احتفلت سلطنة عُمان أمس بالعيد الوطنى السادس والأربعين الذى يتوج إنجازات نحو نصف قرن. وفى مجال السياسة الخارجية يؤكد السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان دائما أن علاقات السلطنة مع دول الجوار راسخة ووطيدة وقائمة على التعاون والتنسيق المشترك، لما فيه الخير لكافة شعوب المنطقة. وهى تنطلق من أسس ومبادئ واضحة وراسخة تقوم على العمل الجاد، والواضح والصادق أيضا، من أجل السلام والاستقرار وفى ظل علاقات تعكس عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، واحترام سيادتها، وبذل الجهود لحل أية خلافات بالطرق السلمية والالتزام بمبادئ حسن الجوار، ليس فقط لصالح السلطنة، ولكن لتنعم مختلف دول وشعوب المنطقة من حولها بالسلام الاستقرار، وذلك إدراكا منها لحقيقة أن التنمية لا تتحقق عادة إلا فى ظل هذا المناخ الإيجابى. لذلك تحرص السلطنة- وعلى مدى سنوات - على بذل مساعيها الحميدة، وجهودها المخلصة لحل الكثير من الخلافات، وبناء الجسور بين الاشقاء والأصدقاء، والتقريب بين وجهات النظر، بعيدا عن أية مصالح. وهو ما أوجد قاعدة قوية وراسخة من الثقة المتبادلة بين السلطنة ومختلف الدول، وهى ثقة تتجاوز وتسمو باستمرار، فوق أية محاولات أو مزاعم أو إيحاءات لتأويل مواقفها، أو قراءتها بطريقة مغلوطة وغير صحيحة، وذلك لسبب بسيط هو أنها ليست لديها أى أجندات خاصة، أو مآرب سوى الدعوة للسلام الحقيقى، ولأنها صادقة وصريحة فى جهودها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وحل الخلافات سلميا بعيدا عن الاستقطاب بكل درجاته وأنواعه. ومع احتفالات السلطنة أكدت مجموعة من التقارير الاقتصادية نجاح تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة التى تنفذها السلطنة، والتى شملت جميع المجالات وأدت إلى إقامة دولة عصرية حديثة وأوضحت هذه التقارير أن السلطنة شهدت العديد من المستجدات المهمة انطلاقا من تميز المجتمع العُمانى بالحيوية والجدية والتطلع نحو المستقبل فى ظل القدرة على مواصلة التطور على خلفية الاهتمام بالمتابعة المستمرة للجهود الرامية الى تفعيل نتائج الإنجازات التى استهدفت استثمار كافة الثروات المتاحة مع تنميتها وفى مقدمتها الموارد البشرية التى يعد الشباب فى موقع القلب منها، وذلك فى إطار السياسات الثابتة التى يوجه بتنفيذها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان والتى تعتبر ان الإنسان هو هدف التنمية الأساسى. مناطق اقتصادية متكاملة من جانبهم يؤكد المحللون الاقتصاديون أن الواقع العملى يشهد تطبيقات فعلية لكل هذه الرؤى وهى تتجسد بالفعل فى العديد من المشروعات التنموية، وفى مقدمتها مجموعة من المناطق الاقتصادية المتكاملة التى ستتحول تدريجيا إلى مراكز إنتاج ضخمة. على ضوء ذلك تعد تلك المناطق ركيزة أساسية فى خطة التنمية الخمسية التاسعة التى بدأت فى مطلع العام الحالى، وتستمر حتى سنة 2020 (2016 – 2020)، ثم الخطط التالية لها، للإسهام فى زيادة معدلات الإنتاج وتحقيق الرخاء فضلا عن تعزيز مكانة السلطنة كموقع ومركز دعم لوجيستى حيوى ليس فى المنطقة فحسب وإنما على المستوى العالمى أيضا. 30 مشروعًا جديدًا فى إطار التطوير المستمر تم توقيع اتفاقية لإنشاء مدينة صناعية بمواصفات عالمية بمنطقة الدقم الاقتصادية، وتبلغ استثمارات مشروعاتها حوالى 10 مليارات دولار، وتقام على مساحة تتجاوز ألف هكتار، وتضم أكثر من 30 مشروعا ذات طابع صناعى تتصدرها مصفاة للنفط. نتيجة لذلك ستشغل منطقة الدقم موقعا استراتيجيا على خريطة المدن الاقتصادية العالمية. من جانبها منحت الهيئة المشرفة عليها، خلال الربع الأول من العام الجارى، مجموعة من الشركات المحلية والعالمية حقوق الانتفاع لتشييد مشروعات عديدة ضمن خطتها لتطوير المنطقة وتحقيق أهداف التنويع الاقتصادى. بلغت قيمة الاستثمارات الجديدة التى أعلن القطاع الخاص أنه سيضخها فى الدقم حوالى تسعة مليارات دولار، وستوفر عند اكتمالها الآلاف من فرص العمل. وتضمنت المشروعات تشييد واجهة سياحية تضم فنادق ومركزا تجاريا ومجمعات سكنية ومركزا ترفيهيا وحديقة ألعاب مائية وعددا من الخدمات والتسهيلات السياحية المتنوعة . تعد منطقة الدقم من أهم المراكز اللوجستية. ومن المقرر أن تسهم وحدها بنحو 5% من الناتج المحلى الإجمالى اعتبارا من عام 2020 أى بعد أقل من أربع سنوات. وتشمل مشروعاتها المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والعلمية، وهى ستكون الأكبر فى الشرق الأوسط ويتوقع أن تؤدى دورًا عالميًا بارزًا.