3744 شركة تتحكم فى سوق الغذاء والأدوية.. والسبب«ضعف الشركات المحلية » «صافولا» تحتكر زيت الطعام.. والمصرية المتحدة تسيطر على السكر.. و«جدكو» تهيمن على قطاع الأدوية اقتصاديون: تراجع شركاتنا يعطى الفرصة للأجانب والعرب للاستحواذ على السلع الإستراتيجية جاءت أزمة جزيرتى «تيران وصنافير» الأخيرة بين القاهرةوالرياض، لتكشف المسكوت عنه حول احتكار الشركات السعودية لبعض السلع الإستراتيجية بالسوق المصرى، رغم توقف حجم استثماراتها فى مصر عند حاجز ال 6 مليارات دولار منذ 10 سنوات، إلا أن الواقع يؤكد أن تلك المليارات القليلة، كانت كفيلة بالسيطرة على الكثير من القطاعات الصناعية الهامة، ومنها المنتجات الغذائية والأدوية. وفى الوقت الذى زادت فيه المساعدات السعودية خلال السنوات الأخيرة، لتصل إلى 12 مليار دولار فى صور منتجات بترولية وقروض وودائع مصرفية وبعض المنح، مازالت الرياض تعمل على إعادة أموال مساعداتها لكن بطريقة أخرى، حيث تسعى إلى امتلاك حصص حاكمة فى الشركات المنتجة للسلع الإستراتيجية بالسوق المصرية، ومنها 20 شركة كبيرة يزيد حجم استثماراتها عن 100 مليار جنيه. من أبرز تلك الشركات، المتحدة للسكر والإسكندرية للسكر والعربية الأولى للتنمية والاستثمار «فاديكو» وأسيك للأسمنت، والمصرية لمنتجات الألبان والأغذية، والنعيم القابضة للاستثمارات، والسويس للأسمنت، والوطنية لمجازر الدواجن، ومكة للصناعة والتجارة، ومصر السعودية للاستثمار العقارى والتنمية، وبلازا للمشروعات السياحية «قرية إنتركونتننتال شرم الشيخ»، والسادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار «سوديك»، وبلتون ريتال للتجارة والاستثمار، والبنك المصرى الخليجى، والسعودية المصرية للاستثمارات الصناعية. «الصباح» حصلت على تقرير من الهيئة العامة للاستثمار، يكشف وصول عدد الشركات السعودية المستثمرة فى مصر إلى 3744، تعمل فى 7 قطاعات، أهمها على الإطلاق قطاعى الصناعة والإنشاءات، حيث يعمل فى القطاع الأول 785 شركة برأس مال سعودى يصل إلى 2 مليار جنيه، ويعمل بالقطاع الثانى 629 شركة بمجمل رأس مال يصل إلى 1.3 مليار دولار تقريبًا. ويعتبر قطاع الغذاء فى مصر، مسار اهتمام الدول المختلفة الأكثر استثمارًا فى مصر باعتباره سوقًا يجمع 100 مليون مستهلك مصرى، حيث تتصارع شركات الصناعات الغذائية العالمية للاستحواذ على حصص حاكمة به. الاقتصاديون يؤكدون أن هناك مزايا تتمتع بها المشروعات الصناعية بمصر دفعت شركات عالمية للاستحواذ على شركات مصرية غذائية شهيرة، ومنها شركات عربية سعودية تدرس الاستحواذ على كيانات غذائية ضخمة، فضلًا عن الدخول فى مشروعات جديدة بمصر، حيث أعلنت مجموعة المراعى السعودية الاستحواذ الكامل على مصانع بيتى التى تنتج ألبانًا وعصائر ومشروبات، وسبق ذلك استحواذ مجموعة القلعة القابضة على شركات غذائية متعددة على رأسها مصانع الرشيدى الميزان، بعد أن كانت مملوكة لمستثمر بريطانى، وكذلك شركات «أنجوى والمصريين ومزارع دينا». المهندس فتحى كامل رئيس مجلس إدارة شركة بريجو للصناعات الغذائية، أكد أن هناك محاولات شديدة من شركات بجنسيات مختلفة منها الدنماركية والسويدية والسعودية للاستحواذ على شركات غذائية، وخاصة الألبان ومنتجاتها، حيث تعرض مبالغ خيالية بهدف الاستحواذ الكامل على الشركات الوطنية، فمثلًا هناك عروض لشراء شركة دومتى وهى شركة تحتل المرتبة الأولى فى مصر فى صناعة الجبن، وأيضًا عبور لاند وتحتل المرتبة الثانية ثم أراب ديرى التى تحتل المرتبة الرابعة فى هذه الصناعة الهامة. وأشار إلى أن حجم تجارة السلع الغذائية بالسوق المحلى يصل إلى 370 مليار جنيه سنويًا، وفقًا لآخر تقرير صادر عن غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، ومن المتوقع أن يزداد إلى نصف تريليون جنيه خلال السنوات الخمس المقبلة، ولهذا أصبح السوق المحلى المصرى فى مجال الأغذية