كان هذا عنوان مقال نشره شيخ الصحافة فكري أباظة في مجلة المصور التي كان يرأسها وتلي نشر هذا المقال فصله من عمله ومنعه من الكتابة مرة أخرى وبناء على نصيحة هيكل نشر عريضة استرحام واعتذار لعبد الناصر لكي يعود ومع ذلك لم يعد إلى عمله. أبدأ بحدث الساعة وهي وفاة شباب النادي الأهلي الذي أدمى قلوبنا جميعاً ومجرد وفاتهم كارثة فما بالنا بالطريقة البشعة الاجرامية وأمام أعين الشعب بأكمله ونحن نرى جحافل الشر والاجرام وهي تسرع نحوهم ونية القتل في أعينهم ولكن مع احترامي لكل التفاسير والتحليلات وإلقاء اللوم على اللهو الخفي ونوايا التواطؤ من جهة الأمن فما حدث هو جزء من انفلات الأخلاق واختفاء سمات الطيبة والجدعنة من اخلاق هذا الشعب الذي فلت «عياره» تماما وما يحدث يومياً أمام أعين الشعب بأكمله وما يذكر في الاعلام هو نقطة في بحر من الحقيقة فما بين اختفاء الأمان في حياتنا وتفشي السطو المسلح على الطريق وفي المنشآت وبث حالة الرعب بين أفراد هذا الشعب ومئات الحالات اليومية من المعارك المسلحة بين قرى وبعضها وأسر وبعضها وانتشار السلاح الآلي كأنه يوزع مثل فراخ الجمعية مما يشير الى أن مصر فقدت أهم سماتها عبر تاريخها وهو الأمن والأمان، ما يراه أفراد الشعب البسيط في كل مكان هو دعوة للخروج عن القانون حتى اختفى القانون من حياتنا وحقيقة نحن في طريقنا الى حكم الغاب وأخشى ما أخشاه أن يكون ما يحدث ممنهجاً من قوى خارجية بأعوان من الداخل لنشر الفوضى واسقاط رموز الأمان للمجتمع وأصبح هتاف الميادين بسقوط حكم العسكر ومهاجمة رجال الشرطة في عقر دارهم. أقول لهؤلاء ان مصر ليست الصومال، ولا هى فتنة العراق بين الشيعة والسنة والاكراد ولا هي علويي سوريا وسنتهم ولا هي سنة وشيعة ومارونيين واكراد لبنان ودروزهم بل هى أقدم دولة وحكومة وحضارة في تاريخ البشرية وشعبها الذي اختاره الله عز وجل أن يتواجد على ضفاف نهرها الخالد ويعيش من خيرات فيضانه سنويا في ميعاد اختاره المولى، عودة للتاريخ والعبرة عندما قام عبد النصر ورفاقه من الضباط بانقلاب عسكري على شرعية حكم استمر مائة وخمسين عاما ونجح في الاستيلاء على القيادة العامة للقوات المسلحة وبهذه الخطوة سيطر على القوات المسلحة برمتها وكان تعدادها وقتها ثمانية عشر ألفاً من الضباط والجنود وكان تسليحه ضعيفاً جداً وفي دول العالم أجمع القوات المسلحة قوات نظامية وأشدد على كلمة نظامية ونظامها تسلسل قيادي وليس بها ديمقراطية اطلاقاً بل الطاعة العمياء للأوامر هذه هي العسكرية المدربة فقط على القتال لحماية الحدود والشرعية وبعدها عين عبد الناصر الصاغ «رائد» عبد الحكيم عامر قائداً للقوات المسلحة وأخرج ضباط الثورة البالغ عددهم مائتين من الخدمة العسكرية على أساس أن من ينجح في انقلاب قد يفكر في آخر وبعد كارثة وهزيمة 1967 التي تسبب فيها عبد الناصر ووجدها فرصة للتخلص من صديق عمره وسطوته الكاملة على القوات المسلحة فعين محمد فوزي قائدا عاما وقبض على رجال عامر فدانت السيطرة الكاملة على القوات المسلحة، وعندما شعر السادات بمؤامرة مراكز القوى لخلعه من الرئاسة وتعيين على صبري مكانه وكانوا الفريق أول محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة وشعراوي جمعة وزير الداخلية ومعهما رئيس المخابرات العامة والحربية وأمانة الاتحاد الاشتراكي وكل القوى الاخرى مثل الاعلام فاستعان بالحرس الجمهوري للقبض عليهم وتعيين الفريق محمد أحمد الصادق قائداً عاماً للقوات المسلحة واللواء ممدوح سالم وزيراً للداخلية فقبض على زمام الامور في الدولة، ضباط الداخلية خاصة تجعلهم يدينون بالطاعة فقط لكرسي الوزير والشرعية وطبيعتهم العسكرية تحتم عليهم ذلك ولا يعرفون الولاء لمن ذهب أياً كانت مكانته السابقة بأسلوب «مات الملك يحيا الملك»، بعد وفاة الرئيس السادات بفترة قليلة وتولي مبارك، اتصل بي أحد اقاربي وكان يعمل في مجال الاستيراد وأبلغني بأن أمن الدولة طلبت منه الحضور فأبلغته بألا يذهب حتى استفسر عن الموضوع وذهبت اليهم عن طريق صديق يعمل هناك فأبلغوني أنهم يجمعون معلومات تخص أسرة السادات وأسرة عثمان أحمد عثمان وهل قريبي يعمل واجهة لهم فأجبتهم بأن قريبي هذا زميل طفولة ودراسة لاثنين من أزواج بنات السادات وهي فقط العلاقة بينهم ويمكنهم التأكد من هذه المعلومات وخاصة أن شركته صغيرة وسألتهم بأن السادات دمه لم يبرد بعد فأجابوا بأن الحاكم الجيد يطلب ونحن ننفذ الأمر وهي طبيعة عملهم وشاهدت مع صديقي ملف يخص شقيق الرئيس الجديد فأجابني بأن هذه المعلومات تجمع وتظهر فقط إذا طلبها رئيس قادم ونحن نطيع شرعية من يجلس على الكرسي وسألني أحدهم إذا كنت أريد ملف والدي رحمه الله وكان قد توفى قبلها بأكثر من عام فأجبت بنعم وبعد دقائق وجدت ملفا في حجم دولاب كبير فعجبت مما أرى فابتسم صديقي وقال انه ممتد منذ أيام البوليس السياسي وقت الملكية وتصفحته فوجدت كل صغيرة وكبيرة في حياة والدي من مقابلات في مكتبه في الفيلا في المعادي مثل الساعة الفلانية حضر الاستاذ أحمد ناصر المحامي وتم اللقاء كالتالي ألخ ثم لقاء مع جماعة التكفير والهجرة الخ ولقاء في مكتبه للمحاماة وسط البلد مع المرشد العام الخ عشاء في منزل فؤاد سراج الدين بجاردن سيتي الخ لقاء مع الاستاذ مصطفى أمين الخ وذهلت لكل هذه المعلومات فسألتهم هل كان عملكم الوحيد مراقبة والدي وقالوا ان عملهم مراقبة أحوال كل النشطاء ولا نتحرك الا عند الخروج على الشرعية وتعريض الأمن القومي للخطر وفقط بعد المشاورات مع القيادة السياسية، في السنوات القليلة الماضية كنت أذهب مع اسرتي الى الاسماعيلية التي اعشقها ونزل في فندق جميل على البحيرة والقناة وفي مرة ركبنا عربة حنطور لجولة في المدينة مع سائق عجوز فداعبته قائلا لماذا تكرهون النادي الأهلي فأجابني بغضب نحن نكرهه كراهية شديدة لأن في عام 1967 بعد تهجير أهل المدينة طلب فريق الاسماعيلي التدريب في النادي الأهلي فاعتذروا لأن ارض الملعب مغمورة بالماء، والزمالك استقبل فريقنا وفي الفندق على العشاء جاءني الجرسون الذي يخدم مائدتنا وسألني هل حقيقي أنك أهلاوي فضحكت وقلت له منذ ولدت وحتي أموت فرفض الخدمة علينا وكلها أمثلة على التعصب وليس الكراهية ولكن في مصرنا الحبيبة الآن التي لا يتذكرها أحد ولا يذكرها أحد الكراهية هي السمة وهي خطة اللعب. د. حسن شوكت التوني