أوصى بها الطبيب بحجة أنها ستؤثر سلبيا على رأسى!
وأوكلت أمرى إلى الله، واجتهدت فى المذاكرة برغم آلامى الرهيبة، وكنت أتطلع الى الالتحاق بكلية الهندسة، وبالفعل حصلت على مجموع يؤهلنى لدخولها فى إحدى جامعات الصعيد، لكن أبى رفض أن أكون بعيداً عن المحافظة التى أقطن بها، واضطررت إلى دخول كلية أخرى لم أجد فيها أيا من صديقاتى ووجدتنى غريبة بين الطلبة والطالبات، وظللت وحيدة، لا أتكلم مع أحد، إلى أن اقترب منى زميل بثنى حبه، وأبدى رغبته فى الزواج بى، ووجدتنى أنجذب إليه، ليس لأننى أحببته، ولكن لأنه الوحيد الذى استمع لى واهتم بأمري، ومرت الأيام وتزوجت أختاى فى نفس المركز الذى نعيش فيه، وأصيب أبى بالمرض اللعين، وخضع لعلاج مكثف، وبفضل الله تحسنت صحته، وكنت وقتها قد وصلت الى السنة الثالثة فى كليتي، وفجأة أعلن أنه سيقيم فى القاهرة، وسيأخذ أمى معه، أما أنا فسوف أظل فى بيتنا، وأنهما سيأتيان اليّ فى نهاية كل أسبوع، وكانت حجته أنه تعب من السفر !، ووجدتنى أسأل نفسى: أى راحة ينشدها أبي، ولم يتبق على خروجه إلى المعاش سوى سنة واحدة، وكيف أعيش فى منزل كبير بمفردى؟ وبعدها يأيام نفذ ما أراد، وباتت أختى الكبرى معى ليلة واحدة، وأختى التى تليها ليلتين، واقتصرت اتصالات أمى بى هاتفيا على السؤال عن الطيور التى تربيها على سطح البيت، وتوصيتى بالاهتمام بها وإطعامها، وعندما تأتى آخر الاسبوع بصحبة أبي، لا تكلمنى ولا تسألنى عن أحوالي، ولا يشغلها شيء سوى المشتريات التى ستسافر بها الى القاهرة، أما هو فيقضى يوم الاجازة مع جدتي، ولما خرج الى المعاش تصورت أنه سيعود إلى بلدتنا، ويلم شملنا، لكنه التحق بعمل جديد فى القطاع الخاص، وكنت وقتها قد تخرجت فى الجامعة، وعملت بمكتب خاص، ولبعده عن منزلنا، واضطرارى الى التأخر ليلا لم استمر فيه، ثم عملت مدرسة لفترة، وتعرضت لمشكلات كثيرة فى عملي، ومع علمه بما واجهته من متاعب فيه، لم يتدخل لوضع حد لها برغم قدرته على ذلك وتمادى أبواى وأختاى فى السيطرة عليّ، فلم يكن لى رأى فى أى شيء يخصنى حتى فى الزواج، اذ تقدم لى عريس قريب لزميلة أختى الكبري، وجاءنا فى زيارة مع والدته وأخته، فأرغمونى على الجلوس معه، وبعد انتهاء الزيارة أبلغت أختى أمه أننا موافقون عليه، برغم أن أحدا من أهلى لم يسألنى عن رأيى فيه، ولما ناقشتهم فيما فعلوه، ردوا عليّ بأن فترة الخطبة سوف تظهره على حقيقته، ووقتها يمكن أن أعترض اذا رأيت فيه عيوبا، فترددت كثيرا، وانتابنى قلق شديد من اتمام هذه الزيجة، لكنهم لم يدعوا لى فرصة للاعتراض، فلقد ضغطوا عليّ وعندما قلت لهم فى جلسة عائلية عقدوها خصيصا من أجل هذا الموضوع أننى لا أعرف شيئاً عن هذا العريس ولا أسرته، رد عليّ أبى : «لو مش عاجبك، خدى بعضك وامشى من البيت»، ولم يتزحزح عن موقفه، ولم يعر دموعى أى اهتمام، ووجدتنى أمام قلب حجرى لا يعرف عن مشاعر الأبوة شيئا، بل ووافق على أن أعيش فى شقة والدة العريس الموعود المكونة من غرفتين وصالة، وشاركته أمى موقفه وقالت لى «انتى عايزة تصغرى أبوكي»!
