حاوره - صلاح السعدني تخرج فى جامعة الإسكندرية، وهو مهندس بارع فى تكنولوجيا صناعة الألبان، ثم حصل على دبلومة فى تصنيع الألبان من الدانمارك عام 1983 من البعثة التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة.. بدأ حياته العملية فى «مصر للألبان»، وكانت حينذاك الشركة الوحيدة للألبان فى مصر، ثم عمل مديراً بشركة «ميلكى لاند»، ثم عضواً منتدباً لشركة «جرين لاند» قبل أن تستحوذ عليها مجموعة «أمريكانا» عام 2004، وفى عام 2009 أسس شركة «بريجو» للصناعات الغذائية بالمنطقة الصناعية بالعبور برأسمال 50 مليون جنيه.. هو واحد من أهم وأمهر من يعملون بصناعة منتجات الألبان فى مصر، ويتبوأ مكانة رفيعة فى قائمة من «يفهمون» ويعلمون ببواطن هذه الصناعة الكبيرة.. مع خبير تكنولوجيا صناعة الألبان وعضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية وجمعية مستثمرى العبور المهندس فتحى كامل كانت تفاصيل الحوار التالى: إلى أى مدى وصلت مرحلة المفاوضات بينكم والشركة المصرية - السعودية للاستحواذ على «بريجو»؟ - لا نزال فى مرحلة المفاوضات مع الشركة المصرية السعودية والتى تستثمر فى الصناعات الغذائية للاستحواذ على 40٪ من أسهم الشركة مع زيادة رأسمال الشركة بنحو 50 مليون جنيه فى شكل استثمارات جديدة، وهناك احتمال كبير أن تنتهى المفاوضات خلال شهرين. هل تفكير المصرية - السعودية فى الاستحواذ على الشركة يشعركم بالقلق أم السعادة؟ - تفكير الشركة المصرية - السعودية فى الاستحواذ على 40٪ من بريجو يجعلنا فخورين بأننا قد وصلنا إلى مرحلة طيبة من التقدم، وأن منتجاتنا تتمتع بسمعة طيبة جداً، وأصبحت من المنتجات التى لها مكانة فى السوق، وإلا ما كانت قد فكرت شركة كبيرة مثل المصرية - السعودية فى الاستحواذ على حصة منها. كم وصل حجم الاستثمار فى الشركة، وما هى الكميات التى تنتجونها سنوياً؟ - الاستثمارات الأجنبية وصلت إلى 250 مليون جنيه وإجمالى المنتجات سنوياً تقدر قيمتها بنحو 450 مليون جنيه. وكم وصلت حصتكم السوقية حالياً سواء فى سوق الأجبان أو العصائر؟ - فى الجبن الأبيض نستحوذ على 10٪ من حصة السوق و35٪ من منتجات العصير. هل ترى أن الظروف الحالية فى مصر جاذبة للاستثمار فى قطاع الصناعات الغذائية تحديداً؟ - الظروف الحالية والمناخ بوجه عام جاذب للاستثمار، ولكن لا يوجد أى اهتمام من هيئة الاستثمار بجذب استثمارات جديدة فى هذا القطاع الحيوى والبالغ الأهمية. فى أعقاب ثورة 25 يناير مباشرة كنتم تعانون كرجال صناعة أشد المعاناة من أمور كثيرة ومختلفة سيئة.. هل تحسنت هذه الأمور أم لا يزال البعض منها قائماً للآن؟ - نعم عانينا كرجال صناعة وأعمال أشد المعاناة فى الفترة التى تلت قيام ثورة 25 يناير مباشرة، وكان قطَّاع الطرق والبلطجية يبتزون رجال الأعمال، ويخرجون عليهم، ومنهم من كان تتم سرقة أحد أولاده للمطالبة بفدية وغيرها من هذه الصور الإجرامية، بالإضافة إلى أمور أخرى كانت تؤثر سلباً على إنتاجية المصانع واستقرار العملية الإنتاجية بها مثل عدم توافر السولار، والانقطاع المستمر للكهرباء وقد تلاشت هذه الظروف واختفت وأصبح الوضع أكثر استقراراً من ذى قبل، ولا تنسَ أن الاستقرار الأمنى أحد أهم وأكبر العوامل الجاذبة للاستثمار. هل ترى أن مستقبل الاقتصاد فى مصر واعد؟ - نعم واعد، وانظر إلى حالة الاستقرار التى تعيشها مصر فى أعقاب ثورتين متتاليتين مقارنة بالعديد من الدول الأخرى حولنا. هل السوق يستوعب استثمارات جديدة فى قطاع منتجات الألبان على وجه التحديد؟ - نعم يستوعب والشعب المصرى بطبيعته متذوق للجبنة المصرية ولولا دخول الجبنة النباتى التى يعتمد تصنيعها على الدهون النباتية السوق لكانت أسعارها قد ارتفعت بشكل كبير هى وأسعار الزبادى واللبن، لأن الدهن النباتى سمح بإنتاج الجبن الأبيض بكميات كبيرة مع لبن الفرز المجفف المستورد، وكميات الدهن الطبيعى الموجودة فى مصر لا تكفى لإنتاج الجبن الأبيض، ولذا كان لا يوجد خيار ثانٍ أمامنا سوى استيراد الزبد أو الدهن الطبيعى، وأسعارها بالمناسبة تصل لأضعاف ثمن الدهن النباتى، وبالمناسبة أحب أن أقول لك إننى أول من أدخلت الدهن النباتى فى صناعة الجبن المصرية عام 85، وهاجمنى البعض من المتخصصين فى الزراعة فى مؤتمر بجامعة الإسكندرية وقتها واتهمنى بأننى ضيعت صناعة الجبن فى مصر، ورددت عليهم بأن حجم الدهون الطبيعية فى مصر لا تكفى لصناعة الجبن الأبيض وبالتالى لابد من استخدام الدهن النباتى، ودارت الأيام وثبت أننى كنت على حق. ما حجم إنتاج الصناعات الغذائية فى مصر خاصة من منتجات الألبان؟ - يكذب ويدعى من يقول لك رقماً صحيحاً، فلا توجد أرقام دقيقة لحجم الإنتاج ولا توجد معلومات يتم تحديثها أولاً بأول ولكن دعنى أقول لك من واقع خبرات عريضة أزعم أننى أمتلكها أن حجم إنتاج الجبن الأبيض بأنواعه وكذا جبن المثلثات المطبوخ وكذا الألبان يرتفع من عام لآخر فى 15 شركة مصرية منتجة وجميعها استثمارات مصرية خالصة باستثناء شركتين أو ثلاث، وأصبحت الصناعة الغذائية فى مصر كبيرة للغاية بسبب التنافس الكبير بين الشركات المنتجة مع زيادة وعى المستهلك. ولكن المستهلك يعانى من ارتفاع كبير فى الأسعار سواء من الأجبان أو الألبان؟ - بعد تعويم الجنيه انخفض حجم المبيعات من 15 إلى 20٪ بعد الارتفاع فى أسعار الخامات عالمياً، وفى النصف الثانى من 2017 ومع تثبيت سعر الدولار أصبح هناك ثبات فى الأسعار، وأحب أن أوضح فى هذه النقطة أن الخامات الرئيسية سواء لبن البودرة والبروتين والدهون الطبيعية والزيوت النباتية جميعها مستوردة. ما أهم المتغيرات التى حدثت لصناعة منتجات الألبان عما قبل؟ - تطور استخدام التكنولوجيا بشكل مذهل، والإنتاج زاد بشكل كبير، بالإضافة إلى أن جميع المنتجات المصرية في كل المصانع -بلا استثناء- ذات جودة فائقة ومواصفات قياسية، وهناك رقابة شديدة من كافة مراحل الإنتاج، وهو الأمر الذى ساعد على انكماش وتوارى صناعة منتجات الألبان التى كان يتم تصنيعها فى المعامل البلدية فى الأماكن العشوائية. كم يبلغ حجم إنتاج مصر من الألبان الخام؟ - 120 ألف طن تقريباً ومصر تحتاج إلى عشرة أضعاف هذا الرقم، وأستطيع أن أقول لك إن مزرعة واحدة فى السعودية تنتج 400 طن سنوياً. هل ترى أن أسعار توريد اللبن الخام من المزارع للمصانع عادلة؟ - السعر حالياً يدور بين 6 و7 جنيهات للكيلو أرى أنه عادل للمزرعة وصاحب المصنع. وماذا عن الزبادى والجبن الأبيض؟ - الزبادى والجبن الأبيض يعتمدان على لبن البودرة والزيوت والزبد وجميعها مستوردة ويخضع تسعيرها لأسعار الخامات بالبورصات العالمية، ولا تنس أن هناك ارتفاعاً كبيراً فى أسعار العبوات الكرتونية والتى زادت بشكل كبير بعد أن كنا نشترى الدولار بسعر 6 جنيهات عام 2016 والآن قفز سعره نحو 18 جنيهاً، ناهيك عن ارتفاع أسعار الطاقة من كهرباء وسولار وكذا أسعار النقل. تلاحظ أن هناك انخفاضاً ملحوظاً فى صادرات منتجات الألبان.. ما السر فى ذلك؟ - التصدير انخفض لأن نصاعة الألبان تعتمد على البلدان العربية فقط ولا يوجد تصدير ألبان لأوروبا، وأثرت المشاكل بدول ليبيا والعراق واليمن وسوريا على الصادرات سلباً، ومنتجات الجبن التى تذهب للدول العربية يستهلكها مصريون مقيمون هناك. هل تعتقد أن قطاع الصناعات الغذائية قد وصل إلى نسبة مرضية من الطموحات؟ - القطاع لا يأخذ القدر الكافى من اهتمام الحكومة، ونفكر دائماً فى الاستيراد وإنفاق الدولار عليه ولم نفكر مطلقاً فى كيفية الحد من خروج الدولار وذلك عن طريق زيادة الإنتاج من اللبن الطبيعى أو تصنيع لبن البودرة، والاهتمام بالثروة الحيوانية والثروة الداجنة وغيرها فليس من المعقول أن نظل نستورد لبن بودرة وزيوتاً نباتية وزبدة بمليارات الدولارات سنوياً؟!!