كتب- محمد عيد: اعتبر خبراء تصريحات أديس أبابا بشأن ملف سد النهضة، واتهامها الصريح لمصر بعرقلة المفاوضات في الاجتماع التساعى الأخير بالخرطوم، مماطلة إثيوبية جديدة، تحاول إثيوبيا من خلالها كسب الوقت لملء الخزانات الخاصة بالسد في مدة أقل من المتفق عليها بين البلدين. وأشار الخبراء إلى أن الجانب الإثيوبي يحاول ملء الخزانات في 3 سنوات فقط بدلاً من 7 سنوات، وهو ما لن تسمح به مصر على أية حال من الأحوال، إذ إنه يمكن أن يوقع أضراراً بالغة في منسوب المياه المصرية والزراعة بشكل هام على القاهرةوالخرطوم. وأكد الخبراء، أن مصر تمتلك الحكمة السياسية والخبرة الدبلوماسية القوية، التي تمكنها من قيادة المفاوضات واحتضان الأزمة، للوصول إلى حلول ترضي كافة الأطراف، دون المساس بحق طرف على حساب الآخر، أو التفريط في حقها، إذ يُعتبر ملف المياه ملف أمن قومي لا يقبل أية تجاوزات. وكان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، ملس ألم، قد حمل مصر فشل مفاوضات الخرطوم، فى مؤتمر صحفى عقده أول أمس اتهمها فيها بعدم الجدية. وأكد هشام الحصرى، وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، أن بيان إثيوبيا بشأن سد النهضة وزعمها أن الجانب المصري هو المتسبب في وقف المفاوضات غير صحيح، موضحًا أن الخارجية المصرية قد أنكرت هذا البيان في بيان رسمي لها. وأضاف وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، أن الدولة المصرية وجهت دعوة للجانبين السوداني والإثيوبي لعقد قمة ثلاثية في القاهرة، لإنهاء كافة الخلافات المثارة بشأن السد، موضحاً أن الملفات المطروحة على طاولة القيادة المصرية بشأن أزمة السد غير مكتملة، فضلاً عن ممارسة التعتيم بشأن هذا الملف. وقال «الحصرى»، إن رئاسة الجمهورية فى مصر، تتابع هذا الملف وتعطى له أهمية كبيرة نظرًا لمساسه بالمواطن المصري، مشيراً إلى أن الشعب المصري لديه ثقة كبيرة في القيادة السياسية الحكيمة لحل تلك الأزمة، موضحاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قادر بحنكته السياسية الكبيرة على إنهاء ملف سد النهضة. ولفت «الحصري»، إلى أن الخلاف الدائر بشأن سد النهضة يكمن في مدة ملء الخزانات وليس في بناء السد نفسه، مشيرًا إلى أنه في حالة ملء الخزانات في 3 سنوات فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير على منسوب مياه نهر النيل، وعلى الزراعة في مصر بالسلب. من جانبه قال اللواء محمد الشهاوي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، إن أديس أبابا تحاول بهذا الاتهام، إطالة أمد المفاوضات وتسويف الالتزام بالمدة الزمنية لملء الخزان، لافتاً إلى أن مصر بخبرتها الدبلوماسية التفاوضية السليمة ستتمكن من الوصول إلى حل دون أية مشكلات. وأكد «الشهاوي» أن الحديث عن الحلول العسكرية غير منطقي بالمرة، فمصر بقدر حرصها على أمنها القومي، فإنها تسعى لحل الأزمة بموافقة الأطراف الثلاثة، بما لا يضر أي طرف منهم– حسب قوله، مشيراً إلى أنه رغم هذا الاتهام الكاذب إلا أن الخارجية المصرية أثبتت حسن نيتها وجديتها في المشاورات، ودعت لاجتماع عاجل بالقاهرة بهدف الوصول إلى حلول وفي أسرع وقت. ولفت مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، إلى أن الحل يكمن في ضرورة تدخل القيادة السياسية المتمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي، للتواصل مع رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، لإنهاء هذا الجدل الواسع حول حق مصر في مياه النيل. وقال الدكتور محمد صادق، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مصر تمتلك من الأدوات الدبلوماسية والسياسية، ما يجعل تصرفاتها محسوبة ومعقولة ومقدرة من الجميع، لافتاً إلى أن ادعاءات إثيوبيا ما هي إلا حجج واهية لا فائدة منها، فالجانب الإثيوبي يحاول تغطية رفضه لشروط مصر السليمة تماماً– حسب قوله. وأضاف «صادق»، أدوات مصر كثيرة ومتعددة بعيداً عن الحلول العسكرية، فمصر على مدار العصور لم تستخدم أبداً القوة العسكرية سوى ضد المغتصبين لأراضيها، لأنها تحرص دائماً على مصالح الجميع وتعتبر جميع الأشقاء نسيجا واحدا، وهو ما لا تدركه الخبرة السياسية الإثيوبية. ولفت مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى نموذج مفاوضات استرداد طابا، حيث تمكنت مصر من استرداد حقوها بالتفاوض والمشاورات دون أي قوة عسكرية، فضلاً عن الأدوات الأخرى مثل مجلس الأمن والتحكيم الدولي. وتابع: «على أديس أبابا أن تفكر جيداً، قبل أن تمس حقوق غيرها، وأن تنظر إلى مصلحة الآخرين بعين الاعتبار، خاصة وأن مصر حريصة طوال الوقت على التعاون المشترك بين البلدين في خطط من التنمية، مستبعدة سياسة التعنت من أجل المصلحة»، مشيراً إلى رسالة الرئيس السيسي، الذي أكد أن المياه تمثل حياة أو موتاً، وهي رسالة اطمئنان للشعب المصري أننا قادرون على الحفاظ على مياه النيل.