قبل أن أكمل كلمتين يجب أن اصرح أمامكم جميعاً بأني لا أتطاول ولا أريد ولا أحب، بل لا كنت كي أتسامى لأتحدث مع أو عن قامة كبرى لا برتبة بل بمكانة ودرجة شهيد، وإن كنت قد تمنيت الأمر لنفسي مراراً وتكراراً، حتى تقادم أمر الأمنية فعلمت إني عند الله تعالى دون ذلك، ولكني استعوضت بالملحق من كتابة كلمة الحق ومحاولة إعلاء رايتها، مهما كلفني الأمر، وأسأل الله أن يتقبل مني، ولكني أعلم مكانتي لدى رب العزة، وما (المتعلق بالملحق) كمثل راكب الدرجة الخاصة الأعلى من مميزة، وإن كنت ما بين الحين والآخر أتحسس الأمنية بداخلي، وإن لم أنلها، فإن راح الأقران يتفاخرون برتبة ومكانة ووظيفة خلوت لنفسي فأخرجت من داخلي غلالة طاهرة من بين أردان القلب فيها لوحة رخامية فاخرة لكن رقيقة معطرة خفيفة مكتوب بالنورعليها بخط علوي:أمنية خاصة (الشهادة). لما مضى من سطور وفات من الاحتفاظ الأمنية التي لم أنلها، وإلا لما وصلتكم كلماتي هذه، فلست الرجل الذي يحدثكم عن الشيخ عماد عفت، ولا أحمد منصور أو علاء عبد الهادي، وهم من شهداء أحداث الجمعة والسبت الماضيين على النحو المعروف للقاصي والداني، فضلاً عن بقية الشهداء العشرة، ولكني أتوجه لواحدة من الأحياء بشعت الظلم لعيني ولعين كل حر أبي يملك روحاً حساسة شفافة تعلي من قيمة الأمانة والشرف ولايحب أن يغطي ضميره، ولو بكل ما في الأرض من متاع الحياة الدنيا. تلك الصورة زلزلتني وأنستني أين مكاني من الكرة الأرضية، فضلاً عن كوني روح مطاردة من نقيي البشر في الكون وبالتالي فهي سابحة في الفضاء تمارس التيه أم ما تزال في جسد إنساني يعرفه الناس باسم ما هنا وهناك، لقد شعرت إنني تلاشيت، فلكأني المذنب أمام عري شبه كامل لفتاة نزعت عنها عباءتها في قلب أكبر ميدان في القاهرة، على الإطلاق، ذلك الميدان الذي خرج إليه ملايين الشرفاء على مدار عشرة شهور مضت من اجل تطهير قلب الأمة العربية والإسلامية من الفاسدين المفسدين، فما كان من مجموعة من الشرطة العسكرية للأسف الشديد نزعت من قلوبهم الرحمة واالبشرية والإنسانية والذوق والأدب قبل تعاليم أي دين أو قوانين بشرية إلا أن فعلوا بفتاة، أياً ما كانت وكان انتماؤها ما لم يخطر على بال لا لشريف بل عاقل في الوجود، وبما يبقى سبة في وجهه وشامة سيئة في رثاء ضمائر جنود تخلوا عن شرف الفطرة النقية لما عروا متظاهرة لا أقول أمام العالم بل أمام أنفسهم الثكلى بخمر الأثم والانتقام المر ممن لم تمد إليهم يداً بالشر على الأقل، وهل ستحميكم شاراتكم من الله إن كانت شمائركم قد أغفت للأبد؟ إنك، أيا أختي الكريمة المحجبة لم تتعري، أقسم لك، بخالقك وخالقي تعالى غير حانث على النحو الذي أريد، وإن كنت لا أعرفك ولم أرى وجهك ولا أريد لك عنوان لما رأيت من طهر خاص منك، فحينا يلغ الكلاب في أناء طاهر حاول الحفاظ على نفسه فلم يستطع فلا تلوموا الآناء بل أطلقوا النار على الكلاب، وأنا أعتذر للكلاب، وادري تماماً ما أقول، وقد أطربنا نور الشريف، ولا وقت للالقاب، لما هتف في نهاية فيلم (سواق الاتوبيس) بميدان التحرير، ايضاً: _يا أولاد الكلب.. وكان يقصد لصوص الانفتاح الذين سرقوا منه فقط السيارة الأجرة التي كان يعمل عليها بعد الظهر فيما (قفش) أحدهم في نوبة عمله الصباحي بحافلة (أتوبيس) النقل العام وفي صورة الموظف الرسمي بالدولة الذي فقد عنوانه الأسري وماله نتيجة الانفتاح، ولكنه في عهد الرئيس الراحل السادات أبقى النظام الأسبق له على فرصة لتحسس جذوره وضرب قوى الشر ممثلة في الولد الدوبلير الذ شبع ضرباً، حتى(بق) الدم أمام مجمع التحرير، ولم نكن نعلم لما أبكانا الفيلم برحيل رب العائلة، وفض (شراكة) الزواج في حياة السائق، الممثل لكل شريف في بلدنا بأن يوماً ما سيأتي على مصر لنشاهد الفيلم فيه؛ فيما زمن رئيس آخر يتخللنا وكأننا قطرات مياه تنعدم حريتنا وكرامتنا ما بين يديه، لا كأنه هو وهم وسراب، بل إنه نجح في جعلنا نحن الوهم والسراب، وأسأل عن الأفلام الجنسية، وقد كانت وسيلة من ملايين لأخماد الحياة داخل الشباب، وقد كانت الأفلام بنمر و بدون، أي المعترف بكونها كذلك وغير المعترف، واسأل عن محلات تأجير الفيديو في الثمانينيات وبداية ومنتصف التسعينيات ومكاسبها الخرافية ثم المواقع الإباحية، بل عن الممثلة والمطربة الأشهر في عصرنا وفيلمها ال...