تحول إلى مركز صحى للحوامل.. والأجهزة أكلها الصدأ والإهمال العاملون: ربنا يستر هيقطعوا عيشنا داخل منطقة نائية، حديثة العهد بالتكنولوجيا، يعيش أهالى دائرة «برطس» الواقعة داخل مدينة أوسيم التابعة لمحافظة الجيزة، حياة بسيطة لا تمثل أى أعباء على الدولة، بل تركتهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم، رعاية صحية متدنية ومستوى معيشى صعب، ومع ذلك قررت الدولة سرقة أبسط حقوقهم بعد إعلان وزير الصحة عن نية الحكومة ببيع المستشفيات التكاملية وطرحها للمستثمرين. توجهت «الوفد» إلى مستشفى برطس التكاملى لتسأل عن حالة المستشفى الذى دخلت ضمن قرار البيع، لترصد حالة المستشفى عن قرب، وآراء الأهالى فى قرار الوزارة. علمنا أن مساحة المستشفى 3700 متر أنشئ مستشفى برطس، لتخدم 100 ألف نسمة، أمام أبوابها الحديدية، ستشعر بأن خلفها مثالاً صارخاً للفساد والإهمال الحكومى، فالمستشفى صدر بشأنه فى 11 أكتوبر قرار رقم 465 لسنة 1997 إحلال وتجديد بناء على قرار الإدارة الهندسية بمركز ومدينة أوسيم، وكانت تحمل وقتها اسم «قروى برطس»، وكان يوجد بها جميع التخصصات الجراحية على الرغم من ضعف إمكانياتها فى ذلك الوقت. وفى عام 2000، تم هدم المبنى لإجراء عملية الإحلال والتجديد وتم التنفيذ بمعرفة شركة وادى النيل، التى استمرت لمدة خمس سنوات فى عملها، بتكلفة مالية تقارب 24 مليون جنيه، شاملة الإنشاءات والتجهيزات على أعلى طراز وتم تجهيزه بأحدث الأجهزة الطبية المتطورة، على أن يتم افتتاحه كمستشفى مركزى. ومع كل هذه التجهيزات والأموال التى تم إنفاقها عليه، فوجئ الأهالى بأن المستشفى تحول إلى مركز صحة «لطب الأسرة»، فى تجاهل تام لمطالبهم بضرورة تشغيل المستشفى كمستشفى عام أو مركزى. رعاية سيئة 9 ممرضات و23 طبيباً هو إجمالى عدد العاملين بالمستشفى إلا أن الواقع الذى رصدناه يختلف عن ملفات المستشفى، حيث لن نجد أحداً من الأطباء داخل المستشفى سوى طبيب واحد، أما الممرضات فيجلسن أمام أبواب المستشفى فى حالة تراخ دليل على خلو المستشفى من المرضى. التقينا أحد الأطباء، الذى رفض ذكر اسمه، لنسأله عن حالة المستشفى، فأكد لنا أن المستشفى لم يفتتح رسمياً حتى الآن، ويوجد به جميع الغرف اللازمة لإجراء العمليات الجراحية إلا أن الوزارة أهملت المستشفى بالكامل، حتى إن الأطباء يفرون من العمل به ولا يأتيه سوى حديثى التخرج ولا يتواجد به أى طبيب استشارى. أكدت إحدى الممرضات بالمستشفى ل«الوفد» أن الأسر الفقيرة تأتى إليهم لأن سعر التذكرة جنيه واحد، وذلك لعلاج الحالات البسيطة أو الإسعافات الأولية، أما المراكز الخاصة المتواجدة حول المستشفى هى التى تخدم المرضى. وأضافت أن قرار الوزارة سيرفع أسعار العلاج وتذاكر الكشف لأن المستثمر سيبحث فى المقام الأول عن الربح على حساب المرضى. محمد حسن، موظف المخازن، أكد أن المستشفى بعد التجديدات لم تأت إليه أى أجهزة أو معدات سوى 5 أسطوانات أكسجين، وتم نقلهم إلى مستشفى أوسيم المركزى. وأكد أن الحالة التى يوجد عليها المستشفى سببها وزارة الصحة فلا يوجد عدد كاف من الاطباء، وجميعهم يرفضون العمل بالمستشفى. أحمد على شوارب، مدير المستشفى أكد ل«الوفد» أن المستشفى ينقصه الكثير من المعدات الطبية، حيث تم بناء الدور العلوى للعمليات الجراحية وغرفه للعناية المركزة ولكن للأسف، فهى غرف خاوية لا يوجد بها سوى بعض المكاتب فقط واقترح شوارب أن يتم تجهيز المستشفى بوحدات للغسيل الكلوى لتقليل الضغط عن مستشفى أوسيم المركزى. مواطن درجة تالتة أمام أبواب المستشفى اشتكى خضر مصطفى أحد سكان القرية من سوء الخدمات الطبية المقدمة للأهالى، مؤكداً أن مركز «طب الأسرة» ببرطس يعمل بطريقة عشوائية أو يكاد يكون متوقفاً، كما أنه لم يتم افتتاحه بشكل رسمى حتى الآن نظراً لأنه لم يقدم الخدمة التى أنشئ من أجلها وهو مستشفى مركزى، حيث طالب نواب البرلمان بتحويل المستشفى إلى مركزى ولكن دون جدوى. وأضاف أن المستشفى يتكون من طابقين ويشتمل على 155 غرفة، ويوجد بها ثلاث غرف عمليات جراحية كبيرة ومتوسطة وصغيرة وجناح طبى وقائى كامل ومشرحة وثلاجة لحفظ الموتى، وقسم للولادة وقسم خاص بطب الأسرة وقسم للعيادات، يشمل تخصصات رمد وجلدية وتناسلية وباطنة وأسنان وجراحة ونساء وعظام وحجرة مناظير وأطفال وقسم تنظيم الأسرة وقسم رعاية الأمومة والطفولة وقسم خاص بالنفايات الخطرة وقسم للتطعيمات، ومتوفر بالمستشفى ثلاثة مصادر للتيار الكهربائى، يتم إدارتها بشكل سيئ. واشتكى «خضر» من غياب الأطباء عن المستشفى بشكل دائم رغم تقاضيهم مرتباتهم بانتظام مؤكدا أن ما يحدث هنا هو أكبر مثال على الإهمال. أما سعاد حسن، فترى أن المستشفى يخدم الحوامل فقط، وبسعر رمزى جنية واحد وعن قرار بيعها أكدت أن وزير الصحة لا ينظر إلى حال الفقراء بدل ما يبحث عن طريق لتطوير المستشفيات لجأ للبيع أو ما يسمى «الخصخصة»، فالأولى له أن يبحث تغيب الأطباء عن المستشفيات رغم تقاضيهم مرتبات مرتفعة.