فى ظل هذا الحصار العائلى حاولت اقناع نفسى بأن والدته لا يمكن أن تعيش بمفردها خصوصا وأنه ابنها الوحيد، حيث إن أخته التى تكبره بعدة سنوات متزوجة ومقيمة فى الخارج، وتزوجنا بعد خطبة استمرت ستة أشهر، ومنذ اليوم الأول لمست طباعه الغليظة، فلا يصح أن أمزح معه، أو أن أحدثه فى أى موضوع، ولا أن أطلب منه شيئا، يعنى أن نعيش معا فى صمت!، فاذا جلس مع أمه يتكلم معها فى كل شيء حتى فى أمورنا الخاصة لدرجة أننى سمعته وهو يسألها هل يعاشرنى أم لا بحكم أنها صيدلانية وتعلم أوقات التبويض لكى يحدث الحمل الذى كان ينتظره بفارغ الصبر؟.. وتسمرت مكانى وكسا الاحمرار وجهى من أن يفشى زوجى أسرارنا بهذه الطريقة، ولما عاتبته أن يفعل ذلك وهو رجل فى سن الخامسة والثلاثين، تركنى وخرج من المنزل، فحاولت نسيان ماحدث، ولم أفاتحه فى أى كلام بعد ذلك، ثم شعرت أن طباعه المتعجرفة تغيرت الى حد كبير، وأحس هو باهتمامى به وصبرى على قسوته غير المبررة معي، وبدا شخصا آخر وليس زوجى الذى عرفته منذ ارتباطنا، وظل على حالته الجديدة خمسة أشهر، أديت خلالها كل ماتطلبه منى أمه بلا كلل ولا ملل. بينما هى لا تغادر السرير مادامت موجودة فى المنزل، وشاهدتنى وأنا أهتم بزوجى اهتماما يفوق الوصف لدرجة أننى كنت أحلق له شعره وذقنه، وهنا دبت الغيرة فى قلبها، فانتقدتنى بشدة، وتفننت فى اختلاق المشكلات، وحملت فى ابنتي، ونفرت فى بدايات الحمل من رائحة المنظفات، فجعلت ذلك ذريعة لتحويل حياتى الى جحيم، ووجدتها فرصة لكى توغر صدر زوجى تجاهي، فتركت السرير لأول مرة، وطهت الطعام، وعندما يعود زوجى من عمله يتناولانه معا، وهما جالسان أمام التليفزيون، وحينما يحل موعد النوم فإنه ينام فى غرفتها بينما أبيت بمفردى فى غرفتي، وراقبت تصرفاتها بمرور الأيام فوجدتها سعيدة لهذا الوضع، واذا رأتنا أنا وزوجى منسجمين، تظهر على وجهها علامات الغضب فيتركنى ويذهب اليها، ويعلم الله أننى حاولت ارضاءها بكل السبل ولكن هيهات لها أن تصفو لي، ولو أن ابنتها معها ماقدمت لها جزءا مما صنعته من أجلها، وسعيت كثيرا الى كسب ودها، ولم أفلح، اذ تتفنن طول الوقت فى ابعاد المسافات بيننا، ولما وضعت طفلتى أشرت عليه بأن نستأجر شقة أخرى بعد أن رفضت أمه أن يكون لابنتنا سرير فى غرفتها، فثار ضدى وأغلق باب الكلام فى هذه المسألة نهائيا، واتخذت أمه طلبى الانتقال الى شقة أخرى ذريعة للهجوم عليّ، واستعانت فى ذلك بشقيقها الذى أيدها فى كل كلمة قالتها، فعرضت الأمر على أهلى ففاتحوا زوجى فيه، فرد عليهم بانه لن يتمكن من الانتقال الى مكان آخر الا بعد خمس سنوات تكون ظروفه خلالها قد تحسنت!
