أكد عدنان أحمد يوسف، رئيس اتحاد المصارف العربية الأسبق، ورئيس مجلس إدارة بنك البركة مصر، أن قرار تعويم الجنيه المصرى أعاد الثقة فى الاقتصادى المصرى، ويعطى ثقة فى الاستثمار الأجنبى، ويؤدى إلى زيادة الصادرات وتكوين الاحتياطات من العملة الأجنبية. وأضاف أن نجاح القرار مرهون بتوفير البنوك العملات الأجنبية حتى لا يلجأ راغبو هذه العملات إلى السوق السوداء، إضافة إلى حزمة متكاملة من خطوات الإصلاح الاقتصادى. من واقع خبرتك كمصرفي عربى، ورئيس أسبق لاتحاد المصارف العربية، وتجربتك فى السوق المصرية، كيف تنظر إلى خطوة تعويم الجنيه؟ - فى البداية تعويم الجنيه المصرى مثل أى خطوة إصلاحية نقدية أو مالية أو اقتصادية لا يمكن إلا أن يكون لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وواجب السلطات النقدية أن تعمل على التقليل من الجوانب السلبية قدر الإمكان. وتعويم العملة وفقًا لما يتم تعريفه اقتصاديًا هو جعل سعر صرف هذه العملة محررًا بشكل كامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو المصرف المركزى فى تحديده بشكل مباشر. وإنما يتم تحديده تلقائيًا فى سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب التى تسمح بتحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. وتتقلب أسعار صرف العملة العائمة باستمرار مع كل تغير يشهده العرض والطلب على العملات الأجنبية، حتى أنها يمكن أن تتغير مرات عدة فى اليوم الواحد. ولكى يحقق قرار تعويم العملة يجب أن يكون جزءًا من حزمة من الإصلاحات المتزامنة والمكملة. هناك مدارس فيما يخص تعويم الجنيه، فماذا يرى المدافعون عن تعويم الجينه؟ - يرى المدافعون عن نظرية تعويم العملة أن تحرير أسعار الصرف سيجعلها تعكس الأساسيات الاقتصادية لمختلف البلدان (النمو، الرصيد التجارى، التضخم، أسعار الفائدة)، وسيقود ذلك بالتالى إلى إعادة التوازن للعلاقات التجارية وحسابات المعاملات الجارية باستمرار وبشكل آلى. كما أن تحديد سعر العملة من قبل البنك المركزى يتطلب استعداد البنك للتدخل فى أى وقت للدفاع عن هذا السعر، وهذا يقتضى بدوره أن يكون لدى البنك كميات كبيرة وكافية من الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى يرتبط بدوره بتوفر أنشطة تصديرية سواء سلعية أو خدمية مولدة للحصول على العملة الأجنبية كالصادرات السلعية والسياحة وتحويلات العمالة فى الخارج وغيرها. تم ربط قرار التعويم بحصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي؟ - صحيح أنه تم ربط القرار بالشروط التى طالب صندوق النقد الدولى بتنفيذها لمنح مصر تمويلاً بقيمة 12.5 مليار دولار، إلا أن هذا لا ينفى أن الاقتصاد المصرى كان بحاجة لمثل هذه الخطوة من الناحية الاقتصادية والنقدية. وكيف ترى قرار التعويم؟ - قرار تعويم الجنيه المصرى هو جزء من استعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى وتحقيق الاستقرار النقدى، حيث إن هذا القرار يستهدف تصحيح سياسة تداول النقد الأجنبى واستعادة تداوله داخل القنوات الشرعية وإنهاء السوق الموازية للنقد الأجنبى تماماً، وذلك بإعطاء مرونة للبنوك العاملة فى مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبى طوال أيام الأسبوع. كما أنه سوف يسمح للبنك المركزى بإعادة بناء