حدثني أمس الاول الدكتور خيرت ابراهيم وهو قارئ عزيز من القراء الاعزاء الذين أكن لهم كل تقدير واعزاز، عاتبني علي ما كتبته في بداية هذا الاسبوع بشأن سقوط قتلي ومصابين مع كل اعتصام، وكان غاضباً جداً حول تعليقي علي انه لا يجوز لحكومة الدكتور كمال الجنزوري أن تدخل مجلس الوزراء علي جثث المعتصمين. وقلت له إن القتل وإراقة الدماء شيء مرفوض ولا تقره الشرائع السماوية ولا يقبله منطق العقل والاخلاق، وأن اراقة الدماء مع أي أحد لا تجوز، وأن الحوار والرأي كفيلان وحدهما لحل أية معضلات أو مشكلات. وطال الحديث الذي انقطع بيني وبين الدكتور خيرت لاسباب خرجت عن ارادتي، وكنت أتمني لو استكمل رأيه لان الرجل كان يقطر قلبه حزناً علي ما يحدث للوطن، والفتن التي تحاك ضده، وأن هناك خبثاء مندسين وسط أي تظاهرات واعتصامات لا يريدون صلاحاً لهذا البلد وتحركهم أيادٍ في الداخل والخارج، لزعزعة الاستقرار وإشاعة الفوضي والاضطراب بين الناس.. والآن لا أحد يختلف علي ذلك ويجب علي عقلاء وحكماء الامة أن يكونوا أكثر فاعلية ونشاطا لتبصير الناس بذلك. الذي لم يعجبني في حديث الدكتور خيرت انه يدعو الي العنف مع المعتصمين وهذا مرفوض تماماً، فلا يجوز أن يقابل أي اعتصام أو تظاهر بالقوة، مهما كان منظموه - حتي لو كانوا بلطجية لا قدر الله - فالذي يجب في مثل هذه الأمور أن يجري حوار عاقل من كل الأطراف للوصول الي حقائق الامور، والعنف لا يولد إلا عنفاً، والحكمة والعقل تولد الحلول لكل المعضلات والمشكلات.. العنف يولد كراهية ويخلق أزمات ويكون له ضحايا، والحوار والعقل يأتي بالخير... وعلي الجميع تفعيل القانون فالكل سواء أمام سيادة القانون، وهو كفيل بتحقيق الامن والاستقرار، لكن أن ندع القانون جانباً ونعطيه «اجازة» كما قلت قبل ذلك، فالنتائج معروفة اذن للجميع قتلي ومصابون وإراقة دماء. وفي الاحداث الجارية حالياً هناك ظواهر بلطجة تؤكد وجود تخريب، لكن ماذا تقول مثلاً في طالب الطب الذي استشهد وكذلك الشيخ عماد أمين الفتوي؟!.. العقل يقول ان هناك نفراً وسط هؤلاء المعتصمين هم الذين يستغلون الاعتصامات والتظاهرات لإفساد مطالب الناس، وتعكير صفو الحرية والديمقراطية.. وفي المقابل غابت الحكمة عن القائمين علي شئون البلاد في التفريق بين البلطجية والمتظاهرين الثوار الاحرار. هنا اختلط الحابل بالنابل فتاهت القضية، سقط القتلي والمصابون، وضاعت مطالب المعتصمين، وظهرت الصورة البشعة للبلطجية الذين غطوا علي كل شيء... ولذلك كانت الحكمة في معالجة الامور ضرورة ملحة... ويجب التفريق بين أصحاب الحقوق والمطالب المشروعة وبين مثيري الشغب والمنادين بالفوضي. أما فيما يتعلق بعمل حكومة «الجنزوري» فلا أحد يرضي علي الاطلاق بأن تمنع الحكومة من ممارسة أعمالها في مجلس الوزراء ولا يجوز لاحد أن يمنعها من ممارسة عملها.. من حق الدكتور الجنزوري ووزرائه أن يدخلوا مجلس الوزراء. ومن حق المعتصمين أن يعتصموا وليس من حق أحد أن يهاجمهم أو يصوب تجاههم الرصاص.. الحوار العاقل هو الاهم وهو الذي يمنع اراقة الدماء وحرق الوطن.