الصناعة هى محرك أى اقتصاد يبدأ مرحلة تنمية، فهى المحققة للقيمة المضافة، والمولدة لفرص العمل، والجاذبة للعملة الصعبة من خلال التصدير، ومشكلات الصناعة وهمومها وأزماتها تستلزم حوارًا موسعًا ودائمًا بين القطاع الخاص والحكومة، لذا فإن مشكلات الصناعة مع الضرائب تحتاج لعرض، ودراسة، وحل، خاصة فى ظل المرحلة الصعبة التى يمر بها الاقتصاد حالياً. وربما كان ذلك أحد دوافع حضور عمرو الجارحى، وزير المالية إلى اتحاد الصناعات قبل أيام للاستماع إلى مشكلات القطاعات الصناعية المختلفة، والتى يساهم حلها فى تحقيق دعم حقيقى للصناعة والإنتاج، وزيادة لحصيلة الدولة من الضرائب، واستقطاب للقطاعات غير الرسمية للتحول إلى قطاعات رسمية والعمل بشكل شرعى. فى البداية، يشير محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، إلى أن قطاع الصناعة يمثل 70٪ من الإيرادات الضريبية، وأنه أحد أهم القطاعات المؤيدة والمساندة للإصلاح الاقتصادى على الرغم من تبعات آثاره على العاملين فيها. ويرى أن كثيراً من مشكلات القطاع الصناعى هى فى نفس الأمر مشكلات للحكومة خاصة ما يتعلق بالقطاع غير الرسمى الذى يضر بالصناعة المحلية ولا يسدد أى رسوم للدولة ويمارس عدة ممارسات ضارة بالاقتصاد مثل التهرب والغش والتقليد. ويؤكد أن وضع أفكار وخطط لضم الاقتصاد غير الرسمى يحقق مصلحة مشتركة للصناعة ومصلحة الضرائب على السواء. وفى الوقت نفسه، فإن هناك مشكلات قطاعية تواجه الصناع فى التعامل مع الضرائب وحلها من خلال لجان مشتركة ودائمة أمر ضرورى لتشجيع الشركات الصناعية على زيادة الانتاج وتطويره والتصدير إلى مختلف الأسواق العالمية. ففى مجال التصدير يشكو المصدرون بوجه عام من تأخر رد الضريبة لهم لفترات طويلة، وهى فترات تصل إلى حد تأكيد خالد أبوالمكارم، رئيس المجلس التصديرى للكيماويات إلى أكثر من عام أو عامين. ويطالب الصناع بآليات سريعة لرد الضريبة لتحفيز المصدرين للدخول بمنتجاتهم إلى أسواق أخرى. ولا يقتصر التأخير فى التعاملات الخاصة بوزارة المالية على رد الضريبة، فهناك تأخير فى إجراءات تصدير بعض المنتجات، وعن ذلك يقول إبراهيم الإمبابى رئيس شعبة صناعة الدخان باتحاد الصناعات أن مصانع المعسلات لديها مشكلة كبيرة عند التصدير إذا يتم أخذ عينات لتحليلها ويستغرق ذلك نحو 35 يوماً. وفى قطاعات أخرى، فإن المشكلات تتعلق بشكل مباشر بتطبيقات ضريبة القيمة المضافة، فمثلًا بالنسبة لمنتج الصلصة فقد كان بحسب أشرف الجزايرلى، رئيس غرفة الصناعات الغذائية معفى من ضريبة المبيعات باعتباره خضراوات محفوظة، ثم أخضع لضريبة القيمة المضافة لأن بعض موظفى المالية وصفوه باعتباره مركزات غذائية، ويرى أصحاب الشركات المنتجة أن الصلصة منتج أساسى ويمس المواطن ولا يمكن فرض ضريبة عليه، خاصة أن القانون المطبق سابقًا - ضريبة المبيعات - أعفاه. محمد فكرى عبد الشافى، نائب رئيس غرفة الصناعات الكيماوى، يرى أن الارتفاعات الاخيرة فى تكلفة الانتاج وأسعار السلع تفرض على المالية زيادة حد الإعفاء فى قانون ضرائب كسب العمل، وبنفس المنطق فإنه يجب احتساب تكاليف العلاج والتعليم ضمن المصروفات. وفى صناعة السينما وطبقًا لفاروق صبرى، رئيس مجلس إدارتها، فإن هناك عدة مشاكل فى التعامل مع الضرائب منها مثلًا أن الشركات تدفع ضرائب على المعدات الخاصة بالإنتاج السينمائى عند استيرادها وعند تصدير الأفلام أو المسلسلات لا يتم رد تلك الضرائب، كذلك تجد الشركات مشكلة فى التعامل مع النشاط المهنى حيث يحل الكومبارس والعاملين على أجور بسيطة لا يتم تسجيلها بكشوف ضمن المصروفات، ويأتى ذلك فى ظل تدهور شديد فى صناعة السينما، خاصة أن هناك عدداً كبيراً من الفضائيات المجهولة تقوم بقرصنة أى فيلم جديد وتعرضه على شاشاتها دون أى احترام لحقوق الملكية الفكرية. وفى رأى عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، أنه من الضرورى تشكيل لجنة مشتركة مع اتحاد الصناعات لإنهاء المنازعات الضريبية والعمل على حل كافة المشكلات العالقة، ويؤكد أن وزارة المالية تعمل على تحسين الخدمات وعلاج التشوهات فى كثير من النظم بما يقلل من النزاعات ويمثل إضافة للاقتصاد الوطنى، ويقول إن الوزارة تتلقى كافة المطالب والمقترحات وتدرسها بعناية للوصول إلى حلول سريعة بما يوفر بيئة جيدة للاستثمار.