وامتثلت لما أراده، ثم تعرض لمتاعب صحية مفاجئة، وبدلا من أن تراجع نفسها، فإنها ظلت على قسوتها معي، وتمادت فى غرورها الزائد على الحد، وكثفت اهاناتها لي، فرددت عليها ذات مرة بأن تتقى الله فىّ، فأنا لم أرتكب جرما فى حقها، فكالت لى اتهامات عجيبة، وأدعت أننى أسعى الى الطلاق لكى أخذ شقتها، فتعجبت لكلامها، فالشقة التى تتحدث عنها ايجار قديم، وليست ملكا لهم، ثم من هى الزوجة التى تخرب بيتها من أجل شقة !، فصرخت بأعلى صوتها، وتطاولت عليّ بالضرب، وكنت أحمل ابنتى البالغة من العمر وقتها سنة وثلاثة شهور، وأدعت أننى أوقعتها على الأرض، وجاء زوجى فأخذته الى حجرتها فترة طويلة، وقال لى بعدها اننا سوف ننتقل الى شقة جديدة بالايجار خلال أسبوعين، ففرحت وتصورت أن عذابى سوف ينتهي، وذهبت الى بيت أهلي، وبدأ فى تجهيز متعلقاتي، وظللت شهورا انتظر لحظة أن يكون لى بيت مستقل، ولم يتصل زوجى بى طوال تلك الفترة، وعندما التقيت به قابلنى بطريقة سيئة، فابتلعت معاملته الفجة لكى لا أزيد أوجاعه حيث كان يتعاطى الدواء، ولا يتحرك إلا إلى عمله القريب من شقة أمه، فهو لم يظلمنى فقط وانما ظلم ابنته أيضا، اذ لم يصرف عليها مليما واحدا، وظل على هذه الحال عامين كاملين. وهكذا وصلت حياتى الزوجية الى طريق مسدود، ولم يكن هناك أى أمل فى اصلاح ما فسد من علاقتنا بسبب أمه، وتم طلاقنا، وأعيش أنا وابنتى فى عذاب لا يتوقف حتى وأنا فى بيت أهلي، فعلى مدار عمرى كله لم أجد قلبا حنونا، وكان الكل شركاء فى الجريمة، أقصد العذاب الذى ذقته ومازلت أتجرع مرارته، من أبى وأمى وأختىّ، وزوجى وأمه وأهله،.. تخيل ياسيدى أن أمى تتشاجر معى لو اخرجت قطعة لحم مفروم فى حجم البيضة لابنتي، وتقول لى إنها ستصنع بهذا اللحم طعاما للكل غدا!، وكثيرا ما أصحو من نومى على حديثها مع احدى شقيقتىّ عنى بشكل سييء، ولا يعجب أبى أننى أشاهد التليفزيون بعض الوقت!، وبلغ الأمر اننى لم أعد أتناول طعاما من صنع أمي، واذا وجدتنى أتغلب على حزنى بالضحك لا يهدأ لها بال حتى تزيل البسمة من عليّ شفتي، فتقول لى «قلبى وربى غضبانين عليكي».. لماذا؟ لا أعرف.. انه أمر مؤلم حقا أن تعيش وسط عالم لا يرحمك مع أنك مسالم ولم تؤذ أحدا!
لقد كرهت حياتي، ولا أنام الا وأنا منهارة، ولا أحد يشعر بي، والله وحده هو الذى يعلم مدى القهر والظلم الذى أعانيه، وزاد من ضغوطى أن أمى طالبتنى بأن أعطى لأبى ثمن طعام ابنتى الذى تناولته منذ تركى منزل الزوجية من مؤخر الصداق الذى حصلت عليه بعد الطلاق، ففكرت فى الانتحار ومعى ابنتى ثم تراجعت واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، ولكى يكون لى مصدر للدخل جاءتنى فكرة اقامة مشروع صغير فى بلدتنا، وكالعادة وقف أبى وأمى وشقيقتاى ضدي، ولم يتأثروا بحالي، بل انهم يتركونى وحدي، ويتسامرون ويتزاورون، ولم ينتبهوا الى ابنتهم المكسورة التى فقدت الأمان وغابت عنها الابتسامة، ووجدتنى أتصل بمطلقى وأرجوه أن يعيدنى الى عصمته، فهو أحن من أهلى عليّ برغم مساوئ أمه، لكنه صمت ولم يرد عليّ، فأعدت الاتصال به لكى يعرض ابنتنا على الطبيب لمرورها بوعكة صحية، فرد عليّ بكلام قاس قائلا: «انها فى حضانتك وليست فى حضانتي»، فلم أعد الاتصال به، ومنذ شهر تقريبا وجدته يتصل بي، ويقول لى انه يحبنى كثيرا، فقلت له: وماذا ننتظر لكى تصحح هذا الوضع من أجل ابنتك؟.. فقال لى: سوف نتفق على موعد لكى نتقابل ونتناقش فى الموضوع! وبالطبع لم يتصل ولم يتحرك لاعادة المياه الى مجاريها، وأعرف أن أمه هى السبب فى طلاقنا، وتراجعه فى كل مرة يحاول فيها اعادتى الى عصمته!
