حدثت مؤخرا بأمريكا احتجاجات كبيرة بسبب العدالة الاجتماعية، خبراء الاقتصاد في فرنسا قرروا أن الوسيلة الوحيدة لاستيعاب الأزمة المالية هي الاستعانة بالاقتصاد الإسلامي. ولا ننسي دعوة شخصيات سياسية انجليزية للاستعانة بالشريعة الإسلامية في مجالات أخري. - الثورة ليست إلا وسيلة للوصول ل «الحرية» و«الهوية».. الحرية هي أن يكون الشعب مصدر السلطات والهوية هي المرجعية اللازمة لمعرفة الصواب من الخطأ بخصوص الثوابت من السياسات العامة - علاقة الإسلام بمجالات الحياة. فإذا كان الغرب العلماني يسترشد بالإسلام في المجال الاقتصادي ونحن نعلم تدهور الغرب في المجال الاجتماعي «ترابط الأسرة، الإباحية وخلافه».. والاحتجاجات الأمريكية كانت تحمل شعارا» فلنعولم ميدان التحرير» يعني أنهم يسترشدون بثورتنا وليس فقط بإسلامنا، فأين نحن من كل ذلك الآن بعد الثورة. - لقد حسم الغرب أولا قضية الحرية والهوية بالتوافق الفكري علي العلمانية الغربية «فصل الدين عن التشريع» ثم سار في طريق النهضة من صناعة وزراعة حيث وصل للتدهور اجتماعيا واقتصاديا. لذلك نحن الآن نحتاج إلي التوافق الفكري في حد ذاته فهل يعني أننا لابد أن نتوافق علي الأسس التي توافق عليها الغرب؟ - هذا هو الخلط والتشويش الذي يعيش فيه بعض مثقفينا - عمدا أو جهلا - بسبب السطحية الفكرية والإعلام المنبهر بالغرب. تقييم الكارثة الاقتصادية الأمريكية والعالمية وفقا للاقتصاد الإسلامي: أولاً: يؤسس الإسلام للمال والاقتصاد كوسيلة - وليس هدفا - للإنتاج والتنمية لمصلحة الفرد والمجتمع وصولا للعدالة الاجتماعية بدلا من سيطرة قلة من الأفراد كما نري في أمريكا التي اخترعت ثقافة الاستهلاك بالإفراط في تكلفة الإعلانات «علي حساب المستهلك» للدعاية لشتي المنتجات ثم الشراء بالتقسيط عن طريق البنوك ليكون الناس تحت رحمة الأقساط والرؤية الاستهلاكية «العلمانية» التي يعتبرونها أساس الرواج الاقتصادي «وقد أقروا بفشلها» نحن كمسلمين لابد أن نفهم ثقافة الشراء عن طريق مبدأ الضرورة ثم مبدأ الحاجة ثم مبدأ التحسينات - بدلا من ثقافة الاستهلاك - رحم الله أميرنا عمر بن الخطاب، كان يعلم أصحابه بقوله «فكلما اشتهيت اشتريت» ولا مجال للتفصيل. ثانياً: تقوم البنوك بتقديم ضمانات للاقراض للمؤسسات والأفراد «السوق» بحجم مالي أكبر بكثير من رأس المال هذه البنوك «وهذا غير مقبول إسلاميا» وبالتالي يتم تقدير الأصول والعقارات بقيمة أكبر من الحقيقة فإذا انخفضت الأسعار يتجه الجميع للبيع وبالتالي الإفلاس. ومن ناحية أخري لا يمكن للمشترين دفع الأقساط للبائعين فيأتي دور البنوك «الضامن» التي لا تستطيع الوفاء بهذه القروض لانها أكبر من رأسمالها - وهو ما حدث بالضبط - فيحدث انهيار الأسهم بالبورصات العالمية المرتبطة اقتصاديا. ويستحيل حدوث ذلك في الاقتصاد الإسلامي ولذلك يحاولون الاسترشاد به. - لا يمكن العلاج إلا بمراجعة الرؤية العلمانية التي توجه السياسات المالية تحقيقا للرواج الاقتصادي. وحيث ان العلمانية لا تمتلك التوازن بين الفرد والمجتمع ولا بين الجانبين الروحي والمادي فإننا نتوقع تكرار الاحتجاجات الشعبية بأمريكا للافتقار للعدالة الاجتماعية بسبب سيطرة القلة من الأغنياء. ثالثا: داخل مصر، البورصة كانت قبل الثورة عبارة عن سيطرة تحالف الثروة والسلطة بهدف ثراء الكبار «القلة» علي حساب الصغار «الكثرة». معظم الكبار مرتبطون بالاقتصاد والتوجه الأمريكي «أخطر ما في القضية» الاقتصاد الإسلامي يقوم بتفعيل الرقابة لتكون البورصة مجرد آليات لجمع وتبادل الأموال وتنظيم علاقة بيع وشراء الأسهم بين المستثمرين في إطار شركات مساهمة تحت مظلة القانون «بدلا من التعامل الشخصي بالمجتمعات الصغيرة القديمة لاستهداف الإنتاج من صناعة وزراعة وخلافه وصولا لتنمية الفرد والمجتمع حسب الأهداف الاستراتيجية التي يقرها نظام الحكم المنتخب من الشعب» ليعمل علي خدمة الشعب وفقا للرؤية الحضارية المفترض أن يتوافق عليها الشعب. لا شك اننا نحتاج إلي التوافق الفكري علي إما الوصل أو الفصل بين الدين والحياة. إما تأسيس علاقة الإسلام بكل مجالات الحياة العصرية أو فصل الإسلام عن هذه المجالات، المنطق يؤكد أنه لا يوجد أي احتمال ثالث. ---------- د. حسن الحيوان رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار