يبدو أن النزاع المتصاعد بين الخرطوموجوبا حول النفط غير بعيد عن المؤامرة الصهيونية الأمريكيةالجديدة ضد السودان والتي تستهدف بالأساس إشعال الأوضاع فيه عبر خنق اقتصاده. ففي 31 يناير, كشف الأمين العام لجبهة الإنقاذ الديمقراطية المعارضة في جنوب السودان ديفيد ديشان عما وصفه بمخطط غربي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل والنرويج للإطاحة بنظام حكم الرئيس البشير، من خلال خنق الاقتصاد السوداني وشله بإيقاف تصدير نفط الجنوب عبر الشمال. وأضاف زعيم المعارضة في جنوب السودان في تصريحات لصحيفة "الشرق" السعودية أن واشنطن تريد إبعاد الشركات الصينية من الجنوب، وإحلال شركات أمريكية، مشيراً أن ما يحدث الآن بين جوباوالخرطوم هو في حقيقة الأمر حرب نفطية خفية بين الصين والولاياتالمتحدة على الأراضي السودانية. وتابع ديشان أن واشنطن وتل أبيب والنرويج وبعض دول الاتحاد الأوروبي وراء تراجع رئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت عن التوقيع على اتفاق حول النفط مع الرئيس السوداني عمر البشير خلال اجتماعهما في أديس أبابا في 25 يناير. واستطرد " ورقة الخلاف النفطي باتت الورقة الراجحة لدفع التوتر بين جوباوالخرطوم نحو تنفيذ مخطط إشعال الأوضاع في الشمال ", واختتم قائلا :" اتهامات سليفا كير للبشير، ووصفه بالسارق، غير لائقة خاصة في ظل عدم امتلاك جوبا أي قرائن تؤكد إقدام الخرطوم على الحصول على نفط الجنوب دون وجه حق، ولكن سليفاكير معذور لأن هناك جهات حرضته". ويبدو أن هناك عدة أمور تدعم ما ذكره ديشان منها الاجتماع الذي عقده رئيس جنوب السودان سيلفا كير في 30 يناير مع مستثمرين من أمريكا وإسرائيل لبحث بناء خط أنابيب لتصدير النفط عبر كينيا, على خلفية النزاع مع الخرطوم حول رسوم عبور نفط الجنوب عبر الشمال. ونقلت صحيفة "الانتباهة" الصادرة في الخرطوم عن مصادر مطلعة في جوبا القول إن سليفا كير التقى مستثمرين من أمريكا وإسرائيل وبحث معهم تكاليف بناء خط أنابيب بديل يمتد إلى ميناء لامو الكيني لتصدير النفط، حتى لا يضطر جنوب السودان إلى نقل إنتاجه النفطي عبر أراضي الشمال. ولعل تطورات النزاع بين الخرطوموجوبا حول النفط تكشف أيضا أبعاد المؤامرة الأمريكية الصهيونية ضد السودان, ففي مطلع العام الجديد, أعلن السودان أنه صادر بعض الصادرات النفطية من جنوب السودان للتعويض عما وصفه برسوم لم يتم دفعها, فيما سارعت جوبا للرد على الخطوة السابقة بالإعلان في 20 يناير عن وقف إنتاجها النفطي, ما أثار علامات استفهام واسعة, بالنظر إلى أن السودان لم يقم بإجراء مفاجئ , حيث كان أعلن في نوفمبر الماضي أنه سيأخذ 23% من صادرات نفط الجنوب, كمقابل لرسوم الصادرات التي تلكأت جوبا في سدادها. بل وسرعان ما هدد وزير النفط في جنوب السودان ستيفن ديو في 31 يناير بمراجعة علاقات بلاده مع الشركات الأجنبية العاملة في تنقيب النفط إذا أظهرت التحقيقات أن هذه الشركات تواطأت مع الخرطوم، وتلاعبت بأرقام الصادرات اليومية لنفط جوبا قبل الانفصال في يوليو 2011. وقال ديو في تصريحات لقناة "الجزيرة" إن وجود أرقام تشير إلى إنتاج يفوق مليون برميل في شهر واحد، يظهر حجم الجرائم التي ارتكبت ضد اقتصاد جنوب السودان قبل انفصاله عن السودان، مشيرا إلى وجود تواطؤ من الشركات الأجنبية في هذا الصدد . وعلى الفور, نفت الخرطوم اتهامات ديو وقال وزير النفط السوداني عوض أحمد الجاز إن الحقول كانت تدار بشكل مشترك بين الحكومة السودانية وشركات من جنسيات أخرى، وطالب سلطات جوبا بتقديم الأدلة على اتهاماتها، مضيفا أن مسئولي الجنوب كانوا شهودا على أرقام الإنتاج التي كانت تقدم لوسائل الإعلام شهريا. ولم يقف الأمر عند ما سبق , حيث كشف الجاز أن سلطات بلاده أفرجت عن ناقلات محملة بنفط الجنوب كانت محتجزة في ميناء بورتسودان على خلفية النزاع حول رسوم عبور نفط الجنوب عبر التراب السوداني, إلا أن ديو اعتبر هذه الخطوة غير كافية, قائلا :" المطلوب أن ترجع الخرطوم قيمة النفط الذي سرقته، حيث اتهمها رئيس جنوب السودان سيلفا كير ميارديت قبل أيام بسرقة ما قيمته 815 مليون دولار منذ ديسمبر الماضي عبر احتجاز أربع ناقلات نفط في بورتسودان ومنع أربع أخرى من تحميل نفط الجنوب". بل وهناك من رجح أيضا قيام متمردين في جنوب كردفان يقاتلون القوات الحكومية السودانية منذ يونيو الماضي ومدعومين من جوبا بخطف 29 عاملا صينيا في 26 يناير في هذه الولاية التي تقع على الحدود مع الجنوب غير بعيد أيضا عن المؤامرة الأمريكية الصهيونية الجديدة التي تستهدف طرد الشركات الصينية من جنوب السودان وخنق اقتصاد الشمال وإشعال الفوضى هناك لتهديد الأمن القومي المصري في نهاية المطاف.