في الوقت الذي تقدمت فيه الحكومة السودانية بمقترح جديد يتعلق بإدارة سد النهضة وتخفيف التوتر القائم والانسداد في مسار المفاوضات العبثية؛ توقع معهد كارنيجي للأبحاث والدراسات أن يكون العام المقبل، 2018، هو عام الصدام الحتمي بين أطراف الأزمة، حيث تشرع إثيوبيا في ملء خزان السد. والمشكلة الرئيسية حاليا بين القاهرةوأديس أبابا، بعد أن أصبح السد أمرًا واقعًا، تتعلق بفترة ملء السد؛ فالجانب الإثيوبي يريد ملء 74 مليار متر مكعب من المياه خلال 3 سنوات، ما يترتب عليه نقص 24.6 مليار متر مكعب لمدة ثلاث سنوات من حصة مصر البالغة 55 مليار متر مكعب, بينما يطلب الجانب المصري أن تكون المدة الزمنية 9 سنوات؛ حتى لا تؤثر على مياه النيل. هذا وتتوقع إحدى الدراسات التي أجرتها الجمعية الجيولوجية الأمريكية، أنه مع مرور فترة زمنية تتراوح بين 5 و7 سنوات، يمكن أن ينخفض تدفق المياه العذبة في النيل إلى مصر بنسبة 25%، مما سيؤدي إلى خفض حصة مصر من المياه، كما سيؤثر على قوة الكهرباء الناتجة من السد العالي بأسوان. حتمية الصدام في 2018 من جانبه، أصدر معهد "كارنيجي" للأبحاث والدراسات توقعاته حول مستقبل العلاقات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة؛ حيث توقعت أن يشهد عام 2018 المزيد من التوترات بين مصر وإثيوبيا بشأن بناء سد النهضة الإثيوبي، لا سيما وأن أديس أبابا تبدأ استعداداتها لملء خزانات السد. اللافت أن تقرير معهد كارنيجي لا يستبعد إمكانية حدوث صراع مسلح في منطقة القرن الإفريقي؛ بسبب مواجهة مصر للنقص الحاد في سد احتياجاتها المائية. وأوضح التقرير أن مصر هي واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من الفقر المائي في العالم؛ لأن مصر تعتمد بشكل كلي على مياه نهر النيل في سد احتياجاتها المائية، لكن التقرير أقرّ بأن نحو 85% من المياه التي تتدفق إلى مصر هي في الأصل أمطار سقطت في المرتفعات الإثيوبية. فشل مسار المفاوضات كما ألمح التقرير إلى خيبة الأمل الدبلوماسية التي شعر بها المسئولون المصريون، عندما تحولت السودان إلى تأييد مواقف أديس أبابا، مضيفًا أن الخبراء المصريين واجهوا حقيقة جديدة غير سارة عند وصولهم إلى إثيوبيا، في 17 أكتوبر الماضي، لبدء محادثات مع نظرائهم الإثيوبيين حول الأثر المتوقع لسد النهضة. وكان محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، قد تفقد الأسبوع الماضي، بصحبة نظيريه الإثيوبي والسوداني، موقع سد النهضة بمنطقة بني شنقول الإثيوبية، والتي تأتي في إطار ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والري بالعاصمة السودانية الخرطوم، ديسمبر 2015. مقترح سودانى لإدارة السد وفي محاولة للحد من الخلاف القائم بين الجانبين المصري والإثيوبي بشأن سد النهضة, كشف وزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني، معتز موسى، عن مقترح طرحته بلاده بشأن كيفية إدارة سد النهضة، يجري التشاور حوله بين الدول الثلاث، لافتاً إلى أن اجتماعًا سيعقد خلال الأسبوعين المقبلين لاعتماد الرؤية بصورة نهائية. وقال معتز موسى، في تصريحات صحفية أول أمس، إنّ رؤية السودان التي طرحها خلال الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بشأن كيفية إدارة سد النهضة تمّ قبولها، وستخضع للتشاور من قبل الدول الثلاث، وسيتم عقد اجتماع خلال الأسبوعين المقبلين لاعتماد مبادرة السودان بصورة نهائية. وأكّد موسى أنّ الاجتماع المشترك شهد الاتفاق على جملة من القضايا التي تتعلق بسد النهضة الإثيوبي، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود عدد من القضايا غير الفنية بحاجة إلى المزيد من التشاور بين الدول الثلاث، لافتاً إلى دور السودان في تقريب وجهات النظر بين الأطراف.