حالة فريدة من الجدل خلقها مسلسل سابع جار، لما فيه من مشاهد وجمل حوارية أقرب ما يكون لحياتنا اليومية، والشخصيات التي نصادفها جميعًا في رحلة الحياة بمختلف مراحلها. مع مشاهدة الحلقة الأولى، لابد أن ترى نفسك في إحدى شخصيات المسلسل، أو تعيش مع أحد شخصياته، أو وجود شخصية منه في حياتك بشكل عام، كما أنك تلمس بشكل ملحوظ عادات الطبقة المتوسطة بمختلف تدرجاتها، بين الانفتاح التام أو الاعتدال بشكل عام، وأحيانًا الانغلاق على النفس. فمن منا لم يمر بمرحلة فقدان الهوية بعد التخرج من الجامعة، فغالبية المصريين لم يدرسوا ما رغبوا فيه، وبالتالي لم يعملوا فيما يحبوه، وإذا كانت فتاة، فإنها حقًا تستغرق الكثير من الوقت كي تجد مايشبع رغبتها في الحياة ويجعلها سعيدة بحياتها، لاسيما في ظل غياب الجانب العاطفي. ورأينا جميعًا أيضًا الفتاة المتحررة، قوية الشخصية المستقلة ماديًا ولا تلقى للحياة العاطفية بالًا، كأي أنثى تحلم بالأمومة، كما تطرق أيضًا سابع جار إلى سن المراهقة لدى الصبية، والتغيرات النفسية والفسيولوجية التي تسيطر على عقولهم في هذا السن الحرج، والذي يتطلب معاملة خاصة للسيطرة على طاقته بشكل سليم وتوجيهها للجانب الصحيح من الحياة دون الانحراف. أما البطل الحقيقي والذي لمسه كل من شاهد سابع جار، هي الأم المصرية، التي تتميز بالبساطة، وكل ما يشغل تفكيرها هو تغذية الأبناء والاهتمام بالمنزل، وجعله بيئة سعيدة يحيا فيها الأبناء، أما أهم ما يميز هذا المسلسل بوجه عام، هو حالة العودة إلى المجتمع المصري الذي بدأ في الاندثار منذ عدة سنوات، إذ عاد لُيرى المجتمع حقوق الجيرة، وأهمية الروابط الأسرية وصلة الرحم. أما الاعتراضات التي توجهت، كانت تمس الشخصيات التي مازلنا نغمض أعيننا عن رؤيتها، أو نأبى الاعتراف بواقعيتها، والذي بدأ مع البنت التي تتناول مخدر الحشيش، وأخرى تتناول الخمور، مرورًا بالبنت التي تعيش بمفردها وتعمل منفصلة عن أهلها بشكل شبه كامل، بحياتها الكثير من الشباب، تهمل بدرجة كبيرة الجانب الديني من حياتها، وتأخذها الحياة المنفتحة بحريتها الجامحة حتى دون التقيد بتقاليد المجتمع الذي تحيا وسطه، نتاجًا لتنشئتها الاجتماعية. وارتفع الجدل لأعلى مستوياته، حين تطرق المسلسل بشكل هامشي لطرح مشكلة "تجميد البويضات"، للفتيات اللاتي دخلن سن الثلاثين دون زواج، الخائفين من عدم قدرتهم على الإنجاب، ودخل الشق الديني في الأمر أيضًا. وبعد هذا الكم من التناول المتوازن لعادات وتقاليد المجتمع، التي تترنح بين المتمسك بها والبعيد عنها، انقسم نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حول مدى واقعية المسلسل، ومدى لمسه للحياة العادية التي نحياها جميعًا، فالبعض كان معه، ووصفه آخرون بأنه "السم في العسل". فرأى بعض النشطاء أن الشخصيات واقعية بدرجة كبيرة، فقالت هبة" كل اللي في المسلسل بيحصل بالحرف بس إحنا اللي مش عاوزين نشوف الواقع"، وأيدت وجهة النظر الشيماء، فقالت "الناس دي موجودة وبكثرة، المسلسل بيحكي واقع إحنا مش شايفينه، إحنا ك ناس متربية عارفين الحلال والحرام، والصح والغلط، بس في ناس تانية مش عارفينه". بينما كانت المعارضة عنيفة على المسلسل، تارة بتناول الجانب الديني، وتارة للأخلاقي، وأن كثير من النماذج ليست حقيقة، فقالت علا "أنا مش حواليا شخصيات زي دي، ولا هبة ولا مي اللي راحت لصاحبها ولا هالة اللي بتشرب خمرة وكأنها بيبسي، ولا عبدالرحمن اللي صاحبته جالته البيت عادي". فيما احتج أشرف على المسلسل برمته بدءًا من الاسم، بزعم أنه مأخوذ عن قول للنبي صلى الله عليه وسلم، وذهب لأن كل أفكار المسلسل خاطئة، ويريد زرع الأفكار الحرام والمغلوطة داخل عقول الشباب والمراهقين. بينما شبهت إحدى الناشطات فكرة المسلسل، بفكرة مسرحية مدرسة المشاغبين، التي تسببت في تغير واضح للعلاقة بين المعلم والطالب على مدى سنوات، فقالت" هيعملوا زي مدرسة المشاغبين، غيرت مجتمع المدرسين والطلاب للأسوأ، ده كمان هيغير طبيعة المسلسلات المعروضة الفترة الجاية تدريجيًا".