، وجملة دول ربع مليون جنيه يا جماعة، أيام التعامل بربع المليون جنيه، هذا قبل أن تصبح الإيحاءات الجنسية جزء لا يتجزأ من أفلامنا ومسلسلاتنا وربما واقعنا ونظرة في شوارعنا تغنيك عن تراليين الكلمات ، هل الإسلاميون سيحرموننا من متعة العصر والنعمة السابغة التي ستعيدنا لزمن ألف ليلة بعدما نضجت مشاكلنا كلها فاستحقت القطف من رؤية نساء مصر بالمايوهات؟ لصوص مصر الجدد سلبونا الشعور بالكرامة ليس إلا.. وهل بعد هذا من إلا؟ شئ سهل بسيط في الحقيقة، لديهم، المجروح نعطي له حقنة، والمتوفي (قالوا ضحايا ونعم الرجال بخلوا على من هم في رحاب الله بكلمة شهداء ثم اعتذروا)، ياسادة بلا سكر ولا ريحة اعتذروا لأنفسكم، زوجة شهيد الأزهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، تقول لكم لم دلست عليها وأدعيتم إنها قالت إن زوجها نزل لمرة عارضة للميدان؟ وتقر بل كان مدمناً لذياك النزول، ثم هي تخبركم بأن الله تعالى سيأتي لها بحقها فلا تتعبوا أنفسكم أنتم، المهم حق مصر الآن، وللحقيقة فما يزال جزء ناصع بداخلي يقول بإن مندس قتله، ولكنه تمنى الشهادة على يد غير مسلم، معذرة لتطاولي على مقام الشهيد وعذري أن خلص (انتهى) كلامي عنه، والمتوفى له قبر ومن عاش ليست له كرامة. أهذا هو العري الذي تتفنن السيدات والبنات في إبرازه على شاشات المسلسلات المتحدثة عن الثورة؟ موضة هذه الايام مسلسلات وأفلام تزج بالثورة في أتونها، وفيما أنت ترقب أحداثاً مفككة تحدثك عن الجوع وما شابه لا تدري لماذا تنشر إحداهن إعلاناً عن مفاتنها على حساب دماء الشهداء، عشرات بل مئات الفتيات ستر الله بنا؟ أهذا هو العري الذي تزينه المتبلات في الأفلام؟ عفواً يا أختي الشريفة ولكنك قبحت الجسد أمام ناظري، وجعلتني قرب منحنى الكهولة من العمر أدقق فيما هو خلف الثياب، إذ إن الحقيقة مرة على الدوام فما بالك حينما تبدو ناصعة، وهي للحقيقة سابقة غريبة على من يعرف إن أجسادنا من تراب وإليه تعود، ولكن تجاه غرائب الحياة ماذا نفعل؟ نفيت الصورة من قبل لا أعرف جماعة أو مجموعة أو أتحاد أو افتئات:( كلنا آسفين يا ريس) مساء السبت، ودافعوا بضراوة عما بها من فبركة، وإنها وقعت فيما جاءت العباءة في يد الولد المجند فانفتحت كما جاءت مصر كلها في أيديكم، ومع الفجر أخذت المجالات العالمية بالصورة في فضيحة لا أظنها مسبوقة لأم الدنيا مصر. أختي الفاضلة: لا عيب فيك أنت إذ فعلوا ما فعلوا فيك بتخبط غير مسبوق، فمن ضرب لسحل لتعرية ولما ملوا غطاك أحدهم، وحيوانات الغابة حينما تصطدم سيارة ضالة احدهم يتعاونون على حمله بمنتهى الرأفة ولا يستثنون جريحاً، ولا يغير أحدهم على أنثى الآخر، أما نحن فقد مات فينا الاحساس للأسف. إنهم لم يعروك أختي الفاضلة إنما أرادوا استفزاز القوى الإسلامية ذات الصمت التكتيكي اليوم لا الاستراتيجي، فيما شبابهم يغلي وقد اصطدم بي كثير منهم على صفحتي الاجتماعية لمجرد محاولة صرف تفكيرهم عن الشعور بالذنب، فقيادات الإخوان والسلفيين، اختلفت أم اتفقت معهم في هذا الأمر رأوا في صورتك استفزازاً لنزولهم فتضيع الانتخابات منهم، وقد بقيت أيام على المجلس، وليست لكلماتي هذه أي ظلال علم الله تعالى، وقد تعلمت إن الحكمة ضالة المؤمن وإنه ما من داع لتسفيه رأي الآخرين وإن لم يتفق معنا، ولو مرحلياً، بخاصة إذا ما تعلق بدم شبابنا، ومن زاوية أخرى وللحقيقة فإنني أرى المواجهة لا محالة فيها، أما من يخفون رؤسهم في الرمال، والنعام برئ من هذا وإنما هو فعل بشري دارج كمثل الاعتداء على مغيب أو مغمى عليه مثلك. إنهم لم يعروك للحقيقة فلا تتألمي، وإنما الوحوش البشرية التي سددت احذيتها لصدرك ماتت وهي على قيد الحياة، وعرت ضمائرنا الخانعة القانعة بالظلم التي تتبرأ وتمسك بأن ما حدث لك وتناقله العالم ما هو إلا كذب لنريح أنفسنا، هل نلطم ونصرخ صائحين: وامعتصماه اللهم عجل نصر بلدنا، وألطف بنا. واحم شرفاء ثوارنا وجيشنا وشرطتنا، وعجل بوأد الفتنة المستعرة ببلدنا على نحو لايذل فيه الشريف ولا يعلو غيره.