يبدو أن إعلان وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا عن اعتزام الولاياتالمتحدة إنهاء دورها القتالي بأفغانستان بحلول النصف الثاني من عام 2013 وعدم الانتظار للموعد المحدد سلفا وهو 2014 غير بعيد عن التقارير المتزايدة حول تعرض واشنطن وحلفائها لهزيمة قاسية على يد حركة طالبان. وكان بانيتا أعلن في 3 فبراير أن الولاياتالمتحدة تهدف إلى إنهاء دورها القتالي بأفغانستان بحلول النصف الثاني من عام 2013 , كما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مسئول أمريكي آخر, لم يذكر اسمه, قوله إنه قد يتم اتخاذ قرار خلال قمة قادة حلف الناتو في شيكاغو في منتصف مايو المقبل بشأن تقديم موعد انسحاب قوات الناتو إلى 2013 وعدم الانتظار للموعد المحدد سلفا وهو 2014 . وفي تعليقه على ما سبق, قال الضابط الأمريكي دنييل ديفيس, الذي أمضى عاما في أفغانستان, في مقال له بصحيفة القوات المسلحة الأمريكية في 7 فبراير إن البنتاجون قدم صورة غير واقعية لما حققه التحالف الدولي في هذا البلد، وأخفى تقصير الحكومة الأفغانية. وأضاف ديفيس في مقاله الذي بعث نسخة منه للبنتاجون :" ما رأيته على الأرض في أفغانستان لا يشبه البيانات الرسمية للقادة العسكريين الأمريكيين، على العكس، لاحظت عدم وجود نجاح عملي في جميع المستويات". وتساءل"كم من الأشخاص يجب أن يموتوا لمهمة لم تحقق نجاحا وهي مغلفة ببيانات تفاؤلية", هذا فيما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن ديفيس بخروجه هكذا عن الانضباط العسكري، يتوقع أن يتعرض للعقوبة التي قد تصل إلى إنهاء خدمته في الجيش الأمريكي. واللافت إلى الانتباه أن تصريحات ديفيس جاءت بعد يوم واحد من مقال آخر للكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن وصف فيه إعلان الولاياتالمتحدة الانسحاب المبكر من أفغانستان بأنه "فشل ذريع وإعلان وفاة للحلم الأمريكي هناك". وقال كوكبيرن في مقاله الذي نشره بصحيفة "الإندبندنت أون صنداي" البريطانية إن الإعلان الأمريكي الذي جاء عقب قرار فرنسا بالانسحاب مبكرا أيضا يبدو جزءا من الاندفاع المذعور للخروج من أفغانستان، مشيرا إلى أن الخطوة الأمريكية ستقنع العديد من الأفغان بأن المنتصرين هم طالبان وباكستان. وأضاف أن القرار الأمريكي كان بمثابة إقرار بالفشل، مذكرا بأن الولاياتالمتحدة تملك تسعين ألف جندي وتنفق مائة مليار دولار سنويا، ولكنها عجزت عن هزيمة نحو 25 ألفا من طالبان التي لا تتلقى الدعم على الإطلاق. ورغم أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تنفست الصعداء بموافقة طالبان مؤخرا على فتح مكتب تمثيل لها في قطر لإجراء محادثات مع الغرب حول إنهاء الصراع في أفغانستان، إلا أن انتهاكات "المارينز" والجنود البريطانيين في الأسابيع الأخيرة شككت في احتمال نجاح هذا الأمر، بل ورجحت أيضا أن الأسوأ مازال بانتظار قوات الناتو في أفغانستان. ففي 19 يناير الماضي ، كشفت صحيفة "ذي صن" البريطانية عن اعتقال جنديين من الشرطة العسكرية الملكية على خلفية اتهامات بتحرشهما جنسيا بطفلين أفغانيين. ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الدفاع البريطانية القول إن الجنديين تحرشا بطفلين في حوالي العاشرة من العمر وقاما بتصوير تصرفاتهما معهما. وبالنظر إلى أن الحادث السابق جاء بعد أسبوع فقط من بث تسجيل مصور على الإنترنت يظهر جنودا من مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" وهم يتبولون على جثث عناصر من حركة طالبان، فقد تصاعدت حدة الغضب الشعبي في أفغانستان. بل وجاء الانتقام من قوات الناتو سريعا، حيث حيث لقي ستة جنود أمريكيين مصرعهم إثر سقوط مروحيتهم في 19 يناير الماضي بنيران طالبان في إقليم هيلمند بجنوب غرب أفغانستان, كما قام جندي أفغاني في 20 يناير وبعد ساعات قليلة من الحادث السابق بقتل أربعة جنود فرنسيين وإصابة 17 آخرين في وادي تاغاب بإقليم كابيسا في شرق أفغانستان، ليرتفع عدد الجنود الفرنسيين الذين قتلوا هناك منذ عام 2001 إلى 82. وذكرت وكالة "رويترز" حينها أن جنديا أفغانيا فتح نيران سلاحه على مجموعة من الجنود الفرنسيين في قاعدة عسكرية مشتركة تضم قوات أفغانية وأخرى من القوات الدولية للمساعدة في تثبيت الأمن والاستقرار في أفغانستان "إيساف" التي يقودها حلف الناتو، ما أدى إلى مقتل أربعة منهم وإصابة 17 آخرين. والخلاصة أن هزيمة الناتو في أفغانستان باتت حقيقة مؤكدة، ولذا حاول أوباما في الفترة الأخيرة إقناع طالبان بالحوار لوقف نزيف خسائره هناك والتي تهدد بقوة فرصه في الفوز بولاية ثانية.