.. تلك الثورة الشبابية المباركة الشريفة الطاهرة الهادرة القاهرة لا يجب تلويثها أو تلوينها أو اختطافها.. تلك الثورة التي مسحت ومحت وأمحت وصمة عار لطالما حاول البعض إلصاقها بالشعب المصري بأنه مصاب بداء الخنوع ويهوي الخضوع طويل البال علي القهر عظيم الصبر علي المكاره تجمعه الطبول وتفرقه اشارة أو صفارة ولأنني قارئ مهتم بالشأن المصري مهموم بتاريخه وشخصيته فإنني اعرف خطأ ذلك التحليل وفساد أدلته فقط ما يمكن ان نصف به الشعب المصري أنه بطيء الحركة الثورية وأن ثورته أو احتجاجه تأخذ وقتاً حتي تنضج وزمناً حتي تنفجر وأخطر ما في تلك المسألة انه عندما يحين وقت الثورة فإنها عادة ما تكون هادرة كاسرة ثائرة ومؤثرة ومغيرة تخرج عن كل حدود العقل والمنطق والسيطرة ولا يستطيع أكبر محلل أو منظر سياسي أو تاريخي أو اجتماعي ان يضع لها استراتيجية محددة أو خطة طريق معلومة فلا يمكن معها التنبؤ بما يمكن ان تسفر عنه أو تقود إليه.. أعود فأقول ان ثورة الشباب الذين قال عنهم الرئيس مبارك إنهم شباب وطنيون شرفاء لهم مطالب مشروعة جاءت وكأنها ثورة إبراهيمية حطمت الكثير من الأصنام التي كان منها ما هو مغروس كالأشواك في صدورنا ونفوسنا ومنها ما أقامه النظام السلطوي الفاسد مثل خيال المآتة ليكون فزاعة للمصريين ليظلوا أسري الخوف والخضوع لقد حطمت تلك الثورة الابراهيمية المباركة صنم الاستبداد الوطني الديمقراطي الذي احتكر السلطة واختطف الأمة بحجة سيد قراره فصار سيداً علي الشعب لا خادماً له حطمت الثورة صنم الخوف والرعب من كل صاحب سلطة أو جاه يمسك بيده عصا الأمن أو سوط عذاب أو سطوة المال الحرام.. حطمت الثورة صنم الفساد والاحتكار ونهب ارض مصر التي اعتبرها الفاسدون عزبة أو إقطاعية.. حطمت الثورة صنم احتكار السلطة واحتكار الحكمة واحتكار الاقتصاد واحتكار السياسة فأصبحت مصر بهم وكأنها شركة مصر للإنسان شركة تجارية استثمارية خاصة يديرها بعض من اللصوص منهم من هو بدرجة وزي ومنهم من هو بدرجة رجل أعمال ومنهم من هو بدرجة نائب برلماني متحصن فلما اجتمع المال الحرام مع النفوذ الحرام والإدارة الحرام فسد الجميع وغرقت شركة مصر للإنسان بأسرها في بحر من الفساد والتخلف والتراجع الحضاري فلا تعليم ولا صحة ولا علم ولا أدب ولا اقتصاد ولا سياسة ولا ثقافة ولا فن وبعد ان كنا يوماً منارة العالم في الفكر والعلم نصدره للعالم تنويراً واستنارة وبعد ان كنا يوماً سلة غلال العالم نصدره فتأكل من خير ارضنا كل الدنيا صرنا مع السلطة الفاسدة للحزب الحاكم نتذيل كل قوائم ما يعرفه العالم المتحضر وفي كل المجالات السياسية والشفافية والعلم والصحة وحقوق الإنسان حتي الفن والرياضة ومن هنا تفجرت الثورة لتحطم كل تلك الاصنام فقط كل ما نرجوه ان يعي الشباب تماماً خطورة وأهمية ما فعلوه فينتبهوا لكل من يحاول ان يفسد عليهم ثورتهم الشريفة ولا يسمحون بدخول اي عناصر خارجة أو خارجية عليهم فتستغل ثورتهم الهادرة وتسيء توظيف انفعالاتهم البريئة وتوجههم نحو أهداف أخري مريبة أو مخربة. الرئيس مبارك كتبت إليكم يا سيدي من قبل معلقاً علي ما طرحه البعض من فكرة الخروج الآمن للرئيس وطرحت من جهتي فكرة البقاء الآمن للرئيس.. ذلك البقاء المحترم الذي يضمنه محاربة الفساد ومواجهة الطغيان وإعمال منهج إصلاحي لإنقاذ البلاد بمزيد من الحرية والديمقراطية وقلت انه لا أمان مع الطغيان ولا استقرار في ظل الفساد وأن أول شروط البقاء الآمن هو تنازلكم عن رئاسة الحزب الوطني لينكشف حجم الحزب علي حقيقته وتعودوا ميزاناً للصدق والحكم العدل بين جميع الأحزاب فذلك ما كان يضمن لكم البقاء الآمن في حماية الشعب الذي طالما أحاطكم بحبه وحمايته واليوم مازالت الفرصة سانحة بعد تخلصكم من كثير من رموز فساد الحزب الوطني ولم يبق إلا أن تتطهروا بأنفسكم من ذلك الرجس السياسي لتستكملوا ما تبقي من مدة رئاستكم في عز ومنعة لن يضمنها لكم إلا شعب حر ذو كرامة لا تنتهك حرماته الإنسانية وحقوقه السياسية فهو نفسه الشعب الذي منحكم الشرعية والبقاء الآمن حتي الآن. [email protected]