هذه صورة صارخة لإهدار المال العام تتجسد في مستشفي برطس الذي يمتد عمره الي ما يقرب من30 عاما وكان يجري به العمليات الصغري ويقدم الاسعافات اللازمة لأهالي المنطقة.. وفي عام2000 تم هدمه بهدف التطوير والتجديد واستمرت اعمال التطوير لمدة خمس سنوات بتكلفة مالية وصلت الي24 مليون جنيه شاملة الإنشاءات والتجهيزات علي أعلي مستوي من التقنيات الحديثة.. وفوجئ أهالي المنطقة بعد ذلك بلافتة تعلو المستشفي بأنه مركز صحة الأسرة ببرطس ليقتصر دوره فقط علي خدمات تنظيم الأسرة وتطعيمات الأطفال!! الأهالي بالقطع في حيرة من أمرهم وشكواهم تعبر عنها السطور التالية حيث يقول مهدي رجب أحد سكان المنطقة إن هذا المستشفي هو صرح كبير بمعني الكلمة وهو مقام علي مساحة تتعدي2000 متر مربع ومكون من طابقين قابلين للتعلية ومصمم علي أحدث طراز ويتكون الدور العلوي من2 غرفة عمليات كبري وصغري وقسم حضانات وقسم عناية مركزة وسكن أطباء وآخر للتمريض علاوة علي القسم الداخلي الذي يسع أكثر من75 سريرا بالاضافة الي الدرجات المتميزة وكذلك قسم للولادة وآخر للعظام.. والطابق الأرضي يتكون من قسم الاستقبال وبه حجرة عمليات صغري وطوارئ وقسم خاص بطب الأسرة وآخر بالجناح الوقائي وقسم للعيادات يشمل تخصصات رمد وباطنة وأسنان وجراحة ونساء وعظام وحجرة مناظير وجلدية وتناسلية وأطفال وقسم تنظيم الأسرة وقسم رعاية الأمومة والطفولة وقسم للتطعيمات وقسم خاص بالنفايات الخطرة.. أما عن التجهيزات فتشمل غرف العمليات وقسما للأشعة العادية والموجات فوق الصوتية علاوة علي المناظير وكذلك يوجد مطبخ تعليمي ومغسلة سعة300 كيلو جرام ومشرحة وثلاجة لحفظ الموتي.. ويوجد بالمستشفي كذلك نظام للنداء الآلي والإنذار المبكر للحرائق والذي يشمل كل المستشفي ومتوفر لها عدد3 مصادر للتيار الكهربائي.. وهذا المستشفي لم يتم تسليمه بعد لوزارة الصحة ولكننا فوجئنا بهذه اللافتة التي تعلوه وتشير الي أنه مركز طب أسرة وليس وحدة ريفية.. مع العلم أنه قبل الإحلال والتجديد كان يعمل مستشفي قرويا يجري به جراحات عديدة.. ويقول محمد موسي أحد أهالي المنطقة إننا نناشد المسئولين أن يقوموا بافتتاح هذا الصرح الكبير كمستشفي عام أو مركزي أو تخصص أو جراحة اليوم الواحد لأن افتتاحه كمركز صحة للأسرة يعني استخدام عدد قليل من الحجرات الموجودة في الطابق الأرضي فقط وتظل بقية غرف المستشفي مغلقة علي هذا الكم الهائل من الاستثمارات والأجهزة الموجودة بداخله منذ عامين تقريبا دون أدني استفادة. وهنا يلتقط محمد أبو خضرة أحد سكان المنطقة خيط الحديث ليضيف أننا بالفعل في أشد الحاجة الي هذا المستشفي لتقديم خدمات طبية لأهالي المنطقة بل إنه يخدم10 مناطق متجاورة هي برطس وبهرمس والقراطيين وصيدا وعزبة الأبعادية وسقيل و طناش وعزبة الجمل والمنصورية والزاوية وسكان هذه المناطق لا يقل عددهم عن200 ألف نسمة ويعانون معاناة شديدة من نقص الخدمات الصحية وعدم وجود خدمة طبية متكاملة حتي في مستشفي أوسيم العام الذي نلجأ اليه ونفاجأ بمطالبتنا بشراء أي مستلزمات طبية كالشاش أو خيوط الجراحة وخلافه وذلك ناهيك عن أنه يقوم بتحويل90% من الحالات التي تأتي اليه الي معهد ناصر أو الي قصر العيني!! عمرو نبيل أحد السكان يشير ايضا الي أنه لا يوجد مكان للانتظار في مستشفي أوسيم ومنذ أشهر قليلة كادت زوجتي تتعرض لانفجار الزائدة بعد أن ظللنا ننتظر لأكثر من ساعتين لتوقيع الكشف الطبي عليها.. أما الوحدات الصحية المنتشرة في القري فلا مجال للحديث عن مدي القصور والإهمال فيها سواء علي المستوي البشري من حيث عدم توافر الأطباء وإن وجدوا فهم ليسوا أكفاء أو علي مستوي التجهيزات التي تعجز عن تقديم أي اسعافات أولية لأي زائر.. طه عتابي من سكان المنطقة يؤكد أن هناك العديد من حالات الوفيات تحدث نتيجة هذا الوضع المتدني من الخدمات الصحية وبالذات فيما يتعلق بالإسعافات الأولية أو الجراحات العاجلة.. فهل من المعقول أن أتوجه كل أسبوعين لأصحب والدي المسن(65 عاما) الي مستشفي العمرانية للتغيير علي جهاز سحب الصديد من الرئة الذي قام بتركيبه منذ عدة أشهر نظرا لأنني لا أجد من يقدم لنا هذه الخدمة في المنطقة أو حتي في المناطق القريبة؟ ويلفت جمال حسون الانتباه الي جزئية أخري مهمة وهي أن هذه المناطق تقع علي مقربة من الطريق العام والطريق الدائري الذي يربط خمس محافظات.. وبالتالي فلنا أن نتوقع حجم الحوادث التي نتعرض لها أو يتعرض لها أبناؤنا أثناء ذهابهم أو مجيئهم من المدارس.. ومن هنا فنحن بالفعل في أشد الحاجة الي تحويل هذا المستشفي الي مستشفي عام أو مركزي لأنه الأقرب الينا والأولي بتقديم رعاية صحية متكاملة لنا وتلك هي أبسط حقوقنا.. فهل نجد استجابة لدي المسئولين؟ سؤال يتوجه به أهالي قرية برطس والقري المجاورة لها بالجيزة ونضم صوتنا اليهم بنفس المطلب حتي لا يذهب المال العام أدراج الرياح؟!