اننى أريد أن تكون لى حياة خاصة، وهو أيضا كذلك، لكنه لا يدافع عن حقه وسعادته فى سبيل ارضاء أمه، وأشعر بالضياع وبأننى لن أستطيع الاستمرار فى الحياة بمفردى ولن أتمكن من تربية ابنتى بمفردي.. ان الوقت يمضي، ولا أدرى ماهو الطريق الصحيح الذى يمكننى أن أسلكه، وأعيش أنا وابنتى فى هدوء وأمان، فبماذا تشير عليّ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
قد تفلح بقايا الحب وذكريات الحياة الزوجية الجميلة فى إعادة الزوجين إلى بعضهما، فالألفة والمودة التى غلفت حياتهما معا فترة طويلة، يعجز الزمن عن محوها فى أحيان كثيرة، ومن ثم ينسيان كل ما وقع بينهما من انفعالات حادة ومتاعب، وتنقشع «الغمة» التى سيطرت عليهما نتيجة ظروف خارجة عن إرادتهما، وأعتقد أن مطلقك يريد إعادتك الى عصمته حرصا على أن تنشأ ابنته فى كنفه، لكنه يواجه رفض أمه من جهة، وتمردك الدائم من جهة أخري، فالواضح أن أسباب الشقاق والخلافات بينكما ليست من جانب والدته وحدها، وإنما أسهمت أنت فيها أيضا، فمنذ البداية وأنت ترفضين وجودها فى حياتكما، ووافقت على أن تعيشى معها رغما عنك، وتحت تأثير أهلك، الذين ضغطوا عليك لقبوله بهذا الوضع، ولو أنكما أحسنتما التفكير فيما مررتما به من تجارب مؤلمة وأعدتما دراسة النتائج الوخيمة المترتبة على تربية ابنتكما بعيدا عنك أو عن أبيها، فإن طلاقكما لن يكون النهاية، وانما يصبح بداية لحياة زوجية جديدة خالية من الخلافات، وسوف يزداد فهمكما لمتطلبات كل منكما ورغباته، بعد أن تأكد من حاجته الى الطرف الآخر، وبالتالى تتجدد مشاعر المودة والمحبة بينكما.
لقد عانى كلاكما متاعب كثيرة بفراق الآخر، فتعرضت لصدمة عاطفية زعزعت ثقتك فى نفسك وتقديرك ذاتك، فأصبحت قلقة على الدوام، ووصلت بك الحال الى الضيق والاكتئاب، وأحسب أن زوجك هو الآخر مر بأزمة نفسية بعد تطليقك بضغوط من أمه، فالرجل بطبعه يميل الى الاستقرار والأمان، وعندما يتخلى عن رفيقة دربه تنتابه الاضطرابات النفسية، ويفكر فى الزواج من أخرى تعيد إليه توازنه وربما يبحث عن وسيلة لإصلاح ما فسد من علاقته بمطلقته.
فإذا كان زوجك السابق راغبا فى إعادتك الى بيته، وتمكن من الاستقلال بحياته بعيدا عن أمه مع الاحتفاظ معها بعلاقة طيبة، فإنه يمكنك أن تراجعى موقفك منه مدفوعة برغبتك فى تنشئة ابنتك بينكما، أما اذا ظل على مماطلته، ورأيت أنه لن يخرج من شباك أمه، فعليك أن تنظرى الى طلاقك منه على أنه قدر الله عز وجل، كالزواج تماما، فالحقيقة ومن واقع ما سردته من أحداث فإن الانفصال كان أمرا وجوبيا وحتميا، وحلا لمشكلاتك المستمرة مع والدته، وعليك أن تتكيفى مع وضعك الجديد، ولا تخشى نظرة الناس وتعلمى الصبر والاحتساب، وتأكدى أن الله سوف يوفقك لما فيه مصلحتك، وقد يرزقك بمن أنت أهل له، ويقدرك حق قدرك.
أما عن حالة الكره التى تستشعرينها ضدك، وأن الكل «شركاء فى الجريمة» التى لحقت بك من حيث معاملة الجميع لك بطريقة غير لائقة بدءا من أبويك ثم شقيقتيك، وزوجك السابق وأمه، فإن عليك الوقوف أمام حقيقة نفسك بموضوعية وشفافية، لكى تحددى الأسباب التى دفعتهم الى اتخاذ هذا الموقف منك، ثم تحاولى اصلاح نفسك، وحب الخير للآخرين، وطلب السعادة لهم، والتغاضى عن هفواتهم، فربما يتراجعون عن موقفهم المعاند لك.
