زادت خلال الفترة الأخيرة عمليات خطف المصريين في الخارج، على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، وعلى رغم انتشاره في الكثير من الدول العربية والغربية، إلا أن عمليات الخطف اقتصرت في الأراضي الليبية فقط من دون غيرها، لتطرح تساؤلات عدة حولها. بالأمس، تم اختطاف 5 مصريين من أبناء قرية الغنيمة بمركز فارسكور في محافظة دمياط، على يد تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا، بعد توجههم فى رحلة هجرة غير شرعية، عبر وسيط من السلوم، إذ تلقت أسر العمال المختطفين صورًا من الخاطفين تظهر فيها آثار تعذيب وحشية على أجسامهم في محاولة لإجبار الأسر على الإسراع لدفع الفدية المطلوبة وقدرها 70 ألف جنيه عن كل فرد. ومنذ عام 2013، يتعرض المصريون للخطف في ليبيا، على مختلف الأسباب، ففي يناير منه سلمت السلطات الليبية جثتين لمواطنين مصريين عُثر عليهما مقتولين بعدما تم اختطافهما من التنظيم الذي طلب من ذويهم مبالغ مالية باهظة. وفي أكتوبر من العام نفسه، اختطفت عدد من المليشيات الليبية المسلحة حوالي 50 سائقًا مصريًا وشاحناتهم في منطقة "أجدابيا"، واستطاعت السلطات الليبية التفاوض معهم والإفراج عن المخطوفين. ولم يخل العام التالي من تلك العمليات، فخلال فبراير منه لقي 7 مصريين أقباط مصرعهم بالقرب من مدينة بني غازي، حيث تعرضوا لعملية إطلاق نار في مناطق مختلفة في أجسادهم بعد احتجازهم. وفي مايو قُتل شاب مصري في مدينة بنغازي على يد جماعة مسلحة قامت بتهديد عمال مسيحيين يقيمون في بنغازي وقتلت أحدهم في محل سكنه، كما تم احتجاز 700 مصري من مجموعة داعشية، وفي أغسطس اختطف 4 أقباط أثناء عودتهم من ليبيا من جماعة مسلحة. وكان عام 2015 الأقل في حوادث اختطاف المصريين، ففي فبراير اختطف عناصر داعش 21 مصريًا، وقاموا بذبحهم، وتلاها عملية اختطاف 12 مصريًا في مدينة سرت الليبية، وفي ديسمبر تم اختطاف 7 مصريين في سرت، وطالب الخاطفون بفدية قدرها 200 ألف جنيه للإفراج عنهم. وفي العام الماضي، اختطفت جماعة مجهولة 12 عاملًا مصريًا في ليبيا، وتلاها واقعة أخرى باختطاف 20 مصريًا آخرين، ونجحت السلطات المصرية في الإفراج عنهم وإعادتهم للقاهرة، إلا أن 16 عاملًا آخرين تعرضوا للقتل في مدينة بني وليد غرب ليبيا على طريق النهر. وحول الأسباب وراء تكرار تلك العمليات، يرى سامح عيد، الباحث في الشئون الإسلامية، أن الأمر ليس حالة فردية، على رغم اختلاف أسباب الخطف في كل حادثة، إلا أن تكرارها يحوي بالمخطط من جانب الجماعات المحسوبة على التيارات الإسلامية. وأوضح، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن تلك الجماعات تستغل الوضع الأمني المضطرب الذي تعيشه ليبيا من أجل ضرب العمالة المصرية في الخارج، لاسيما مع ارتفاعها في طرابلس لكون ليبيا دولة حدودية مع مصر، وأيضًا إفساد العلاقات بين البلدين. وأضاف، أن هناك جزءًا جنائيًا في تلك العمليات، يتضح في طلب المختطفين للفدية من الأهالي، وكذلك بهدف إثارة الفتن الطائفية داخل المجتمع المصري، من خلال عمليات خطف الأقباط هناك، مشيرًا إلى أنها محاولة للضغط على الدولة المصرية بإجراء مصالحات مع تيارات الإسلام السياسي. واتفق معه السفير أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، مرجعًا تكرار تلك الحوادث إلى موقف مصر المتشدد من الجماعات الإرهابية، والإصرار على خروجها من الحياة السياسية، فضلًا عن إعلان مصر تأييدها الجيش الليبي الرسمي، واللواء حفتر، وإنشاء حكومة مركزية ليبية من أجل الإعمار والبناء. وأشار إلى أن تلك الخلافات تنعكس على لجوء العناصر الإرهابية لخطف المصريين في ليبيا، من أجل مساومة السلطات الليبية على بعض العناصر لديهم، وعقد صفقات للتبادل فيما بينهم، لافتًا إلى أن الوضع في ليبيا فيه فرقة وانقسام شديد بين الجماعات المختلفة، جماعات تسعى للحصول على فدية بخطف المصريين، وآخرى تسعى للمساومة على عناصرهم.