تحل اليوم الذكرى الثالثة على رحيل أحد عمالقة الغناء وأسطورة الطرب في لبنان والعالم العربي، وديع الصافي، صاحب الصوت الجبلي الذي توفي في مثل هذا اليوم 11 أكتوبر من العام 2013، عن عمر يناهز ال 92 عامًا. والصافي من مواليد 21 نوفمبر 1921 بقرية نيحا الشوف، وينتمي لأسرة لبنانية بسيطة يغلب عليها الفقر، واسمه الحقيقي هو وديع فرنسيس، وبرغم من ذلك إلا أنه نجح في كتابة اسمه بحروف من نور في عالم الفن عمومًا وفي الغناء والتلحين على وجه الخصوص. في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي انتقل مع عائلته إلى بيروت، وهناك التحق بمدرسة دير المخلص الكاثوليكية، إلا أنه توقف عن الدراسة بعد 3 سنوات فقط، من أجل مساعدة والده في إعالة ورعاية أسرته، إضافة إلى ولعه بالموسيقى والغناء. وبدأت أولى خطواته الفنية في 1938، عندما فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا في مسابقة للإذاعة اللبنانية في أغنية «يا مرسل النغم الحنون»، ووقتها اختارت له اسمه الفني الذي استهر به «وديع الصافي»، وذلك لنقاء صوته وصفائه. وواصل الصافي خطواته في عالم الفن، فبعد فوزه بجائزة الإذاعة اللبنانية، التحق بمعهد موسيقي التابع لإذاعة الشرق الأدنى، وفيها تتلمذ على يد ميشال خياط وسليم الحلو، اللذين ساهما بشكل كبير في تكوين شخصيته الفنية، التي نجحت في ترسيخ قواعد الأغنية اللبنانية ونشرها. وحرص وديع من خلال أغانية على إبراز الهوية اللبنانية، وكانت البداية مع «طل الصباح وتكتك العصفور» سنة 1940، والتقى بموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في 1944، الذى قال عن الصافي حين سمعه يغني «من غير المعقول أن يملك أحد صوتًا كهذا». وبدأت مساعيه لنهضة الأغنية اللبنانية على أرض الواقع في أواخر الخمسينيات، من خلال العمل المشترك مع العديد من الموسيقيين، انطلاقًا من مهرجانات بعلبك التي جمعته ب فيلمون وهبي، والأخوين رحباني، وذكي ناصيف. وفي 1978 جاء وديع الصافي إلى مصر، وذلك عند قيام الحرب اللبنانية، وبعدها اتجه إلى بريطانيا ثم باريس، التي استقر فيها لمدة عام، وكان سفره اعتراضا على الحرب الدائرة في بلاده. وقدم وديع الصافي أكثر من خمسة آلاف أغنية وقصيدة، لحن معظمها، كما غنى لملحنين آخرين منهم «فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، والإخوان رحباني»، وكانت له بعض المشاركات في السينما من خلال أفلام «غزل البنات، الخمسة جنيه، نار الشوق». ويحمل الصافي ثلاث جنسيات أخرى غير جنسيته اللبنانية وهم « المصرية والفرنسية والبرازيلية»، ومن الألقاب التي يشتهر بها «صاحب الحنجرة الذهبية وصوت الجبل»، وشارك في عدد من المهرجانات الغنائية منها مهرجان «بلعبك، الأرز، وبيت الدين». وتم تكريمه من أكثر من دولة ومؤسسة وجمعية، فحصل على ستة أوسمة استحقاق لبنانية منها وسام الأرز برتبة فارس، كما منحته جامعة "الروح القدس" دكتوراه فخرية في الموسيقى عام 1991. ومن أشهر أغانيه« دار يا دار، على رمش عيونها، الليل يا ليلى يعاتبني، ويا عيني على الصبر، ويا ابني بلادك، شاب الهوى وشبنا، لبنان يا قطعة سما، وموال يا مهاجرين ارجعوا، وبرغم رحيل وديع إلا أنه لا يزال خالدًا حيًا في آذان محبيه بصوته الصافي.