هل أتاكم نبأ فضيحة التمويل الأمريكي لمنظمات المجتمع المدني العاملة علي أرض مصر؟.. هل أتاكم نبأ فضيحة الخزي والعار وامتهان كرامة مصر، التي ركع فيها ولاة أمر مصر ومعهم ثلة من القضاة أمام البلطجة الأمريكية، وخضعوا للاستعلاء والعنجهية الأمريكية؟.. نعم يا سادة ركعت شرذمة قليلة من أذناب النظام البائد الذين مازالوا علي سدة الحكم، والذين تربوا ونشأوا في ظل التبعية والخضوع والخنوع لأمريكا والأمريكان، مثلما كان كبيرهم مبارك، أكبر عميل لأمريكا في مصر والشرق الأوسط عبر ثلاثين عاماً. ركع هؤلاء واستسلموا أمام الضغوط والتهديدات الأمريكية، وظل الشعب المصري صامدا رافع الرأس، ترتفع هاماته إلي عنان السماء، معتزا بكرامته وشموخه، لم يركع، ولن يركع.. الشعب الذي قام بثورة 25 يناير المجيدة، وطهر نفسه من التبعية للشرق أو الغرب، وحرر إرادته، واسترد كرامته وحريته وحقوقه المنهوبة. إنها فضيحة سياسية وقضائية بكل المقاييس، ضربت سيادة مصر واستقلالها في مقتل، ولوثت في طريقها الثوب الأبيض لقضاء مصر الحر النزيه، القضاء الذي نعتبره صخرة عاتية تتلاشي عليها كل موجات القهر والظلم والفساد.. القضاء الذي ناضل رجاله البواسل من أجل استقلاله ونزاهته سنوات طويلة عبر العهود السياسية السابقة، ورفضوا أي محاولات للتدخل في شئونه أو التأثير عليه.. القضاء الذي يجب أن يمارس دورة بكل حرية وحيدة ونزاهة وشفافية، بعيدا عن أي تدخلات من أي جهة أو فرد، حتي ولو كان رأس الدولة. إننا أمام جريمة سياسية وقضائية مكتملة الأركان.. بدأت بجرائم أو جنح ارتكبت علي أرض مصر، اتهم فيها مصريون وأجانب، تلقوا تمويلاً من الخارج، لإثارة الفتن والقلاقل والعمل ضد شئون البلاد ومصالحها وسيادتها، حققت معهم النيابة وقدمتهم للمحاكمة، وصدر قرار بحظر سفر المتهمين مصريين أو أجانب.. ومع إثارة القضية في وسائل الإعلام، يبدو الموقف السياسي المصري صامدا ومحافظا علي استقلال مصر وسيادتها وعدم خضوعها لأي ضغوط خارجية، وحقها في محاكمة كل من يرتكب جنحة أو جريمة علي أرضها طبقا للقانون الدولي الخاص والعام. وهذا ما جعلنا نطمئن جميعاً إلي أن مصر بخير بعد الثورة، وأنها قد طلقت تبعيتها لأمريكا طلقة بائنة لا رجعة فيها، وأعلن أكثر من مسئول أن مصر لن تركع.. ولكن فجأة ودون سابق إنذار، يركعون هم أمام الأمريكان، بقرار شخصي دون الرجوع إلي الشعب أو ممثليه في البرلمان المنتخب، وفي مسلسل درامي سريع، يصدر قرار سياسي في جنح الليل، برفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب في القضية، ليفروا خارج البلاد، وتتنحي هيئة المحكمة لرفضها أي تدخل من السلطة التنفيذية في شئون القضاء، ويقوم رئيس محكمة استئناف القاهرة بتشكيل هيئة محكمة أخري لنظر القضية، وإصدار القرار السياسي المطلوب، وتتحول القضية من جناية إلي جنحة، ويصدر قرار رفع الحظر، وفي لحظات يفاجيء الشعب بالمتهمين الأمريكان والأجانب يذهبون إلي مطار القاهرة في سيارات مصفحة، وتهبط طائرة عسكرية أمريكية دون إذن مسبق بهبوطها من السلطات المصرية، وتستقل المتهمين إلي خارج الأراضي المصرية. يحدث ذلك في ساعات معدودة، والشعب المصري يشاهد تفاصيل الفضيحة، في ذهول من هول ما يحدث، دون أن يخرج عليه مسئول سياسي من المجلس العسكري أو حكومة الجنزوري، أو حتي رئيس محكمة الاستئناف الذي يعلم تفاصيل الصفقة المشبوهة، ليوضح لنا ملابسات ما حدث، وأسباب كل ذلك، ومن الذي سمح بخروج هؤلاء المتهمين أثناء نظر القضية؟.. ومن الذي أعطي لنفسه الحق بالتدخل في شئون القضاء، والتأثير علي المحكمة التي تنحت أو التي شكلت لإصدار قرار رفع الحظر عن سفر هؤلاء؟.. وما هي الضغوط التي مورست علي الساسة والقضاة للوقوع في شراك هذا القرار الخاطئ أو القرار الكارثة الذي وقع كالصاعقة علي رؤوس المصريين؟ وما هو مصير هذه القضية برمتها؟.. وماذا لو صدر حكم ضد هؤلاء الأجانب الذي فروا من مصر بقرار سياسي أصدره مسئول مصري راكع، وصدق عليه قاض في غيبة من ضميره الوطني وموجبات وظيفته؟ فهل هذه مصر التي قامت بثورة يناير لتحرر نفسها وإرادتها من التبعية والخضوع لأمريكا وغيرها، أم أن هناك من أذناب النظام البائد الذين مازالوا علي سدة الحكم، ممن تمرغوا في وحل التبعية وشربوا منها حتي الثمالة، ولا يستطيعون تحرير أنفسهم منهم، لأنهم مرضي بها مرضا مزمنا لا شفاء منه. لقد أقسم الشعب المصري الحر الأبي الذي خرج عن بكرة أبيه في 25 يناير، ألا يخضع بعد اليوم لأمريكا أو لغيرها، وحرر إرادته وسيادته وحريته وقراره من أي تبعية، دون أن يعبأ بمعونة أمريكية أو غيرها من الفتات الذي كان يقدم لمصر، ويدفع شعبها ثمنه غاليا من حريته وكرامته وسيادته واستقلال قراره.. ولكن مازال هناك من يخونون الثورة، ويعملون ضد مصالح مصر، ويريدون الارتداد بها إلي الوراء، ضاربين بكل إنجازات الثورة المباركة عرض الحائط، مصرين علي التبعية والخضوع والخنوع. وهؤلاء لن يفلتوا بجريمتهم النكراء، التي ضج منها شعب مصر من أقصي الوادي إلي أدناه، وكل من تورط في قضية هروب هؤلاء الأمريكان وغيرهم من الجنسيات الأخري يجب أن يحاسب، ولن ينسي لهم التاريخ سقوطهم المدوي في هاوية التبعية، وسياستهم المرتعشة التي تحط من شأن هذا الوطن وسيادة هذا الشعب وحريته وكرامته.