الاحتياطات الأجنبية لديه ويخفف شروط التصدير والاستيراد. بالإضافة إلى أن القرار يأتى فى سياق البرنامج الأوسع للإصلاح المالى والهيكلى الذى أعلنته الحكومة المصرية وجارى تنفيذه بإحكام لتخفيض عجز الموازنة والدين العام من خلال استكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومى وخفض الواردات خاصة الاستيراد العشوائى وزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى وبرنامج تحفيز البورصة المصرية والذى تم مؤخراً اتخاذ العديد من القرارات النافذة بشأنه من قبل المجلس الأعلى للاستثمار. البعض يرى أنه سيعمل على جذب الاستثمار الأجنبي؟ - القرار من شأنه استعادة ثقة الاستثمار الأجنبى فى الاقتصاد المصرى وزيادة الصادرات المصرية وتوفير المواد الخام المستوردة للتوسع فى مجال الصناعة من أجل التصدير. من واقع خبرتك كرئيس لمجلس إدارة بنك البركة مصر ما هى آثار القرار السلبية على البنوك؟ - القرار سوف يحدث بعض التقلبات القصيرة المدى فى بعض بنود الميزانية التى لها علاقة بالدولار أو العملات الأجنبية الأخرى، إلا أنه فى المدى المتوسط سوف يوفر استقراراً أكبر للميزانية والأرباح لكون الجنيه سوف يبتعد عن المضاربات وسوف يتحرك فى نطاق هامش ضيق نسبياً. كما أن عمليات البنك فى التمويل التجارى والخزانة سوف تنشط بصورة أكبر نظراً لرفع القيود على هذه الأنشطة والتى كانت مرتبطة بمحدودية توافر العملة الأجنبية لدى البنك المركزى. ما التحديات التى تقف أمام نجاح التجربة؟ - نجاح التجربة مرهون بقدرة البنوك على توفير العملة الأجنبية باستمرار وإلا سيلجأ الأفراد والشركات إلى السوق السوداء مرة أخرى. إلى جانب ضرورة أن تكون هذه الخطوة جزءاً من حزمة أكبر للإصلاح الاقتصادى، والحكومة المصرية اتخذت مجموعة من الإجراءات، كبرنامج تكامل وكرامة، وبرنامج معاش الضمان الاجتماعى، إضافة إلى توفير 200 مليار جنيه كقروض للمشاريع الصغيرة وتوفير مليون وحدة سكنية للشباب، ورفعت قيمة الدعم المقدم للمواطن وذلك كإجراءات احترازية لتقليل تأثيرات القرارات الاقتصادية الصعبة. ورفعت سعر الفائدة على الودائع ثلاث نقاط من أجل تعزيز قدوة البنوك على سحب العملة من السوق الموازى والسوداء وإدخالها ضمن النظام المصرفى. وما هو تأثيره على أسعار السلع؟ - هناك نوعان من المستوردين: القطاع الخاص والقطاع العام. فبالنسبة للسلع التى يستوردها القطاع الخاص، وبخلاف ما يعتقد فإن تحرير العملة يمكن أن يسهم فى خفض أسعارها لأن هذا القطاع يمكنه الآن الحصول على العملة الأجنبية التى تمول عمليات الاستيراد من خلال البنوك بأسعار تقل عن أسعارها التى كانت متداولة فى السوق السوداء. أما بالنسبة للسلع التى يستوردها القطاع العام، فمن المتوقع أن ترتفع أسعارها لأن القطاع العام كان يحصل على الدولار من البنوك الرسمية بسعر لا يمثل قيمته السوقية الحقيقية. هل للمصرفيين العرب دور فى مساندة خطوات مصر لإصلاح الاقتصاد؟ - واجبنا كمصرفيين عرب أن نوفر كل الدعم الممكن للجهود الإصلاحية للحكومة المصرية لكون استقرار الاقتصاد المصرى ونموه، وبحكم ثقل ومكانة مصر عربياً، يمثل عامل استقرار قوياً ورئيسياً لاستقرار الاقتصاديات العربية وتعزيز بيئة الاستثمار الآمنة فيها مما يعزز من الأعمال التمويلية والاستثمارية للمصارف العربية.