أجمل ما في الظلام دائما، شعاع من الضوء يستطيع فضحه، ويكسر وحشته.. تجلى هذا الشعاع في الشباب المصري الصغير "سنا فقط"، الذي أثبت أنه أكثر وعياً من أجيال سبقته.. وأنه يمتلك رؤية سياسية سليمة لا يملكها من يحتكرون اليوم رسم مستقبلنا.. هذا الشباب اعترض على تولي الجنزوري رئاسة الحكومة.. ورأى أن تلك الحكومة ستكون انتكاسة لمصر وللثورة.. انطلق الشباب بأجسادهم النحيلة ليمنعوا عن بلادهم تلك الكارثة.. ووقف أصحاب الأغلبية البرلمانية ذوي العقول النيرة يتفرجون على دماء الشباب المصري تراق وأعراضهم تستباح.. ولم يكتف هؤلاء بالمشاهدة فحسب.. بل راح بعضهم يوجه لهم الطعنات مستبيحين أعراضهم وأعراض المسلمات.. اتهموهم بالخيانة والعمالة.. اتهموهم بتعاطي المخدرات و "الترامادول"، وتلقي 200 جنيه وعلبة سجائر عن كل يوم من الاعتصام.. قتل الطبيب واغتيل الشيخ العالم ولم يهتز لهم جفن.. وقال كبيرهم إنه مخطط لإثارة الفتنة.. وانصرف الشباب بعد استباحة دمائهم وأعراضهم، والطعن في وطنيتهم.. ويأتي اليوم أصحاب الأغلبية البرلمانية، ليطلبوا من نفس الشباب مساندتهم فيما سبوهم من أجله.. ولو كانت أخلاق الإسلام صاحبة الأغلبية في ذلك الموقف.. لاعترف هؤلاء بخطئهم.. لاعتذروا للشباب الواعي الذي استباحوا دمه وعرضه.. لاعترفوا لهذا الشباب بأنه أرجح منهم عقلا وأنفذ بصيرة في أمور السياسة.. ومن حق هؤلاء الشباب"شعاع الضوء" اليوم أن يردوا على أصحاب الأغلبية بضاعتهم.. من حقهم أن يسألوهم هل جاءكم اليوم ما جاءنا من "الترامادول"..! وهذا الشعاع تجلى أيضاً بشدة في الأزمة الأخيرة بين المجلس العسكري والإخوان.. فبعد أن توهم حزب "الحرية والعدالة" وتابعه "النور" أنهما في غنى عن الثورة.. وبعدما أدارا ظهريهما للشعب ومطالب الثورة، متوهمان أن الأغلبية المطلقة في البرلمان تضمن لهما القوة المطلقة، وفعل ما يريدان بمصر.. عادا هرولة إلى الشعب مع أول تكشيرة من أنياب المجلس العسكري.. بدءا يتحدثان مجددا عن الخروج للشارع والمظاهرات التي سعيا لتجريمها وتحريمها قبل ساعات.. عادا للبحث عن القوة الحقيقية وسط الشعب الذي انشغلوا عنه بالكراسي. أما المجلس العسكري أيضاً فلم تكن تكشيرته تصرفاً عنتريا غير محسوب.. لكنها جاءت بعد أن أيقن أن الشعب الثائر أيضاً أدار ظهره للاهثين خلف الكراسي.. وهنا خرج من حزب الحرية والعدالة من قال لا يجب أن يكون الأمر مجرد مواجهة بين الإخوان والمجلس العسكري.. ولا أعلم أي وصف حقيقي يراه هذا للموقف. والدرس الذي يجب أن يتعلمه الجميع ويعيه الطرفان من هذا الموقف.. هو أن القوة الحقيقية للشعب.. وأن الخاسر هو من يدير ظهره لمطالب هذا الشعب. وبقي أن يفهم الشعب نفسه ذلك، و أن يزداد الشباب المصري ثقة في أنفسهم ورجاحة عقولهم، وأن يؤمن الشعب أن إرادته فوق الجميع وإن شغلوه بالوقود وأنبوبة البوتاجاز، ولا يسمح لأحد أن يجره حيث تريد مصالح الآخرين..!