مستهدفًا من قبل الشركات العالمية، وعلى رأسها السعودية. وحذر «كامل» من نجاح تلك الشركات فى خطة استحواذها، مما يؤدى إلى خروج الصناعة الوطنية من السوق المحلى، لتحتكر الشركات البيع والتسويق والتصدير. كما تتربع السعودية على عرش الشركات التى تسيطر على سوق السكر وغيرها من المنتجات الغذائية فى مصر، وأهم تلك الشركات، الشركة المصرية المتحدة للسكر «شركة صافولا السعودية»، وتعتبر من أكبر 4 شركات تحتكر المنتج فى السوق المصرى، ويملكها رجل الأعمال السعودى سامى باروم، ويقع مصنع هذه الشركة فى مدينة العين السخنة، وكذلك شركة الإسكندرية للسكر، والتى يملكها رجل الأعمال السعودى، الوليد بن طلال، ويقع مصنعها على طريق مصر إسكندرية. ومن المنتجات الغذائية إلى باقى قطاعات الإنتاج، تعد شركة جدكو، من أكبر الشركات المصنعة للأدوية فى مصر، وتقع فى المنطقة الأولى بمدينة نصر، وكذلك شركة «صافولا» أكبر شركات زيت الطعام فى مصر، والتى تمتلك الماركات التجارية لزيوت «عافية وسلايت وهنادى وحلوة»، وأيضًا منتجات السمن النباتى «جنة وروابى وشمس الشموس وبنت البلد»، ويقع مصنعها على طريق العين السخنة بمنطقة عتاقة، وتوزع منتجاتها فى السوق المصرى بأكمله، وتعتبر المحتكر الرئيسى لزيوت الطعام فى مصر، ومن أعضاء مجلس إدارتها رجل الأعمال السعودى سامى باروم، أما العضو المنتدب فهو زهير الودغيرى. محسن عادل عضو المجلس الاستشارى الرئاسى للتنمية الاقتصادية، أكد أن السعودية لم تستطع السيطرة على سوق الغذاء فى مصر كما يروج لها البعض بأنها تمتلك حصصًا حاكمة فى صناعة المنتجات الغذائية الإستراتيجية فى مصر، موضحًا أن السعودية لم ولن تلوح بأى أوراق اقتصادية للضغط على مصر، نظرًا لانفتاح السوق المصرى وقابليته لاستيعاب جميع الشركات، خاصة مع ضعف الشركات المحلية التى تعطى مساحة أكبر للشركات الأجنبية للتوغل والاستحواذ على المشروعات الإستراتيجية العملاقة. وتابع «عادل» قائلًا: «السعودية ملهاش ورقة اقتصادية للضغط علينا ومفيش خلاف حقيقى، والشىء الخلافى الوحيد هو اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وأزمة جزيرتى تيران وصنافير، كما أن الرياض تستفيد من مصر أكثر من استفادتنا منها، خاصة أن بند العمرة فقط يدر دخلًا على السعودية من المصريين بما يقارب 4 مليارات دولار من حوالى 1.6 مليون معتمر مصرى سنويًا، بالمقارنة بما نحصل عليه من البترول السعودى، والذى لا يزيد على 2 مليار دولار». وعن السكر، قال عضو المجلس الاستشارى الرئاسى أن الأزمة الأخيرة ليس لها علاقة بالشركات، وإنما ناتجة من آثار التغييرات المناخية فى الدول المصدرة للسكر مثل البرازيل، التى لجأت مؤخرًا إلى استخدام خام السكر كوقود حيوى، إضافة إلى دول أخرى كانت تعتمد على الأمطار فى تلك الزراعة وتوقفت. وأضاف أن السعودية تتصارع من أجل العمل فى السوق المحلى، وهناك حجم استثمار سعودى كبير فى مصر آخرها البدء فى تأسيس شركة ستى ستارز بالساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الخلافات السياسة ليس لها أى تأثير على حجم الاستثمار، فلو كانت الخلافات تؤثر لكان من المنطقى خروج الاستثمارات القطرية من السوق المحلى. فيما أكد الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق، أن استثمارات السعودية فى الاقتصاد المصرى ظلت متواضعة بعد ثورة 30 يونيو، بعكس دولة الإمارات التى تحركت على أمل إنقاذ الوضع الاقتصادى السىء فى مصر، وقامت باستثمارات مباشرة إلى جانب القروض والمنح والودائع. وأشار إلى أن السعودية تعانى أزمة حانقة، ليس فقط بسبب سياساتها النفطية التى حاولت تدمير اقتصاد روسيا وإيران وفنزويلا، بل بسبب قانون (جاستا) الذى سيظل سيفًا مسلطًا على رقبة الأموال السعودية الموجودة فى أمريكا وبقية الدول الغربية، وليس أمامها سوى البحث عن ملاذ آخر لأموالها فى خزائن بنوك العالم والشركات.