أما عن حماتك السابقة فإنها شأن كل من لديها ابن وحيد أو مدلل، ومن الضرورى أن تكون علاقة الأم بابنها صحية وليس بالشكل المرضى الذى توجد عليه علاقة مطلقك بأمه، وأن تكون الزوجة ذكية وقادرة على استخدام الحكمة والتروى بعيدا عن التوتر لإنجاح علاقتها بحماتها، مع الحفاظ على مسافة معينة بينها وبين حرمة حياة ابنها الزوجية، لكنك للأسف لم تفطنى لذلك واستعديتيها منذ البداية بإبداء عدم رغبتك فى المعيشة معها، وكان الأفضل أن يضع أهلك النقاط على الحروف قبل أن يرموك فى زيجة غير مأمونة العواقب، وكان واجبا عليك أيضا عدم انتقاد زوجك السابق واشعاره بأنه ضعيف الشخصية، وبأن أمه هى التى تحكمه فما حدث أنه نفر منك واقترب أكثر منها، وفاتك أيضا تشجيع زوجك فى بعض خطواته ومدحه حتى يصبح قادرا على اتخاذ قراراته وتكون لديه ثقة أكبر فى نفسه، وبذلك تتعزز الثقة المتبادلة بينكما، مما كان سيدفعه إلى مشاركتك فى أموره بدلا من العودة إلى أمه فى جميع خطواته!
ولا يعنى ذلك أننى ألقى عليك باللائمة فى كل شيء إذ كان يجب عليه أن يكف ظلم أمه وتكرار تعديها عليك بالإثم والعدوان بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقالوا: كيف تنصره ظالما؟ قال أن تمنعه عن ظلمه»، وفى حق الوالدين أشد لكونه من تمام برهما: ومن حقك الانفراد بمسكن مستقل لاسيما فى ظل الظروف التى عايشتها مع حماتك السابقة، وليس من حقها أن تنقب عما يخصك أو أن تعبث فيه، وكان عليه أن يحثها على تقوى الله وليتقى كل منكما ربه فى حق الآخر. هذه هى العدالة التى أمرنا سبحانه وتعالى بها وبإعطاء كل ذى حق حقه.
وأما أهلك فلقد أخطأوا فى حقك بالتفرقة بينك وبين شقيقتيك مما تسبب فى أن تكونا فى جانب وأنت فى جانب آخر، ومهما تكن أسبابهما فى ذلك فليس من حقهما أن يفعلا ما فعلوه، وإنى أسأل أباك: ترى ماذا سيكون رد فعلك لو أن ابنتك خرجت من المنزل عندما هددتها بالخروج منه أكثر من مرة، وكيف طاوعك قلبك أن تتركها تعيش بمفردها فى محافظة وتنتقل أنت ووالدتها للمعيشة فى محافظة أخري؟.. إن تربيتها الخاطئة انعكست على تصرفاتها فصارت متوترة ولم تستطع أن تتصرف بالشكل الصحيح فى علاقتها بزوجها السابق وأمه، ولابد للأبوين من قراءة نفسية الأبناء واعطائهم حقهم فى التعبير عن مشاعرهم وحاجاتهم، وعدم ابداء الاهتمام ببعضهم وتجاهل البعض الآخر، فالتمييز بين الأبناء ينتقص من مشاعر البنوة مع الأخذ فى الاعتبار الفروق الفردية بينهم. ولا شك أن تسليط الضوء على النقاط الإيجابية فى شخصية كل ابن يساعد على تنميتها بصورة صحيحة أما إذا تم التصرف معه بطريقة أنه لا فائدة منه فسوف يعيش على هامش الحياة ووقتها سيكونان مسئولين عما تولد لديه من إحساس بالنقص ومن هنا فإن على أبويك أن يسانداك فى محنتك ويقويا عزيمتك على مواجهة الأزمة التى تمرين بها، وأحسب أن اختيك قادرتان على اصلاح ما فسد من علاقتكن الأخوية، فابدئى صفحة جديدة من حياتك وادرسى خياراتك جيدا، وسوف تهتدين إلى الطريق السليم القائم على أسس واضحة وعلاقات قوية وقناعة ورضا، وفقك الله وسدد خطاك، إنه على كل شيء قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.