فى الوقت الذى تهدد فيه نقابة الصيادلة بإغلاق الصيدليات عدة ساعات بدءاً من الشهر المقبل، وسط ضغوط شديدة من شركات الدواء لرفع أسعار بعض الأنواع من 15 إلى 50٪، يعانى أصحاب الأمراض المزمنة خاصة مرضى السرطان من اختفاء الأدوية اللازمة لعلاجهم، وإذا ما عثروا عليها بصعوبة فى السوق السوداء يجبرون على شرائها بأسعار مضاعفة ترهقهم مادياً ونفسياً والشماعة الجاهزة دائماً ارتفاع أسعار الدولار، ونقص المادة الخام الفعالة. والخطير أن الكارثة لا تقتصر على القاهرة والجيزة وإنما امتدت إلى أكثر من 19 محافظة، فضلاً عن توقف الشركات عن تزويد المستشفيات والمعاهد الكبرى مثل معهد الأورام وقصر العينى ومعهد ناصر وأحمد ماهر وأبوالريش بالمستلزمات الطبية ليستمر عذاب مرضى القلب والكبد والسكر والضغط والسرطان. ومؤخراً رصد المركز المصرى للحق فى الدواء، نقصاً شديداً فى المستحضرات الدوائية، فى أصناف تخص الأمراض المزمنة، كالضغط والسكر والكبد والمحاليل الطبية وأدوية الأورام والصرع والقلب وأنواع الأنسولين ومشتقات الدم، وبعض أنواع الخيوط الجراحية، والإبر الدقيقة وأدوية التخدير. وكشف عن غياب أكثر من 2000 صنف 77٪ منها لها مثائل أو بدائل، ولكن عدم وجود ثقافة دوائية كافية ورغم وجود 13500 صنف إلا أن أى نقص فى أى صنف يعتبر اعتداء على حقوق المريض. ويؤكد مسئولون بقطاع الدواء أن الأزمة لا تمثل فى شح الدولار لتوفير الأدوية، ولكن فى تحرير سعر الصرف وتكبد غالبية الشركات الأجنبية التى تعمل فى قطاع الأدوية المصرى خسائر حادة، خاصة أن الفترة الحالية تشهد تحويل أرباح هذه الشركات إلى الخارج. وقال محمود فؤاد، المدير التنفيذى للمركز المصرى لحماية الحق فى الدواء، إن أزمة اختفاء الدواء تهدد حياة الملايين من البسطاء، مؤكداً أن هناك تسعة عشر محافظة، تعانى من نقص الدواء، وأن هناك توقفاً من شركات الأدوية عن توريد احتياجات المستشفيات المعهد القومى للأورام، ومستشفيات الحسين الجامعى، وقصر العينى، والمنيل الجامعى، ومعهد ناصر وأحمد ماهر والهلال والأطفال الجامعى (أبوالريش والمنيرة والياباني) وهذا يعد كارثة إنسانية، بكل المقاييس. كما أن هناك اختفاء لنحو 55 صنفاً من الدواء، ليس لهما بدائل، وهى أصناف حيوية خطيرة وتوصف أنها منقذة للحياة حيث يوجد نقص تام لعدد من أصناف أدوية الطوارئ التى ينص دستور الأدوية العالمى على توفرها. وقالت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة، إن هناك أزمة حقيقية فى نقص بعض الأدوية، مشيرة إلى أن هناك زيادة فى أسعار بعض الأدوية، مؤكدة أن ارتفاع الدولار، سوف يجبر الدولة لرفع سعر الأدوية، لافتة إلى أن استمرار الأسعار الحالية سيؤدى إلى إغلاق كثير من شركات ومصانع الأدوية بسبب الخسائر التى تحققها، جراء تعويم الجنيه. ورأت عضو لجنة الصحة، أن أسعار الأدوية سوف ترتفع بنسب سوف تكون فى متناول أيدى البسطاء من المصريين، حيث يتم رفع الأصناف التى تحقق شركاتها خسائر كبيرة، لتحقق هامش ربح بسيطاً، مقابل خفض أسعار الأدوية ذات الربح المرتفع، بحيث يكون هناك نوع من أنواع التوازن. وأكدت أن ارتفاع أسعار الأدوية سوف يكون له تأثير غير محمود على الفقراء، مشيراً إلى أن لجنة الصحة سوف تطالب الوزارة لتوفير الأدوية فى المستشفيات الحكومية، بحيث يكون الاحتياج للصيدليات الخارجية فى أقل الحدود. وأكد الدكتور سامى المشد، عضو لجنة الصحة، أن النسبة التى