رحل عن عالمنا بالأمس الفارس المصري ، المقاتل ، الطبيب ، الشاعر د. رؤوف نظمي أحد أساطير الحركة الوطنية المصرية عن ثمانين عاما . ود. رؤوف قبطي مصري من مواليد المنيا 1932 ، تخير في شبابه الالتحاق بالحركة الشيوعية المصرية ، والنضال بين صفوف اليسار المصري . وتم اعتقاله في يناير 1959 في أشهر حملة اعتقال وأشدها تنكيلا بالبشر في سجن الواحات حتى أفرج عنه مع الآخرين في مايو 1964 ، فاتخذ قرارا بتقديم دعمه كطبيب للثورة الجزائرية وشد رحاله إلي هناك متخذا لنفسه الاسم الذي عرف به ” محجوب عمر ” ، ثم ترك الجزائر متجها إلي الأردن لينضم إلي صفوف المقاومة الفلسطينية . ولم تقتصر مساهمة رؤوف نظمي على علمه السياسي أو دوره كطبيب بل وشارك في العمليات القتالية داخل الأرض المحتلة . ثم انتقل مع حركة فتح إلي بيروت وهناك حيث شارك في تأسيس مركز الدراسات الفلسطينية ، وترجم عشرات الكتب والدراسات المعنية بقضايا الثورة والمواجهة مع العدو الإسرائيلي . بعد ذلك عاد رؤوف نظمي في منتصف الثمانينات إلي القاهرة ومنحه الرئيس عرفات أعلى وسام فلسطيني تقديره لدوره البطولي في الثورة الفلسطينية . وقد نعت حركة فتح الفارس المصري الراحل وجاء في بيانها أن المناضل العربي الكبير د. محجوب عمر التحق بالحركة عام 1967 مقاتلا في صفوفها ، ومفوضا سياسيا لقوات الثورة في الأردن ولبنان ، وانتقل إلي لبينان حيث عمل نائبا لمدير عام مركز التخطيط الفلسطيني وظل هناك حتى عام 1982 . وكان مساعدا مقربا للقائد الشهيد ياسر عرفات ، وأبو جهاد . ترك د. رؤوف العديد من الكتب والدراسات لعل أهمها كتابه ” حوار في ظل البنادق ” ، لكنه ترك لنا أيضا عددا كبيرا من الدروس البليغة: - أولا أنه بعطائه الكبير ضرب مثالا رائعا لدفاع اليسار المصري عن فلسطين . - ثانيا أن قضية فلسطين ليست قضية دينية ، وليست قضية المسلمين وحدهم ، بل والمسيحيين أيضا ، لأنها قضية وطنية ، يبذل من أجلها دمه القبطي والمسلم كتفا إلي كتف . - ثالثا أكد لنا رؤوف نظمي على الإرتباط الوثيق بين تحرر مصر وفلسطين ، وأن حرية فلسطين واستقلالها هو أيضا ضمانة لحماية مصر وحدودها ، ناهيك عن أنه حق مشروع للشعب الفلسطيني البطل . - رابعا أثبت د. رؤوف نظمي أن الشعب المصري فدائي ، ومقاتل ، وأن روح العطاء فيه قد تمتد إلي أية بقعة . وأخيرا فإن الدرس العظيم الذي تمده بنا حياة د. رؤوف نظمي هو أن الاستعمار والاحتلال والهيمنة كان ومازال هو العدو الرئيسي لشعوبنا . تحية لروح الفارس المصري العظيم الذي توفي بمستشفى فلسطين في القاهرة ، تحية لعطائه ، وحياته الخصبة ، وتواضعه ، وتفانيه . وتحية للأجيال التي صاحت ” احنا نقولها جيل ورا جيل .. بنعاديكي يا إسرائيل ” ، وللأجيال التي ستظل تردد صيحتها حتى ظهور الحق ، وحتى : ” يعود الوجود لدورته الدائرة ، النجوم .. لميقاتها ، والطيور .. لأصواتها والرمال .. لذراتها ، والقتيل لطفلته الناظرة ” ! ***