من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين أن تشيع فى المجتمعِ ثقافةٌ تقبل وتحترم بل وتقدر التعدديةَ كأحدِ أهم معالم الحياة. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبية فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين أن تشيع فى المجتمع ثقافةُ «قبول الآخر» قبولاً موضوعياً كاملاً، أياً كان نوع «الآخر». فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين أن تشيع فى المجتمعِ ثقافةٌ تقوم على «نسبيةِ» كل الآراءِ ووجهاتِ النظرِ والنظرياتِ والأفكارِ، فهل يتسم فكر وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين التحمسُ الشديد لحقوق المرأة والإيمان بأنها أكثر بكثير من كونها (عدديا) «نصف المجتمع»، فهى مربية ومنشئة «كل المجتمع»، وأن من صالحِ المجتمع (أى مجتمعٍ) تحقيق المساواة المطلقة بين المرأةِ والرجالِ، وهجر الأفكار القرو - أوسطية البدائية التى تنظر للمرأةِ كزوجةٍ وأمٍ فى الأساس. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبية فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين أن يؤسس التعليم فى المجتمع على «الابتكار والإبداعِ» وليس على «التلقينِ واختبارات الذاكرةِ». فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين أن تكبر (بضم الحرف الأول) ثقافةُ المجتمعِ وفلسفةُ التعليمِ دورَ العقلِ الإنساني، وعلى اعتبار «العقل النقدي» هو أهم (أو إحدى أهم) أدوات وآليات التقدم. وهو نقيض ثقافة الطاعة والاتباع والتقليد التى هيمنت على المجتمعاتِ الإسلامية منذ انتصر حكامُ وشيوخُ هذه المجتمعاتِ لأنصار «النقل» فى مواجهة أنصار «العقل»، ومنذ أصبح «ابن تيمية» وليس «ابن رشد» هو «شيخ الإسلام». فهل يؤمن أعضاءُ الأغلبية فى البرلمان المصرى اليوم بإكبارِ «العقل الإنساني» وتشجيع تفعيل دور «العقل النقدي» والعمل على تقليص دور ونفوذ ثقافة الطاعة والاتباع والتقليد؟... هل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبية فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين شيوع مُناخ عام متسم بالسماحة الثقافية والدينية. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين تأصيل مفهوم المواطنة، بمعنى المساواة المطلقة بين أبناء وبنات المجتمع بدون إيلاء أية أهمية لدينِ ومعتقداتِ وآراءِ وعرقِ وجنسِ أَبناءِ وبناتِ المجتمع. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين شيوع إيمان واسع بكونية أو إنسانية أو عالمية العلم والمعرفة. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين شيوع ثقافة عامة تكبر (بضم التاء) وتحترم وتحمى الحريات العامة وأهمها حرية الاعتقاد وحرية نقد كل شيء ( فى حدود القانون ). فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين اختفاء ظاهرة محاكمة أى انسانٍ على افكاره أو كتاباته أو إبداعاته الفنية، ونهاية مرحلة مصادرة الكتب، ونهاية مرحلة السقوف المنخفضة لحرية التفكير والتعبير والابداع. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبية فى البرلمان المصرى اليوم بتلك السمة؟ من سماتِ التحضرِ والتقدمِ الإنسانيين تعظيم وإكبار «قيمة الحياة الإنسانية». وهو ما يعنى رفض وإدانة أى عدوان على حياة المدنيين فى أى مجتمع مهما كانت المبررات. فى مجتمعنا بعضُ «بسطاء العقول» الذين تثلج صدورهم العمليات الانتحارية ضد المدنيين وعمليات إجرامية مثل تفجيرات جزيرة بالى فى اندونسيا وعملية 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبية فى البرلمان المصرى باستهجان ثقافة الموت وإكبار وتعظيم شأن الحياة الإنسانية؟ من سماتِ التحضر والتقدمِ الإنسانيين التفرقة بين «الحقائق الدينية» و«الحقائق العلمية». ومع احترام كل منهما، فإن المجتمعات التى بلغت درجة كبيرة من التقدم لا يمكن ان تخلط بين مجالاتِ الحقائقِ الدينيةِ ومجالاتِ الحقائقِ العلميةِ. فهل يتسم فكرُ وسلوكُ الأغلبيةِ فى البرلمان المصرى بالتمييز بين مجالات الحقائق الدينية ومجالات الحقائق العلمية؟ وأَختم هذا المقال بالعبارة التى جاءتنا من بلاد الإغريق العظيمة، يونان سقراط وأفلاطون وأرسطو وهى العبارة التى يعرفها كلُ مهتمٍ بالفلسفة والتى تقول: «الأسئلة مبصرة، والأجوبة عمياء»... آملاً ألاَّ تكون «صفحة الأسئلة» على وشك أن تغلق فى واقعنا، وأن تفتح (محلها) صفحة الأجوبة المتسمة باليقين!!!