يومياً يتساءل الناس ، هل بعد كل هذا التقدم التكنولوجي والطفرة السريعة التي ظهرت منذ الثمانينات والتي أصبحت تجري بسرعة بحيث لا يستطيع الناس ملاحقتها أو حتي التنبأ بما هو قادم منها ، هل هناك تطور بعد هذا التطور غير المعقول وماذا سيكون شكله. يجب على هذا التساؤل أحمد بدر استشاري وخبير تطوير النظم البرمجية، نحتاج تثقيف القارئ ببعض النقاط التكنولوجيةالهامة وهى كالتالي: ما هي عوامل وأسباب التكنولوجيا ؟ قديمًا ، كان السبب الحروب والتنافس العسكري ، فتطوير الطيران كان مع الحرب العالمية وكذلك الموجات والإشارة ، وعلم الميكانيكا و المعدات ، وعلوم الفيزياء والذرة ، كل هذا لم يتم ظهوره بهذا الشكل إلا بسبب الحروب والتنافس بين الدول المتحاربة في الحروب العالمية الأولى والثانية ، فالحاجة أم الاختراع أما الآن ،هي نفس الأسباب القديمة ولكن يضاف إليها بعد ظهور شبكة الانترنت في أواخر التسيعنيات وبعد دخول الجمهور الأكبر لاستخدامها في 2011 نتيجة لانتشار أجهزة المحمول الذكية "Smart Phone" ، ظهرت حاجة ملحة لدى الشركات المصنعة على ضرورة تسريع التطوير بسبب زيادة عدد المستخدمين بأرقام تفوق التوقع وأصبح تلبية الاحتياجات أكبر مما كان من قبل. والشركات المطورة لم تعد تخاطب مستهلكين محليين فقط ، بل تخاطب العالم كله الآن ، فما يتناوله المستخدم في أمريكا بمجرد صدوره من الشركة المنتجة ، يتناوله مستهلك آخر في السنغال في نفس اللحظة ، وتطوير أجهزة الموبايل المحمولة الآن شاهد على ذلك هل تتطور مواد تصنيع الأجهزة الإلكترونية ؟ قبل الحديث عن الأجهزة الالكترونية القادمة والتي ستغزونا أكثر من الغزو الحالي ، يجب أن نعرف مما تبني أجهزة هذه التكنولوجيا الالكترونية، فقبل فترة الستينات كانت الصمامات المفرغة هي محور التكنولوجيا ، لكنها كانت تستخدم طاقة كهربائية كبيرة وكان من الصعب تصغير حجمها ، حتي ظهرت تكنولوجيا الترانزيستور واستخدام السيلكون ، وهما المسئولان رقم واحد عن هذا الكم من التطور الحالي بظهور الأجهزة الذكية التي كل يوم تظهر بصورة أصغر وأفضل. وفي هذا العصر تم اختراع مادة جديدة اسمها الجرافين (Graphene) من ذرات الكربون، وهي الأقوى والأخف والأسرع حتي الآن، ويتم العمل علي أن تكون هي البنية المستقبلية للأجهزة التي ستكون صغيرة جدا وسريعة. هل تختفي الأجهزة الالكترونية ذات الحجم الكبير ؟ نعم ستصبح من الماضي كما أصبح عصر الصمامات المفرغة ، فأنت تشتكي من جهاز تليفزيون بحجم 60 بوصة تريد اقتناءه لكنه يسيطر علي مساحة حائطك، بظهور تكنولوجيا الهولوجرام (Hologram) وهي تكنولوجيا للتصوير التجسيمي ، ستشاهد مثلاً مبارة الكرة في التلفزيون بصورة مجسمة ثلاثية الأبعاد كما لو أنك موجود في الاستاد ، وكل هذا ينبعث من قطعة تكون بحجم العملة المعدنية !!! وكذلك الهاتف المحمول وجهاز الكمبيوتر الخاص بك ، كل هذه ستكون مجرد أجهزة صغيرة جداً كإسورة أو خاتم في اليد ، يتم تشغيلها لتظهر لك شاشة وهمية في الهواء تتعامل معها هل سيظهر الإنسان الآلي ويتطور كما تقدمه أفلام الخيالي كفيلم أنا روبوت ؟ نعم ، تكنولوجيا الذكاء الصناعي (Artificial intelligence) تتطور بصورة سريعة وتهتم بتطويرها بصورة بالغة الاهتمام دول علي رأسها اليابان ثم أمريكا وألمانيا ، وحتي بعض الدول العربية علي رأسها الإمارات ، تهتم بالدخول لهذا العالم وتصرف الكثير في التطوير والبحوث ، ومنذ أيام قليلة شاهدنا المؤتمر الذي قامت به السعودية وكان المتحدث المثير للمؤتمر روبوت أنثى أسمها "صوفيا" كانت تتكلم وتتجاوب مع الأسئلة والحدث ، حتى إن السعودية كتعبير رمزي لهذا الحدث ولأنها كانت تتجاوب بصورة حقيقية كالبشر ، منحت الروبوت "صوفيا" الجنسية السعودية !!! ما هو الذي سنشهده هذه الأيام تحديداً ؟ بظهور تكنولوجيا برمجة الواقع المعزز " Augmented Reality " ، وما أثارته من حدث فرض نفسه علي الساحة التكنولوجية في قصة لعبة بوكيمون جو "Pokémon GO" ، التي غزت العالم وجعلت الناس مهووسة بها هذا النوع من البرمجة الحديثة ليس مجرد استخدام في لعبة ، بل هو محور هام في كل مناحي الحياة تبدأ باستعادة قيمة الورقة وعودة الجرائد الورقية ، التي ستكون ناطقة ومتحركة بالصوت والصورة ، وكذلك الكتب المدرسية للطالب ستكون كتب ورقية متفاعلة معه وكل الرسومات في كل مكان ستكون متفاعلة وناطقة مع الجمهور. فعندما ستدخل مطعم بمجرد أن تمسك قائمة الطعام ستجد القائمة تتكلم معك وتشاهد شكل الوجبة وطريقة طبخها ومكوناتها كمثال علي تفاعل هذه التكنولوجيا التي بدأت بفرض نفسها الآن علي الساحة التكنولوجية هل التطوير ينال فقط الأجهزة الالكترونية ؟ بالطبع لا ، فالآن يفرض علي الساحة اقتصاد جديد وعملات الكترونية عالمية جديدة !!! فمن ناحية الاقتصاد ، أكبر اقتصاد موجود الآن وأغنى الشركات هي التي تملك وتسوق المعلومة فشركة أمازون (Amazon) وشركة إباي (eBay) تملك أرباحًا سنوية تتعدى مجموع اقتصاد دول مجتمعة لمجرد عملية التسويق الالكتروني وكل يوم نسمع عن لعبة على الموبايل تنتشر و تحقق مليارات الدولارات والآن بعد ظهور مفهوم عملات سلسلة الكتل "Blockchain" مثل العملة الالكترونية باي بال (Pay Pal) ونجاحها كبديل للعملة الورقية وتنافس العملات الدولية كالدولار واليورو ، والآن تظهر عملة البت كوينز التي حققت أرباحًا لملاكها تخطت وحيرت عقل الاقتصاديين. كل هذا التطور السريع يجب على الأقل التعرف عليه ، وإلا سيكون الإنسان يحيي حياة الكهف في وسط كل هذا التطور. شاهد هذا الفيديو الذي يعزز ويوضح بعض عناصر المقال: