الطبيب الشاب الصعيدي القبطي «رؤوف نظمي» الباحث عن الحقيقة والعدل يستوعبه أحد التنظيمات الشيوعية في مصر المحروسة في نهايات الاربعينيات من القرن العشرين ومن خلال التنظيم تتفجر مواهبه الابداعية فيكتب النثر والشعر علي مستوي المحترفين.. ثم تقع الضربة الامنية الناصرية سنة 1959 لتطال جميع المنظمات الشيوعية وتقذف بأنبل وأشرف شباب مصر في غياهب السجون والمعتقلات وكان من ضمنهم رؤوف نظمي، ويقضي الطبيب الشاب خمس سنوات من عمره في معتقل الواحات الرهيب يبحث ويحاول ويخطط للمستقبل ضمن مجموعة من شباب الحركة الشيوعية المصرية ثم تقع الواقعة وتقرر القيادات اعلان حل الأحزاب الشيوعية والعمل ضمن تنظيم علني تشرف عليه الجهات الامنية تحت اسم «الاتحاد الاشتراكي»، ويقول رؤوف نظمي لأحد الرفاق تنظيم سري لم نعلن تشكيله كيف نعلن حله؟ وكاد الفتي الصعيدي أن ييأس ويستريح لولا أن وجد ضالته في منظمة التحرير الفلسطينية فسافر علي الفور الي لبنان وانقطعت اخباره عن رفاق وأصدقاء الأمس في مصر ومن خلال المنظمة التقي ياسر عرفات الزعيم الحر عند الفلسطينيين واكتشف ابو عمار ما بداخل فتي الصعيد من مواهب وقدرات وحماس جنوني للعمل فقربه إليه واصبحا صديقين واثناء انخراطه في العمل بين صفوف الفدائيين ارتطم بخيانة عربية اخري وشهد مذبحة ايلول الاسود التي ادارها الملك حسين ضد اشرف وانبل شباب الأمة العربية وهنا قال جملته الشهيرة «الأمل في حماقة العدو». في هذه الاثناء التقيته في مستشفي المبرة في مصر القديمة عن طريق صديقي الطبيب الشاب «يسري هاشم» الذي كان مفتونا بالمريض الذي يرقد علي سرير في احد عنابر بالمستشفي واثناء مروره علي العنبر الذي ارقد فيه سألني: - إنت تعرف محجوب عمر؟ قلت: - لا. قال: - ولكنه يعرفك جيداً ويريد أن يراك. قلت: - وأنا ايضا اريد أن اراه. وفي حجرة ذات سريرين التقيت رؤوف نظمي الذي اصبح اسمه محجوب عمر وفي هذا التوقيت كانت الانتفاضة الطلابية العظمي لطلاب مصر تتأجج وتتوهج وكان للشيخ إمام وأنا شرف الالتحام بها ومن هذه اللحظة احتواني واحتضنني محجوب عمر وتصادقنا إلي حد الالتحام وذات جلسة بيننا قال لي: - اوشكت احيانا علي فقد الامل مرة بعد خيانة قادة الاحزاب الشيوعية ومرة عند خيانة قادة الشعوب العربية ولكن الشباب كان يقف بيني وبين الناس كالجدار. قلت له: - وعبارة «الأمل اذن في حماقة العدو». ضحك وقال: - قلتها هرباً من اليأس ايضاً. وفي مساء يوم 11 فبراير وبعد تخلي اللص الفاسد المخلوع حسني مبارك عن السلطة صرخت بأعلي صوتي في ميدان التحرير: - كدة برضه يا امام يا حمار! حد يمشي قبل ما يشوف اللحظة دي؟ وبالامس اتصل بي الصديق العزيز يسري هاشم. البقية في حياتك في محجوب عمر. وبرغم الحزن والانكسار في صوت يسري الا انني صرخت: - جدع يا محجوب ما مشيتش الا لما شفتها جدع يا محجوب.