تطالب بها شركات الأدوية برفع الأسعار 50٪ غير معقولة، مطالباً بمراجعة جميع أسعار الأدوية، بعد تعويم الجنيه، مؤكداً أن شركات القطاع العام، هى الأكثر تضرراً، من ارتفاع سعر العملة الصعبة فى البلاد، موضحاً أن وزير الصحة لم يخطط لإعادة تلك الشركات لتعمل بالطاقة الكاملة، مشيراً إلى أن وزير الصحة يتجه لتدعيم الاحتكار فى صناعة الأدوية. وأضاف عضو لجنة الصحة أن البسطاء فى الدولة قربت تخلص عليهم، فى إشارة منه إلى مدى معاناتهم من نقص الأدوية وارتفاع الأسعار فى جميع السلع فى الفترة الأخيرة، مطالباً الحكومة بتوفير الأدوية لأصحاب الدخل المحدود. وأشار «المشد» إلى أن الحل فى حدوث انفراجة فى أزمة الأدوية المتجددة فى الوقوف إلى جانب شركات القطاع العام، وإعادتها إلى مكانتها، مشيراً إلى أن تلك الشركات هى من ستقوم بتوفير الأدوية الآمنة والمنخفضة للمواطن، مضيفاً أن هناك اتفاقاً حول رفع أسعار بعض الأدوية التى تخسر فى الوقت الحالى، مضيفاً أن أسعار الأدوية تم تسعيرها سابقاً تسعيراً عشوائياً، مؤكداً أن لجنة الصحة فى انعقاد دائم لمناقشة سبل الخروج من تلك الأزمة. ويقول الدكتور محمد عزالعرب، المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن عدم وضوح الرؤية فى السياسات الخاصة بالدواء يمثل سبباً رئيسياً فى الأزمة، ويضيف: لقد اضطرت الحكومة إلى رفع سعر 7000 صنف دوائى فى مايو الماضى ولم يتم حل الأزمة بسبب تعويم الجنيه، ولذا لأن يكون هناك رؤية واضحة لدى الدولة للتعامل مع أزمة الدواء بعيداً عن أسعار الصرف خاصة أن أسعار الدولار لا تستقر مشيراً إلى أن اختفاء الأدوية خلق سوقاً سوداء للأدوية، كما أن الحديث عن وجود ارتفاعات قادمة فى أسعار الدواء جعل التجار وبعض الصيادلة يلجأون إلى تخزينها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة. وأكد عزالعرب أن هناك الكثير من التحذيرات التى أطلقها المركز، بسبب تعويم الجنيه، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار الأدوية، كان شيئاً متوقعاً، مطالباً الحكومة بتقديم الكثير من التسهيلات لشركات الأدوية، سواء فى تخفيض فواتير الكهرباء، وتقديم العديد من التسهيلات التى تراها الشركات والحكومة. وحذر عزالعرب من النقص الشديد فى بعض أدوية الأمراض السرطانية، مؤكداً أن أسعارها تضاعفت وارتفعت ارتفاعاً كبيراً بسبب استيرادها من الخارج، مطالباً الدولة بسرعة توفير أدوية السرطان، مشيداً بدور وزارة الإنتاج الحربى حالياً بالتعاون مع شركة فاكسيرا وشركة فراكو للتعاون القائم الآن لإقامة مصنع كبير لإنتاج أدوية السرطان داخل مصر وهو ما يعد خطوة مهمة لمواجهة الأزمة وتوفير 90٪ من أدوية السرطان للمرضى. وأوضح المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن هناك العديد من السياسات التى نحتاج إلى تطبيقها بشكل عاجل لحماية صناعة الدواء منها الرقابة على السوق لمواجهة السوق السوداء للدواء هذا بجانب الجلوس على مائدة مستديرة بين المسئولين وقطاع الصيدلة لبحث أزمة الدواء ووضع أولويات لحل الأزمة. مشيراً إلى أن غرفة صناعة الأدوية اتحاد الصناعات قد طالبت بزيادة أسعار 30٪ من الأدوية كل عام بنسبة 50٪ حتى يتم رفع الأسعار تدريجياً كى لا يحمل عبئاً على المواطنين، ومن الممكن تقسيمها بحيث يتم رفع 15٪ من المنتجات الدوائية كل 6 أشهر، وذلك بعد تحرير سعر الصرف وبعد ارتفاع سعر الدولار بنسبة 100٪.