مسقط - خاص الوفد: تشهد سلطنة عُمان فعاليات تنموية متنوعة وغير تقليدية على مدار أيام وليالٍ فترة الاحتفالات بيوم النهضة الذى تستقبله فى الثالث والعشرين من يوليو، حيث يتوج إنجازات نحو نصف قرن منذ تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم. يعبر الكثير من هذه الفعاليات غير التقليدية عن الاهتمام بتفعيل خطط التنمية الشاملة وتحقيق الأمن الغذائى وترسيخ مفهوم مجتمع الوفرة. وفى هذا الصدد أكدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة -الفاو- أن السلطنة تتمتع بأجواء سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية مستقرة ساعدتها على تحقيق الهدف الأكثر طموحاً لمؤتمر القمة العالمية للأغذية. نتيجة لذلك تضمها قائمة أهم الدول الآمنة غذائياً. كما تم تصنيفها فى المرتبة الثانية عربياً والمرتبة السادسة والعشرين عالمياً، حسب التقرير السنوى حول المؤشر العالمى للأمن الغذائى. كما أوضحت المنظمة أن قطاعى الزراعة والثروة السمكية فى السلطنة يمكنهما أن يقودا اقتصادها، مشيرة إلى أنهما قادران على المنافسة عالمياً، مشيدة بالجهود التى بذلتها الحكومة فى هذه المجالات منذ مطلع عقد السبعينيات. يأتى ذلك فى الوقت الذى شهدت فيه السلطنة معرض سوق العسل العُمانى – 2018، فى نسخته العاشرة والذى يعد بمثابة مهرجان اقتصادى سنوى. حملت الدورة الجديدة شعار الجودة العُمانية المشهورة عالمياً، حيث عرض المنتجون من مختلف محافظات السلطنة على مدى الأسبوع الماضى مجموعة من أنقى الأنواع على مدى أربعة أيام. وتجاوزت نماذج المعروضات ثلاثة أطنان. تشتهر السلطنة بإنتاج أجود الأصناف على مستوى العالم من حيث مكوناتها وبيئة تربية النحل، وبوصفها إحدى أهم الدول المهتمة بمجالات تحقيق الأمن الغذائى وتنويع سلة المنتجات الغذائية وأشهرها عسل السدر والسمر وتتوافر جميع مقومات إنتاجه بمستويات قياسية. وتضم حالياً أكثر من مائة ألف وحدة إنتاجية من المناحل التى تنتج فى الموسم الواحد نحو 800 طن، وبالتالى يتم تصدير كميات كبيرة وسط إقبال كبير عليه خاصة بعد أن حصلت السلطنة على جوائز عالمية عن إنتاجها. وفى جناح وزارة الزراعة تم عرض المستلزمات العصرية الخاصة بالنحل والنحالين، إلى جانب نماذج خلية النحل الحديثة بهدف تعريف المشاركين والزوار بإحدى الوسائل المتطورة لتربيته. وتتميز بأنها عازلة للحرارة وذات مواصفات متقدمة تساعد على زيادة الإنتاج. لضمان جودة المعروضات فى السوق قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية فى وقت سابق بالتنسيق مع المختبرات المتخصصة والمعتمدة فى السلطنة لأخذ عينات من النحالين الراغبين فى المشاركة، وتحليلها معملياً والتأكد من مطابقة المنتج للمواصفات العمانية النموذجية. كما التزم جميع المشاركين بتوريد الكميات المطلوب بيعها فى السوق إلى مخازن خاصة بهدف ترقيم العبوات وحفظها ومن ثم نقلها بحضور المشارك إلى المعرض. يستهدف تنظيم السوق فى نسخته الجديدة التعريف بمنتجات سلطنة عمان والوصول بها إلى الأسواق الخارجية وفتح منافذ جديدة لتسويقها فى مختلف أنحاء العالم. وتعد تربية النحل مهنة عريقة مارسها الأجداد منذ القدم وتم توريثها لأجيال الشباب نتيجة جدواها الاقتصادية. تشمل الحوارات التى تجرى ما بين أجنحته وأروقته بحث كافة المجالات المرتبطة بتفعيل الأنشطة الاستثمارية المتعلقة بهذا المجال فى إطار البرامج التنموية. يحظى عسل النحل العٌمانى بشهرة واسعة مما جعل له سوقاً رائجاً ويشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين الذين يقبلون على شرائه، إما لأغراض علاجية أو لاستخدامه ضمن الأطعمة. يعرض السوق كل عام أصنافاً عديدة تتنوع ما بين المنتجة فى المناطق الساحلية والجبلية والسهول ومناطق الرعى الصحراوى. من هذه الأنواع عسل زهور الباطنة والعسل البرى (نحل ابو طويق). وأتاح المعرض الفرصة للتعرف على الاختلافات المذاقية لعسل البيئات المختلفة، ويفتح أسواقاً جديدة لإتمام صفقات مستقبلية وأيضاً تعريف الأجيال الجديدة من الشباب العمانى على حرفة تربية النحل وطرق الفرز والمعاملات الأخرى وتبادل الأفكار والخبرات الفنية بين المنتجين أنفسهم من خلال تجمعهم فى مكان واحد. ويحرص العمانيون على تواجد العسل على موائد الطعام، خاصة فى أيام الأعياد التى يتناولون فيها اللحم بالعسل، أو فى الوجبة المعروفة محلياً بالجولة التى يعد من مكوناتها الرئيسة، فضلاً عن المأكولات الخاصة للمرضى التى يساعد فيها على سرعة الشفاء، ولا سيما بعد استخدام العسل الحولى (الذى مر عليه حول كامل) لأنه الأنفع علاجياً، ويسهم فى تحسن البنى الجسمية وتقويتها. وفى سياق متصل تقام فى السلطنة العديد من الفعاليات المماثلة والموازية حيث يجرى تنظيم مهرجان التمور العُمانية السنوى الذى يعد إحدى الآليات المستحدثة فى إطار التنمية الزراعية، حيث يتحول إلى محفل علمى ومنتدى حافل بالمناقشات والدراسات المستفيضة التى يتابعها باهتمام المشاركون فيه وتشتهر السلطنة بإنتاج أجود أنواعه على مستوى العالم بوصفها إحدى أهم الدول فى مجال زراعة النخيل. يشمل برنامجه عقد حلقات تخصصية علمية لبحث ودراسة تجويد المنتجات العمانية وتطوير أنواعها وأصنافها ومواكبة الابتكارات الحديثة فى التعبئة والتغليف والتسويق. كما يتضمن المهرجان زيارات ميدانية للمواقع الإنتاجية النموذجية وفى مقدمتها مزرعة المليون نخلة بولاية عبرى، ومركز الزراعة النسيجية بولاية بهلا للتعرف عن قرب على التقدم التكنولوجى فى المجالات الزراعية. تعد الحوارات التى تجرى ضمن هذه الفعاليات جلسات منتدى اقتصادى، حيث يتم تنظيم حلقات عمل بالتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية والجامعات لبحث كافة المجالات المرتبطة بتفعيل الأنشطة الاستثمارية والإنتاجية.
